أخيراً انهار التحالفquot;الاستراتيجيquot;بين اكبر قطبين في المعادلة السياسية العراقيةquot;الديمقراطي الكردستانيquot;وquot;دولة القانونquot;واعلن الزعيم بارزاني اخيرا قطيعته النهائية مع رئيس الوزراء وزعيم كتلة دولة القانونquot;نوري المالكيquot;، وجاء هذا الموقف الصارم من بارزاني تجاه الحكومة قبيل انعقاد القمة العربية في بغداد بايام ليتيح للمالكي فرصة لاظهار نفسه امام قادة العرب بانه قائد عروبي وتوجهاته عربية وليست طائفية بدليل انه يتصدى لطموحات الاكرادquot;النفطيةquot;(نفط العرب) وضغوطاتهم المستمرة في استقطاع اجزاء من الاراضي العراقية quot;العربيةquot;(الاراضي المتنازع عليها)وضمها الى اقليمهم وقد تتعرض حكومته الى السقوط وعملية سحب الثقة منها بسبب موقفه الملتزم وعدم تنازله عن الاراضي العربية(انظر الى المقابلة التي اجراها المالكي مع صحيفة quot;عكاظquot;السعودية مؤخرا كيف انه يعزف على هذا الوتر ويظهر فيها شخصيته العروبية ) ولكن لماذا قرر بارزاني في هذا الوقت بالذات تصعيد موقفه السياسي تجاه حكومة المالكي، وليس في وقت اخر، مثلا عقب تهربه المستمر من تطبيق بنود اتفاقيةquot;اربيلquot;ومن ضمنها شروط الاكراد التسعة عشر ؟، هل خروقاته المستمرة للدستور ادت الى ان يفيض بالرجل ويخرج اخيرا من جلده ويصرخ في وجههquot;كفىquot;؟ ام اراد ان ينقل الى العالم العربي حجم المشاكل والازمات التي تعاني منها حكومة المالكي العاجزة تماما عن حلها؟ او انه اراد بذلك فعلا ان يضع العراقيل امام عقد القمة العربية في بغداد وفشلها كما يدعي المالكي وانصاره ؟ طبعا هذا ليس بصحيح بدليل ان وزير الخاجية العراقي هوشيار زيباري الذي يرجع اليه الفضل في التمهيد لعقد القمة في موعدها المحدد هو من نفس حزب بارزاني وعائلته، مهما كانت الاسباب الحقيقية في تفجير الازمة الجديدة، فان حكومة المالكي تتحمل الجزء الاكبر منها، لانها تعتمد على سياسةquot;تسفير المشاكلquot;وليس تصفيرها، حتى تفاقمت وتراكمت وادت الى وضعها الحالي المتأزم الذي ينذر بكارثةquot;وطنيةquot;، على الرغم من مسؤولية المالكي فيما آل اليه الحال في العراق باعتباره رئيسا للوزراء والمسؤول الاول في البلد، فان القادة الاخرين يشاركونه ايضا في المسؤولية ومن ضمنهم بارزاني والتحالف الكردستاني بشكل ادق، لانه لم يتخذ موقفا صارما وحديا من سياسة المالكي كما اتخذه ضد ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق الذي استقال بضغط مباشر منه وخاصة بعد ان تبينت له نوايا المالكي في نقض الاتفاقيات والمواثيق وخرق الدستور، فالمعروف عن بارزاني انه سياسي ملتزم، لايعرف اللف والدوران والملاوعةquot;دوغريquot;يسمي الاشياء بمسمياتها الحقيقية ولا يصبر كثيرا على اخطاء الاخرين بحقه او بحق شعبه، وهذا غريب نوعا ما في السياسة الراهنة، ولكنه يحظى بالثقة والاحترام، وكثيرا ما تعرض اسلوبه المفاجيء وتصريحاته المباشرة الى انتقادات حادة وردود فعل قوية من قبل الاصدقاء قبل الاعداء، ولكن صمته الطويل على خروقات المالكي وثقته الزائدة بوعوده الزائفة مرة بعد اخرى، عدت خطأ استراتيجيا فادحا، اضاع على شعبه الكثير من الحقوق التي كفلها له الدستور، ولو ظل على طبيعته الصريحة المباشرة واشار الى مكامن الخطأ في سياسة المالكي بهمته المعهودة وعمل مع شركاء اخرين في وضع حد لها، ولم يدخل في متاهات السياسة والاعيبها، لحلت مشاكل كردية وعراقية عالقة كثيرة ولما وصلت الامور الى ماهي عليه الان.
كلمة اخيرة..
ان نوري المالكي يسعى جاهدا ان يحول الصراع بين الاقليم وحكومته الى صراع كردي /شيعي بسبب قضية طارق الهاشمي، ويوهم الناس ان الاكراد دخلوا في الصراع الطائفي الجاري في العراق مع السنة في محاربتهم للشيعة كما فعل مع القائمة العراقية ونجح فيه، وهذا كذب مفضوح، لان الاكراد لم يكونوا طرفا في الصراع الطائفي ولم يهتموا بهذا الامر في اي وقت..ان من المهم والضروري المبادرة الى ارسال وفد رفيع المستوى الى مراجع الشيعة الكبار في العراق ومن ضمنهم آية الله السيستاني لبيان موقف الاقليم بهذا الامر، وليوضح ان هذا الصراع ليس له علاقة بالطائفية والصراع الطائفي انما هو صراع سياسي بين جهة تدعو الى الديمقراطية والاحتكام الى الدستور وبين اخرى تكرس لدكتاتورية والحكم الفردي.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات