زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى إقليم كردستان العراق واللقاء مع رئيس الإقليم مسعود البارزاني جاءت على عجل وبأمر من رجب طيب اردوغان شخصيا، وهي جاءت في ظل التهويل التركي من أكراد سوريا والتهديد بالتدخل في الشمال السوري لمنع إقامة أي بنية كردية هناك حيث الحشود العسكرية التركية تتزاحم على الحدود السورية عقب الاجتماعات الأمنية والعسكرية الطارئة التي عقدها اردوغان على وقع التهويل من الموضوع الكردي السوري وحديثه عن سيطرة الأكراد على خمس محافظات ! في حين ان الذي حصل هو سيطرة الاكراد على عدد من البلدات الحدودية في محافظتي حلب والحسكة بحكم انهيار مؤسسات الدولة في هذه البلدات وتقدم الأكراد لملء الفراغ الذي حصل وذلك من خلال اللجان الشعبية التي شكلها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الموالي لحزب العمال الكردستاني.
عودة إلى سؤال العنوان، أي ماذا يحمل أوغلو إلى كردستان العراق؟
تقول مصادر مطلعة انه يحمل في جعبته النقاط التالية : 1- الضغط على القيادة الكردية في العراق من أجل إقناع أكراد سورية بالانخراط في المجلس الوطني السوري في ظل عدم ثقة المكون الكردي بالمجلس خاصة وان الأكراد انسحبوا أكثر من مرة من المؤتمرات التي نظمها المجلس نظرا لرفض الأخير تثبيت مطالب الكرد في مواثيقه وعهوده واكتفاءه ببيانات غامضة لجهة حقوق الأكراد. 2- الضغط على البازراني لدعم المجلس الوطني الكردي ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الموالي لحزب العمال الكردستاني، وسواء أكان هدف تركيا احداث فتنة كردية ndash; كردية أو محاربة حزب العمال الكردستاني، فانه يصب في سياسة عدم السماح بتأسيس بنية كردية في المناطق الكردية في سوريا حيث تخشى تركيا من ولادة إقليم كردستان سوريا على غرار ما جرى في العراق. 3 ndash;- دفع قيادة البارزاني إلى اتخاذ اجراءات أمنية ضد الأكراد الموالين لحزب الاتحاد الديمقراطي ومنع تنقلهم إلى الداخل السوري، مقابل دعم الطرف المقابل أي الموالين للمجلس الوطني الكردي وباقي العناصر التي تمت تدريبها مؤخرا في كردستان العراق للذهاب إلى سوريا بهدف منع اللجان التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي من ملء الفراغ الحاصل في بعض المدن والبلدات الصغيرة، وربما احداث فتنة دموية في صفوف الأكراد. وفي هذا المجال كان لافتا طلب رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا الذي زار أربيل قبل يومين من البارزاني عدم السماح للعناصر الموالية لحزب الاتحاد من الذهاب إلى سوريا وهو نفس الطلب الذي يحمله أوغلو، يا للصدف و وحدة المطالب ! 4 ndash;- التعبير عن عدم الرضى التركي من مجمل الدور الذي تقوم به قيادة البارزاني بخصوص الأزمة السورية، فالأتراك يضغطون على قيادة إقليم كردستان للانخراط أكثر في الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى اسقاط النظام السوري،وبخصوص الوضع الكردي فان تركيا تبدي انزعاجها الشديد من الطابع السلمي لعلاقة أكراد سورية بمجمل الحراك الجاري في البلاد، وهنا تحمل تركيا المسؤولية لإقليم كردستان وتحديدا البارازني، سواء لدوره في الحفاظ على العلاقة السلمية أو لجهوده التي نجحت في إيجاد نوع من الوحدة بين الأكراد ومنع تفجر حرب داخلية كردية ndash; كردية من خلال تشكيل الهيئة العليا لأكراد سوريا والتي وحدت بين المجلس الوطني الكردية ومنظومة المجتمع الديمقراطي. هذه الأجندة التي يحملها أوغلو، ومجمل السياسة التركية تجاه المكون الكردي سواء في سورية أو عموم المنطقة، تكشف حقيقة العقلية التركية التي لا تستطيع النظر إلى الأكراد كشعب مثله مثل الشعب التركي والعربي.. تعرض عبر التاريخ للتقسيم وسياسات القهر والاستبداد والإنكار ومن حقه إقامة مؤسساته الخاصة وتقرير مصيره ، كما أنها تكشف حقيقة سياسة حزب العدالة والتنمية وشعارات اردوغان عن الآخوة بين الاتراك والأكراد، فشعارات الأخوة تتطلب المساواة مع الجار التاريخي والاعتراف بحقوقه والمساواة به.. قبل الذهاب إلى مسلمي بورما والصين مع التأكيد على ضرورة احترام حقوق الجميع.
لقد حان الوقت لتركيا ان تتخلص من تصنيف الكرد في خانة الأعداء، كما حان لها ان تتخلص من العقلية العثمانية والأتاتوركية إذا كانت تريد ان تصبح دولة ديمقراطية ونموذجا سياسيا متقدما في المنطقة.