ينبغي أن نقرأ قيمة العبارات السياسية بشكلها الانساني الصحيح .
المهمة العاجلة للحكومة العراقية ،والكتل السياسية النيابية المنظوية تحت أعمال مجتمعية وصحية أنسانية هي الأسراع لأنقاذ ونقل العوائل العراقية المحصورة في سوريا قسراً quot;بأسرع وقت ممكنquot; ومساعدتهم بكل حرص وأهتمام على نقلهم ونسائهم وأطفالهم ومسنيهم بالوسائل المتوفرة لها من طائرات وحافلات نقل مكيفة الى العراق من معابر الحدود العديدة نظراً لسيطرة عناصر مناوئة لحكومة دمشق على معابر حدود رئيسية بين العراق وسوريا، منها معبراليعربية ومعابر حدودية بين مدينة البوكمال السورية ومدينة القائم العراقية في محافظة الانبار غرب العراق بحدود واسعة تربط البلدين بنحو 600 كيلو متراً من الصحراء المفتوحة لأعمال الأرهاب والتهديد والتهريب .
والكتل السياسية العراقية المغمورة في خلافاتها الأنانية ومصالحها الأنية أغلقت الأذن والسمع على مايجري من مأسي أنسانية
للعراقيين في سوريا وتبدو هذه الكُتل وكأنها تسير على قول عمر الخيام :
لا تَشغل البَال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبلَ الأوان
واغنم مِن الحاضرِ لذّاتهِ
فليسَ في طبعِ اللَّيالي الأمان
في سوريا الآن عوائل عراقية عربية وكردية مسلمة ومسيحية مُهجّرة منذ السبعينات من القرن الماضي وعوائل لاجئة بائسة مُهجّرة تعيش في حالة مُزرية ، دون رغبة منها، بعد أعمال العنف والأرهاب الذي عمَّ العراق بعد عام 2003 . وتقدر أحصائيات غير رسمية عددهم بمليون ونصف ، معظمهم لاجئون يقيمون في العاصمة السورية دمشق . وهناك مؤشرات تُحذر بأن العراقيين في سوريا قد يتعرضون خلال موجة العنف والفوضى السياسية والحرب الأهلية ألى أخطر الأهوال نظراً للمجازر التي طالت الآف المدنيين والتخوف من مجازر جديدة متوقعة قد تطال ألاف أخرين من الأطفال والنساء والرجال نظراً لضعف السيطرة وضياع الأمن .
ويبدو أن قلق وزارة الهجرة العراقية وتصريحات بعض المسؤولين جاءت متأخرة وغير كافية أو مؤهلة مالم يقم قادة الكتل السياسية والدينية بمد يد المساعدة الأنسانية الفعالة والتنسيق بارسال أفواج من المتطوعين لنجدتهم وتخّيرهم الرجوع الى بيوتهم في العراق وتعويضهم . بالأضافة الى الدعوة المتأخرة وموقف الحكومة الرسمي بنية أرسال طائرات الى مطار دمشق ، فأننا والهيئات الخيرية، نهيب بالكتل النيابية لتسجل أهتمامها بالمهجّرين وبالأخص الكتل النيابية للدكتور علاوي وبرزاني والصدر والحكيم والجعفري ونواب المجلس الذي يرأسه النجيفي وتخصيص وقتهم وأمكاناتهم للقيام بمهمة طوارئ عاجلة ، كالتي قامت بها أسرائيل بنقل القتلى والمصابين والسواح الأسرائيليين من بلغاريا بطائرات سي -130 الى أسرائيل بعد يومين من حادث الهجوم على مواطنيهم .
كم مرةً أثبتَ قادة أسرائيل سيكولوجية أهتمامهم بمواطنيهم أينما كانوا ، وكم مرةً أثبتنا أهتمامنا بمصالحنا الخاصة وأهمال أبسط الخدمات الأنسانية لشعبنا؟
لقد رأينا كيف يحرصُ قادة العراق وممثليهم بدقة على تغييب مصلحة الناخبين من أبناء شعبنا وألهائهم بحيدهم عن طريق مايهمهم من خدمات وتنمية ومشاريع عمل وخدمات (وهو مايجب أن يقرأه المواطنون ويفحصوا أهميته لهم وتأشيره عليهم وعلى حياتهم وحياة أحبائهم ).
هذا التغييب حالة فريدة تكمن قيمتها الحقيقية في أنسانية البعض ووحشية آخرين بعد أن أصبح العمل السياسي والديني والقومي له أدعياء يحترفون لعبة السياسة وتبرير الخطأ والأهمال.
ففي وقت أزمة أنسانية كهذه يخرج الهاشمي ( مثلاً) ببيان يَصدر ويُوزع من مكتب مؤقت له في كردستان ، ونرى فيه دليل آخر على تغييب أمور المهجّرين المُلحة وأهمال مصالح اللاجئين العراقيين ومأساة وجودهم في سوريا حالياً ،فالرجل يتحدث في بيانه ( انه وجه رسائل إلى المراجع الدينية والقادة السياسيين حول quot; فضيحة تصريحات السفير السوري السابق في العراق والتي اشار فيها إلى الانشطة الارهابية التي طالت الشعب العراقي بتحالف الاسد (الرئيس السوري) مع تنظيمات القاعدة وتأكيده اطلاع المالكي ومعرفته بتفاصيلها والتستر عليها.)
هل هناك من يُصدق أن رئيس الوزراء المالكي يدعم تنظيمات القاعدة ويتحالف مع البعث السوري الأرهابي ؟ وهل يرى هذا الرجل بعين الوعي والتجرد مصلحة أهل العراقيين والمهمة الأنسانية التي تستوجب نقلهم والحاجة الى متطوعين لمساعدتهم في العودة الى أماكن آمنة بالسرعة الممكنة. أن ذلك مثال واحد على وجود وحوش بشرية تعيش بيننا ولايهمها أِلا أثارة الفتن والكراهية وأشاعتها بين الناس.
والمالكي ، هو الآخر، عليه أن يعي تماماً مسؤوليته التاريخية ويقرأ مؤشرات الخطر على أهل العراق التي تلوح في الأفق لكونه رئيس الحكومة الحالي ، بأنه ليس من مصلحة العراق التركيز على تدهور الاوضاع في سوريا وتحولها الى حرب اهلية ، أو تدهور الأوضاع في العراق بسبب ماتقوم به مافيات سياسية في الداخل وعلى حدود البلدين الشقيقين وتتلاعب بالحقائق ولا يهمها شعب العراق أو شعب سوريا . لقد مرَّ العراق بهذه التجربة ، تجربة الأقتتال الداخلي وتأليب العنصرية ، ولن يعود اليها أو الى تجارة المساومات والمداهنات والمجاملات الطائفية أو أصرار مجموعات أنقلابية على أوراق أصلاحات سياسية كاذبة وترك آلالاف من العوائل العراقية معرضة للموت بلا مبادرة عمل أنسانية.
باحث وكاتب سياسي
- آخر تحديث :
التعليقات