يُكتب هذا الجزء من مقالتنا بالتزامن مع وصول الدفعة الثالثة من سكان أشرف إلى مخيم ليبرتي في اطار حل سلمي وإثر التطمينات المعطية من قبل الوزيرة هيلاري كلينتون والأمين العام للأمم المتحدة ووعودهما بأن ليبرتي لن يكون سجنا للأشرفيين.. وقد تحدثنا في الحلقة الأولى عن laquo;تكرار كارثة إنسانية أخرىraquo; وأي كارثة من المقرر ان تتكرر؟

في حينها وقعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد غزو العراق اتفاقية مع سكان أشرف عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة تعهدت فيها بتأمين حماية السكان حتى تحديد المصير النهايي لهم مقابل نزع اسلحتهم ولكن هذه الدولة العظمى انتهكت هذه الاتفاقية وأحالت حماية أشرف إلى القوات العراقية مخالفة بذلك جميع تعهداتها والاعراف الدولية.. وفور إستلام الحكومة العراقية ملف حماية أشرف شرعت بادخال اتفاقياتها مع طهران حيز التنفيذ وبدأت سلسلة ممنهجة من الممارسات القمعية على 3400 إنسان اعزل في أشرف.، وحُرم السكان بشكل خاص من الاستمرار في الاعمال الانتاجية حيث كانوا يؤمنون تكاليف حياتهم وديمومتها من الإيرادات الناتجة عن انتاجهم وجهدهم، ووقعت أشرف تحت حصار لاانساني قاس وفوق طاقة التحمل وقد شمل الحصار المواد الغذائية والدوائية.. وغيرها من وسائل ادامة الحياة وقد توفي العديد من السكان بسبب نقص الدواء والامتناع العمد عن معالجتهم.. وفقد السكان امكانية اللقاء بذويهم ولم يعد المحامين العراقيين والعرب والاجانب بمقدورهم ان يقابلوا من موكليهم في أشرف.. وبدأ التهديدات ضد الأشرفيين التي وصلت مداها الابعد.

وللتأكيد على المؤامرات والجرائم المبيتة ضد أشرف فقد حدث في 28 من فبراير السنة نفسها أن كشف خامنئي الولي الوفقيه للديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران عن اتفاق ثنائي بين سلطته والحكومة العراقية قائلا بشكل سافر laquo;على الحكومة العراقية أن تنفذ الاتفاق الثنائي حول مجاهدي خلقraquo; وبهذا اطلق زناد جريمة شاملة ضد الانسانية على يد القوات المسلحة العراقية المدججة بالسلاح المؤتمرة بإمرة رئيس الوزراء العراقي الغرض منها ابادة سكان أشرف العزل.

ولم تمضي أربعة أشهر من التمهيد والتصريحات العلنية العدائية المحرضة على القتل والموت حتى اقدمت الحكومة العراقية على جريمة بشعة في 28 و29 يوليو في نفس العام 2009 وفي هجوم وحشي على أشرف قتلت القوات المسلحة العراقية 11 من السكان وجرحت أكثر من 500 آخرين و 130 شخصا من الجرحى اصبحوا معوقين حيث تم نقل عدد منهم إلى ليبرتي حاليا ويتحدون المشاكل الناتجة عن انعدام ادنى الحدود من الامكانيات للمعوقين والجرحى.. وجرت تلك الهجمات باطلاق الرصاص الحي ودهس الأشرفيين العزل بمدرعات همفي (الهامر). كما تم اختطاف 36 من مجاهدي أشرف في اليومين الذَين تحدثنا عنهما وlحتجزتهم السلطة العراقية كرهائن لفترة 72 يوما ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة ولم يتم اطلاق سراح هؤلاء في حين اصدرت المحكمة ثلاث احكام بتبرئتهم وإطلاق سراحهم إلا بعد حملة دولية واسعة واضراب عن الطعام من قبل المناصرين لمجاهدي خلق في اربعة قارات والاضراب عن الطعام للرهائن أنفسهم وتحول إضرابهم في الأسبوع الأخير إلى إضراب شامل عن الطعام والشراب واطلق سراحهم ووصلوا الى اشرف على مقربة من الموت بسبب ما تعرضوا اليه من تعذيب واذلال.

