المشاركة العراقية الباهتة في مؤتمر اصدقاء سوريا الأخير الذي عقد في أسطنبول وتوج بالإعتراف الدولي الواسع النطاق بالمجلس الوطني السوري يمكن إعتباره المطب الأول لفشل الدبلوماسية العراقية في قيادة العمل العربي بعد مؤتمر قمة شرب الشاي و العصير الأخير في بغداد، ففي يوم المؤتمر الأول من نيسان الحالي شن رئيس حكومة العراق نوري المالكي هجوما لاذعا على ابرز دولتين عربيتين متعاطيتان مع الملف السوري وهما المملكة العربية السعودية و دولة قطر اللتان ساهمتا بقوة وفاعلية في التصدي لجرائم النظام السوري و الوقوف بوجهه و عملتا حثيثا من أجل حماية الشعب السوري من جرائم نظامه البشعة، بينما تنكر نوري المالكي لكل إتهاماته السابقة ( عام 2009 ) ضد النظام السوري و أعلنها صريحة و مباشرة و بالقلم العريض و الفم المليان بأن النظام السوري لن يسقط ؟ بل و تساءل متعجبا و مثيرا للعجب أيضا ولماذا يسقط النظام السوري ؟؟؟ تساؤل غريب و مثير للسخرية حينما يدافع أحد الذين إكتووا بجرائم نظام البعث العراقي بالدفاع عن النظام البعثي السوري صاحب الجرائم التاريخية الموثقة ومرتكب المجازر الشنيعة منذ عام 1963 و حتى اليوم و يجب أن لا ننسى أبدا جرائم المخابرات السورية في العراق، ولكن المالكي بدلا من قيادة العمل العربي المشترك نحو وحدة المواقف و المسؤوليات آثر الإنضمام العلني للأوامر الإيرانية بالوقوف مع النظام السوري المجرم وهو يخوض حربه المقدسة و المصيرية ضد شعبه!

وبذلك فقد خرج رسميا عن مقررات القمة العربية بعد أن تحول لطرف منحاز وداعم علني لجرائم النظام السوري وتتصرف حكومته تصرفات دبلوماسية مرتبكة بعيدة عن الحصافة و الرأي السليم و التقدير الصائب للأمور أو القراءات الصحيحة لما يجري من أحداث و تطورات يقف أمامها السياسي العراقي متخشبا وهو يتشبث بشعارات و مواقف عنترية وغير متطابقة مع المصالح الوطنية و القومية العراقية، وبدلا من أن يعلن المالكي الحرب على فاشية نظام البعث السوري أعلنها حربا كلامية شعواء على السعودية وقطر ليثبت ذاتيا و على الطبيعة فشل زعامته القومية، وفشله في إرتداء ثوب غير مناسب بالمرة لقناعاته الفكرية و إنتماءاته الإيديولوجية، فالرجل من المؤمنين بنظرية حزب فاشي بمنظومة قيم و أفكار أصولية طائفية متطرفة ليس من السهل نبذها أو التخلي عنها ولو تحت ذرائع براغماتية محضة، و أعتقد أنه أمام إعتراف المجتمع الدولي شبه الشامل بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري ورفض العراق الإنضمام للمجموعة الدولية يجعل زعامته القومية المفترضة موضع شك، كما يجعل من دبلوماسيته عاجزة تماما عن التعاطي مع المتغيرات لأنها على مايبدو مرتبطة برؤى ورغبات و أوامر و نواهي الولي الإيراني الفقيه المدافع عن نظام بشار و المتخندق معه في حفرته و ندامته يشاركهم في ذلك مجاميع الشبيحة من العرب و العجم وأهل الرؤى الطائفية الضيقة و أنصار الفاشية المضمحلة وفي طليعتهم عصابة حسن نصر الله السراديبي اللبناني/ الإيراني وبعضا من الذين نعرف و تعرفون!!؟

تلكؤ الحكومة العراقية عن الإعتراف بالمجلس الوطني السوري يجعل زعامتها للعمل العربي و كأنه شيا لم يكن ؟ بل أنه فضيحة الفضائح في الموازين الدبلوماسية وفشلا ذريعا في التعاطي مع ثورة الشعب السوري التي ستنتصر في نهاية المطاف مما سيعقد الصورة الإقليمية كثيرا، وبما سيربك كل الحسابات الناقصة للسياسة العراقية المعتمدة على الفهلوة وردود الأفعال الحماسية و الخضوع لأولياء الأمر في الخارج و تحديدا من إيران وليس على القراءات المستقبلية و الدراسات الستراتيجية، فالحكومة العراقية عامرة بالمستشارين الذين لا يفقهون شيئا في التخصصات الموكلة إليهم!! وهذه من طبائع الأمور و مقتضيات الأحوال في حكومة ناقصة حتى اليوم وقائمة على التوافقات و سياسة ( شيلني و أشيلك.. و أنا بتاعك ياباشا )!!.. عدم الإعتراف الرسمي العراقي بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري سيصيب الدبلوماسية العراقية بجلطة دماغية و يعجل في فشل إدارة الصراع الإقليمي ويؤكد على متانة ( حلف نوروز ) و تفوقه على سياسة العراق العربية، لقد طبلت الحكومة العراقية و إعلامها للنتائج الهزيلة لمؤتمر ( قهوة عزاوي ) في بغداد! و مادروا بإن إدارة العمل القومي ليست كإدارة مسجد أو حسينية بل أنها تعني أشياء كثيرة لن يدرك فحواها الفاشلون والذين يهرفون بما لا يعرفون و الذين في اللغو غارقون.. دفاع المالكي البائس عن النظام السوري قد رسم النهاية لزعامة قومية كانت و ما زالت مجرد نكتة.

لقد فضحت ثورة الشعب السوري العظيمة كل أدعياء رافعي شعارات المظلومية و الدفاع عن المستضعفين!

[email protected]