رئاسة القمة العربية في بغداد، حسب بروتوكول الجامعة تعود الى رئيس الدولة المضيفة لحين عقد القمة اللاحقة، ولا ندري هل هي صدفة، أم مسألة مرتبة، قمة الجامعة العربية التي تنعقد في العاصمة الاتحادية، يرأسها الرئيس جلال طالباني وهو كردي، واجتماعات اللجنة الاقتصادية للقمة انعقدت برئاسة دكتور خيرالله بابكر حسن وزير التجارة وهو كردي من السليمانية، واجتماعات وزراء الخارجية للقمة انعقدت برئاسة هوشيار زيباري وزير الخارجية وهو كردي من اربيل، وستبقى القمة برئاسة الطالباني لحين عقد القمة العربية اللاحقة في عاصمة اخرى، وكذلك الحال بالنسبة للجنة الاقتصادية واجتماعات وزراء الخارجية ستبقى رئاستهما كردية، وهنا يمكن طرح السؤال التالي: هل يعقل هذه الصدفة الغريبة لقيادة قمة عربية خالصة برئيس كردي ووزيرين كرديين ولو ان الوفد الرسمي للعراق سيرأسه رئيس الوزراء نوري المالكي؟، أم هي مسالة مرتبة من الاساس ولا ندري من ورائها، والا بماذا نفسر هذا الحدث والتحول الكبير والنوعي في تاريخ القمم العربية؟، وصحيح ان المؤتمر اول قمة لمرحلة ما بعد الربيع العربي، ولكن هل يعقل ان الربيع أتى بهذا التغيير او بهذه الصدفة الغريبة؟

وكا يبرر ان أقليم كردستان ما دام غير منفصلا وهو ضمن سيادة العراق، فمن حق الساسة الكرد المشاركة في كل المحافل السياسيه وعلى كل المستويات في العهد الجديد، خاصة وان القمه العربية ليست قومية وانما للدول العربيه ضمن منظومة دولية تعرف باسم الجامعة العربية.

والحق يقال ان شبهة ان المسألة مرتبة لادارة القمة العربية بقيادات كردية، قد ينقضها أمر واقع، وهو ان القمة لو عقدت في اي دولة آخرى لرأسها رئيس الدولة أو ملكها أو أميرها ضمن منظومة عمل الجامعة ورأس اجتماعات وزراء الخارجية وزير خارجيتها واجتماعات اللجنة الاقتصادية وزير اقتصادها او تجارتها، ولهذا تبدو ان القيادة الكردية للقمة هي محض صدفة لا أكثر، ولكنها أمر ناتج من التحول السياسي الجذري والنوعي في عراق ما بعد عام الفين وثلاثة.

ولابد من القول، ان ملاحظة قيادة قمة بغداد العربية بشخصيات سياسية عراقية كردية، نابعة بالأساس من رؤية صحفية مهنية بحتة، وبرأي الشخصي ان الرئاسة الكردية للقمة أجمل صورة سياسية يقدمها العراق الجديد للعالم العربي بعد تحرره من قيود الطغيان والاستبداد وفي ظل حكم دستوري وديمقراطي وتعددي وبرلماني، وهي رسالة عراقية بليغة وحكيمة بمعانيها الديمقراطية والانسانية والسياسية للعالم العربي، وبالرغم من المشاكل والأزمات التي يعيشها العراق والفساد الرهيب فيه، ولا شك لو ان هذه القمة عقدت في العهد السابق لما خرج الى النور بتاتا هذا المشهد العراقي السياسي الجميل اطلاقا.

وفي ظل هذه الرئاسة الكردية للقمة المنعقدة في بغداد، لابد من طرح رؤية أمام الرئيسين الطالباني والمالكي تتعلق بدعوة القمة الى اعلان وثيقة عن اقليم كردستان العراق استنادا الى الحقوق الواردة في اللوائح والمواثيق الدولية وميثاق الجامعة، مع تهيئة الأجواء لمطالبة القمة العربية اللاحقة بالاعتذار لكرد العراق لما لحق بهم من قمع وجور وطغيان واستبداد من قبل الأنظمة المستبدة التي توالت على حكم العراق في العهدين الملكي والجمهوري وخاصة في عهد نظام البعث المباد، وفي ظل سكوت عربي وغياب كامل لأي موقف انساني تجاه ما كان يحدث للكرد في العراق في العهود الماضية.

ولاشك لو ان بادرة الدعوة للاعتذار للكرد في حالة تبنيها من قبل دولة أو مجموعة عربية، ستشكل نقلة نوعية في تفكير ومواقف المنظومة العربية الممثلة بالجامعة وقممها، وستشكل تغييرا جذريا في الرؤية السياسية والانسانية للعالم العربي تجاه كرد العراق وتجاه الأمة الكردية التي قدمت للعالمين الاسلامي والعربي منقذ الاسلام الناصر صلاح الدين الأيوبي، وشخصيات تاريخية مرموقة مثل الصحابي جابان الكردي وابن خلكان وابن تيمية وسعيد النورسي وعبيدالله النهري ومحمود الحفيد واسماعيل سمكو وسعيد بيران والقاضي محمد وملا مصطفى البارزاني وعبدالرحمن قاسملو والاصلاحي قاسم أمين وأمير الشعراء أحمد شوقي والشاعر جميل صدقي الزهاوي وقاريء القران الشهير عبدالباسط عبدالصمد، والرئيس العراقي جلال طالباني الذي أجمع عليه كل القوميات والمذاهب والمكونات السياسية لقيادة العراق في أصعب مرحلة مر به في التاريخ الحديث، وغيرها من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية والاصلاحية التي قدمت خدمات جليلة للدولة العراقية.