والآن، علي إمامي والد المجاهد حنيف إمامي الذي قتلوه في ذلك الهجوم يتواجد في ليبرتي.. وكان من ضمن الاوائل الذين جاءوا إلى هذا السجن.، ويقول السيد إمامي الذي يحمل كونا كبيرا من الحزن أنه استجابة لطلب السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية جاء إلى ليبرتي برفقة 400 من اعضاء أخرين في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من أشرف ولكنه خلافا للدعايات والتصريحات الدعائية، لم يؤمن الحد الأدنى من التطمينات المقدمة ولم يؤيد أحد المعايير الانسانية وحقوق الانسان في هذا المخيم.. ويضيف السيد إمامي أنه وفي يوم 18 من فبراير وفور وصول السكان إلى مدخل ليبرتي بدأت الاجراءات القعمية والايذاء ضدهم من قبل القوات العراقية.، ويوضح أن السكان كانوا قد توجهوا منذ الساعة الثانية من ظهر اليوم السابق إلى مكان الحافلات وكانت القوات العراقية قد مارست عمليات تفتيش غير عادية وغير مبررة يرافقها أذى وتنكيل وإحتقار.. ويقول إمامي إن جميع الأمور تشير بأن الحكومة العراقية وتنفيذا لأوامر النظام الإيراني بصدد تحويل مخيم ليبرتي إلى سجن فعلي.. ويشير بيده إلى محطة للشرطة في الباب الشمالي وآخر في الباب الجنوبي ومحطة في شمال شرق ليبرتي.. ويعرض كاميرات المراقبة القوية التي تراقب جميع التحركات داخل المخيم.، ويقول ليس لدي أي شك أن منتهى هذه الكاميرات يصل من قبل الحكومة العراقية الى الفاشية الدينية الحاكمة في إيران أيضا وهذا يشكل مصدر مخاطر وهلاك امني لنا كسكان ولعوائلنا داخل إيران وانتهاكا للاتفاقيات والوعود التي سمعناها.. وعلاوة على هذا لم تترك هذه الكاميرات أية إمكانية للحياة الشخصية والخصوصية لنا فهي تلصص وتجسس فاضح وعلني.. ويعبر السيد علي إمامي عن سخطه لهذا الامر المزعج جدا بشكل خاص فيما يتعلق بالنساء المسلمات ويعتبر في حد ذاته تعذيب نفسي عن عمد واصرار..، كما أن ابواب كرفانات النوم والمرافق والحمامات تفتح مباشرة إلى الشارع ومعرضة لهذه الكاميرات.

ويشير إمامي إلى الدوريات المسيرة من قبل العناصر العراقية المسلحة داخل المحيط الصغير لإقامة السكان والتي تصل عددها من 30 إلى 50 مرة يوميا ويقول إنني استهجن روئة هؤلاء الاشخاص.. ولا اعرف كيف ساتمكن من السكن في مكان الذي تتحرك فيه قتلة إبني على مسافة امتار مني؟ لقد سلبوني ابني زهرة فؤادي وفلذة كبدي وسلبوني اخواني واخواتي وسلبوني مقابر شهدائي واراهم رؤى العين على مسافة امتار قليلة مني..،وقالوا انه ليبرتي انه rdquo;الحريةrdquo;.. نعم هنا rdquo;الحريةrdquo;.. المكان الذي تقوم عشرات من القوات المسلحة العراقية بدهسها أي بدهس الحرية مرات ومرات والممارسات تنزع الحرية.. والكاميرات تراقب خشية أن تتسرب قطرة من هذه rdquo;الحريةrdquo; وتكون نصيبا للسكان.، وانهي هذه الحلقة ببالغ الحزن والالم والاسى فقد وصلني للتو خبراً يفيد أن احد اعضاء المجموعة الثالثة الذين وصلوا إلى المخيم اي (سجن ليبرتي) يوم العشرين من مارس قد استشهد اثر تعرض لنوبة قلبية عند وصوله إلى المخيم بسبب الممارسات القمعية والإرهاق والاعياء الشديدين مما اودى بحياته.. وسنتحدث عن هذه الضغوط الهائلة حتى الموت في حلقات قادمة وللحديث صلة..

*خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]