تابعت على شاشات التلفزة المؤتمر الصحفي الذي عقده قادة حزب الاخوان المسلمين السوري في استانبول بتاريخ 25 آذارالجاري. لن اتوقف عند حيثيات ماجاء في ذلك المؤتمر من اهداف ووعود من الحزب للسوريين في حال تسلمهم للسلطة بعد سقوط النظام. لكنني اود الاشارة الى ما لم يتطرق اليه زعماء الحزب وهو تقديمquot;البيانات الماليةquot; والذي هو في رأيي الاهم ويٌشكل حجرالزاوية لكل من يتهيأ للجلوس على كرسي السلطة وهو امرمشروع لكل سياسي دونما شك في عالم السياسة العصرية.

القصد بالبيان المالي هو التوثيق لكل ما يملكه السياسي من اموال وارصدة في المصارف والعقارات والاملاك وو......الخ منذ الآن لمقارنتها بما سيملك في المستقبل للتأكد من انه لم يستعمل امتيازات السياسة والسلطة مطية للكسب المشروع وغيرالمشروع. تقديم البيانات المالية هوعمل روتيني للسياسيين في البلدان الديمقراطية المتطورة بل حتى في تركيا التي تستضيف اعدادا كبيرة من المعارضين السوريين والذين يتحرقون شوقاً الى تسلم السلطة بعد سقوط النظام. مثل هذا الروتين غيرمعروف في سوريا وفي باقي الدول العربية، الا ان ذلك لن يكون مبررا للهروب من هذا الواجب، لاسيما ان كل حركات وافراد المعارضة يؤكدون على بناء quot;دولة مدنيةquot;عصرية.

تقديم البيانات المالية هو امر لابد من التصريح به في الدولة المدنية. لذلك يتوجب على كل من يمارس السياسة في المعارضة الآن تقديم البيان المالي لكل ما يملك من اموال منقولة وغيرمنقولة امام الرأي العام وكتابيا مع التوقيع الى هيئات حيادية تتشكل من اشخاص معروفين بالنزاهة والاستقامة بالتوافق بين المعارضات او تصديقها من قبل كتاب العدل اوالنوتير في البلدان التي يتواجدون فيها.

لا يمكن ان نصدق من يريد اسقاط نظام ويعجزعن ايجاد وسيلة لتقديم وتصديق البيان المالي موضوع البحث لاسيما اذا كان عضوا في تنظيم حزبي. كل من يتقدم بالبيان المالي سيرفع دونما شك من رصيده من الامانة والنزاهة وبالتالي المصداقية لدى كل المواطنين. البيان سيكون مذيلاً بالتوقيع بالتنازل لكل ما لم يرد ذكره من ثروات تذهب الى خزينة الدولة مستقبلاً.

لماذا كتابة هذا الحديث؟

السبب هو العار الذي لحق بالمرحوم نجم الدين اربكان الزعيم الروحي والمؤسس لحركة الاخوان في تركيا بعد وفاته، اذ تبين ان لديه مال قارون من الثروات جمعها بعد ولوجه في السياسة والسلطة.

موضوع ثروة اربكان كان الشغل الشاغل للاعلام في الاسبوعين الاخيرين وذلك بعد الخلافات التي حدثت بين نجله السيد فاتح وشقيقاته وعلى رأسهن السيدة زينب على توزيع الثروة وحرمانها حيث ظهر ان اربكان لم يصرح في بيانه المالي بكل ما يملك بل اخفى قسما هاما، وهو موضوع الخلاف في الاسرة.

لنلق نظرة على ماجاء في جريدة quot;الوطنquot; التركية حول الموضوع، علما ان الخبر نشرته كل الصحف تقريبا ونقلته الشاشات التلفزيونية ايضاً. وسأحاول الاختصار: quot;اول بيان مالي قدمه المرحوم اربكان كان في عام 1969 وذلك بعد ان اصبح عضوا في البرلمان لاول مرة واصبح لاحقاً نائبا لرئيس الوزراء عام 1974. كل ماكان يملكه المرحوم حينها كان:

ــ شقة في حارة الفاتح في استانبول.
ــ سيارة عادية.
ــ اسهم بمقدار 3200 ليرة تركية في شركة المحرك الفضي.
ــ الراتب كنائب في البرلمان.

البيان المالي الذي قدمه اربقان من الثروة عام 1994 كان كالتالي:
ــ سبع قطع من اراضي للبناء بمقدار17673 متر مربع في انقرة وبالي كسير.
ــ ست شقق في انقرة واستانبول وازمير.
ــ اراض بمساحة 40000 مترمربع وعليها فيلا بمساحة 216 متر مربع وثلاثة بيوت خاصة للاصطياف.
ــ 421 الف دولار.
ــ532 الف فرنك سويسري.
ــ 611 الف مارك الماني.
ــ 148 كيلوغرام من سبائك الذهبquot;.

عام 1997 اصبح اربكان رئيسا للوزراء وتم طرده بعد عام، ويبدو ان العسكراستفادوا من نقطة ضعفه وهي جشعه في جمع الثروات مستفيدا من الامتيازات المتاحة له في المنصب والسياسة. في الواقع يتمتع كل السياسيين بهذه الامتيازات في تركيا ليستعملها العسكر ضدهم عندما يقتضي الامر.

نفس السبب كان وراء ترك الثلاثي رجب طيب اردوغان وعبدالله غول وبولند آرينج في الانفصال عن اربكان وتشكيل حزب العدالة والتنمية.

الثروات التي اخفاها اربكان، اي التي لم يأتي على ذكرها في البيان والذي فجرالعراك بين افراد الاسرة:

ــ قصرعلى المضيق في استانبول سعره الحالي 12 مليون دولار.
ــ بناء مؤلف من 11 طابقاً في انقرة.

السيدة زينب اربكان اقامت الدعوى امام المحاكم للحصول على حصتها من الغنيمة.

تقديم البيانات المالية مطلوب من كل المعارضين وبشكل خاص في هذا الظرف التاريخي حيث يعرف الجميع ان الملايين من الدولارات تتدفق على كل المعارضات من امريكا واوربا وتركيا وروسيا والسعودية والخليج.....الخ.

ماهو رأي الكاتب فهمي هويدي، وكان من القريبين من المرحوم اربكان، وله كتابات كثيرة، رفع فيها اربكان الى مصاف الاولياء الصالحين؟

طبيب كردي سوري
[email protected]