وبغية طرح مسودة رؤية أولية لما قد تحويها الوثيقة المقترحة لتبنيها، نقدم المسودة التالية من باب ايصال الفكرة، ونأمل من الحكومة العراقية الحالية أو اللاحقة كدولة ان تسبق الجامعة في تقديم اعتذارها لشعب اقليم كردستان الذي تعرض الى الابادة الجماعية الشاملة ولكل العراقيين الذين تعرضوا للقمع والاضطهاد والطغيان والاستبداد في ظل أنظمة الحكم المستبدة السابقة، ولابد من الاقرار ان فكرة مسودة الوثيقة قد تم استنباطها من ديباجة الدستور العراقي الدائم.
وفيما يلي نص مسودة الوثيقة المقترحة:

بسم الله الرحيم الرحيم

مسودة وثيقة مقترحة الى
مؤتمر قمة الجامعة العربية في بغداد
عن اقليم كردستان العراق

quot;وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواquot;

وثيقة اقليم كردستان
نحن الدول أعضاء الجامعة العربية، وعرفانا منا بحق الله علينا، وايمانا منا بالآية الكريمة في القرآن الحكيم quot;وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواquot;، وتلبية لطلب الحكومة العراقية، واستنادا الى ميثاق الجامعة العربية والاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق واللوائح الدولية الصادرة عن الامم المتحدة والجامعة، واسترشادا بنصوص الدستور العراقي الدائم، ووسط مؤازرة عراقية وعربية واقليمية وعالمية لعدالة المطالب القومية المشروعة للأمة الكردية التي قدمت خدمات جليلة الى الدين الاسلامي الحنيف وشقيقتها الامة العربية، وتكريما وتقديرا للبطل الكردي التاريخي الناصر صلاح الدين الأيوبي القائد العظيم ومنقذ الاسلام، واعترافا بالدور المشرف للشعب الكردستاني لمحاربته الظلم والاستبداد والطغيان ونضاله الدؤب لتحقيق الديمقراطية في العراق وبنائه من جديد في عام الفين وثلاثة، وتعزيرا لوجود الكرد وحضوره وخياره الوطني في اختيار الفيدرالية للتعايش المشترك مع الشعب العربي ضمن العراق الموحد التعددي الديمقراطي الاتحادي، واحتراما لخياره الوطني للعيش في العراق ضمن فضاء العالم العربي، مُستذكرينَ مَواجِعَ القَمْعِ القومي الذي تعرضوا له بقساوة وعنف من قِبَلِ أنظمة الحكم المستبدةِ، ومُسْتلهمين فَجَائعَ شُهداءِ الكرد، وَمن مُكَوِنَاتِ الشَعبِ العراقي جَمِيعِها، وَمُستوحِينَ ظُلامةَ اسْتِبَاحَةِ الجوامع وأماكن العبادة والمُدُنِ في كردستان، وَمُسْتَنْطِقينَ عَذاباتِ القَمْعِ القَومي في مَجَازرِ حَلَبْجةَ الشهيدة وباليسان و بارزان وعمليات الأنْفَال السيئة الصيت و الكُوردِ الفَيلِيين وتعريب كركوك والمناطق المتنازع عليها، وَمُسْتَرجِعينَ مَآسِي الابادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الكردستاني، ومواجع المقابر الجماعية وَمُعَانَاةِ الكرد في مسيرته النضالية وما تعرضوا له منْ تَصْفيةِ قيِاداته وَرُمُوزه وَشُيوخِه ونسائه وأطفاله، وَتَشريدِ كفاءاتها وَتَجفيفِ مَنابِعها الفِكْرِيَةِ وَالثَقافية، نؤكد ونتعهد بدعم الامة الكردية وخاصة الشعب الكردستاني في العراق الجَديد، عِراقَ المُسْتَقبل، منْ دونِ نعرةٍ قومية، وَلا نَـزْعَةٍ عُنْصُريةٍ، وَلا عُقْدَةٍ سياسية، وَلا تَمْييز، وَلا إقْصَاء، ونقر استنكارنا ورفضنا لما تعرضوا له من مأساة وقمع وآلام في العقود الماضية، ونؤكد على احترامنا للخيارات القومية والوطنية لشعب اقليم كردستان واختياره الاتحاد بنفسه، والتزام الحكومة الاتحادية بالدُسْتورِ الدائم للدولة العراقية للحفاظ على اتحادَهُ الحُر شَعْبَاً وأرْضَاً وسَيادةً.
مؤتمر قمة الجامعة العربية

كاتب صحفي ndash; كردستان العراق
[email protected]