قوله تعاليrlm;:rlm; غُلِبتْ الرومrlm; في أدني الأرضrlm;rlm; وهم من بعد غُلبهم سيغلبونrlm; في بضع سنينrlm;.rlm; لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنونrlm; بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيمrlm;.rlm; (الرومrlm;:1rlm; ـrlm;5).

مقدمة: كما جعلنا حُكامنا وعلمائنا نعتقد ونؤمن بأن الدين الاسلامي السياسي لايُغذي الكراهية فقد أبدعوا أيضاً في تفسير الجانب الروحي أيضاً وأعتقادات الناس بأن الله قوي جبار لاتعلوه قوة في الأرض والسماوات يُغلّب أمة بنصر من عنده ويدحر أمة بقدرته.

هذا الجدل السياسي الصيغة ليس قديماً مع أنه قديم من الجانب الديني بقِدم الأديان السماوية نفسها. هذه الديانات جعلتنا نؤمن بقوة وجبروت رب العالمين من جهة، وشككت في الأيمان في أحايين أُُخرى بدفع الأيمان جانباً والأشادة بقوة وبأس وجبروت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وحكمة وعدالة رؤسائها في أحلال السلام في ربوع الوطن العربي والعالم الأسلامي(ويومئذ يفرح المؤمنون) بمن يؤذن على أسماعهم. وأستمرت ثقافة الأسلام السياسي وتغذيتها بشراهة وجهل مدهش الى أن وصلنا الى ما نحن أليه اليوم في تاريخنا الحديث، شعوب تقاتل بعضها البعض.

والقصة تبدأ مع اشتداد الأزمة الدولية بدخول القوات العراقية الى الكويت في 2آب أغسطس 1990 وبداية انتشار وتحشد القوات الاميركية في المملكة السعودية والخليج مع 33 دولة حليفة. وقتها، أحرجت الصحافة الغربية الرئيس حسني مبارك وحاصرته لتفقد وتبيان موقف مصر من الأزمة.فأِما المشاركة العسكرية أو أتخاذ موقف سياسي حيادي بين الدولتين ونزع فتيل الأزمة. فقارن مبارك بين قوى الصراع وأستنجادها ب quot;الله أكبرquot; ثم أطلق تصريحه الشهيرquot; أن مصر ستقف مع المنتصرين quot;، وبدأ تدفق القوات المصرية بوصول 33 ألف من قوات المشاة المصرية لمساندة الدول الحليفة.

للرئيس مبارك، عبارات quot; نحن مع المنتصر أو القوي الجبارquot; لا تعني الله سبحانه وجبروته وقوته وأيمان الأخوان المسلمين به أو تناقض أفكارهم معه، بينما عنت ( بما أراده الرئيس صدام من جهة أخرى) بوضع كلمات الله وأكبر على علم العراق بأن الله هو الأقوى وبالضرورة سيتحقق للعراق النصر المؤزر على قوات الكفر المتحالفة. وبعد أندحار العراق عسكرياً، تتابعت تأكيدات مبارك كونه مع الفائز القوي المنتصر بغلق أنفاق غزة ومنع وصول الغذاء والدواء الى الفلسطينيين. أننا نقف سياسياً وعسكريا الى جانب شعب الله المختار والدول الغربية القوية البأس كانت تعني له أننا لايمكننا التخلي عن الدول التي تمتلك كل عناصر النصر والمال والقوة العسكرية والشيطنة التكنولوجيا الحديثة، ولايمكننا أن نكون مع الخاسر العربي شعب الله المحتار سواء أكان ذلك في العراق أو أي بلاد عربية أخرى تتنازع على البقاء كالسودان وليبيا واليمن وفلسطين وتعتمد أسم الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم في صراعهم الأزلي.

صراع محير فعلاً، أعتبرته جامعة الدول العربية عربي ndash; عربي وتم أفشال جهود وساطتها في أيجاد مخرج مُشرف لشعوب عانت من الألم والمرض وتعيش في الخيام والملاجئ اليوم. وموقف الرئيس مبارك من شعوب الله المحتارة في العراق والسودان وليبيا واليمن وفلسطين لم يكن مبنياً على قيّم أسلامية أجتماعية أو عقيدة بيئية. كما أن موقفه ليس له أي علاقة بأخلاقية سياسية أو أيمان بالله وقوته الجبارة ولا أيمان بالديمقراطية الجديدة التي لا تمتلكها مشيخة الكويت ولا نظام مبارك في مصر أو أي دولة عربية أخرى شاركت في الحرب.

مع المنتصرين هو الخضوع لدول قوية وأرادتها الحرة وأفشال لدولة لاتملك بين عناصرها أِلا التقرب الى جبروت الله وعدالته. مع المنتصرين ألتماس وتلقف لمساعدات مالية وعينية وتمويل لحكومات أشخاص لايملكون أرادة الفكر السياسي أو حتى النظريات الدينية القديمة أو فهم فن المفاوضات والعلاقات الدولية التي تحقق للدول مصالح شعوبها. مع المنتصرين هو تحمل عبئ الفشل التام لموظفي جامعة الدول العربية التي أُنشأت عام 1945 ومكاتبها في الوطن العربي ولم يحقق ميثاقها أي أنجاز عملي عدا تحويل الأزمات العربية quot; كالبوستجي quot; الى أروقة الأمم المتحدة للبث في مصير شعوب عربية وفق الأهواء الصهيونية والغربية.

لقد حملَتْ قريش وعوائل الحكم الأرثيل لاحقاً عبارة quot; نحن مع القوي المنتصرquot; لأكثر من 1400 سنة وحملته ثانية على صعيد العالم العربي والى حد هذا اليوم للتقرب من الغرب الأوروبي والأمريكي وجبروته. فبعد التحرر من قبضة تركيا العثمانية quot; الرجل المريض quot; بنهاية الحرب العالمية الأولى، أولت أمرها الى الغرب المسيحي ومصالحه الحيوية ( بريطانيا، فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية ) بدلاً من المثول الى السيطرة الأسلامية العثمانية وأختيار الخضوع الى بطش ولاتها.

وحكمة مبارك يُبرزها مركز أبحاث بروكينجز الأمريكي في حقيقة (أن أكثر ماتحتاجه الدول في فترات الأنتقال السياسي كمصر مثلاً، هو المشروعية المشروطة والكيفية في أستخدام حزمة الأموال الممنوحة لها ). والتفسير الذي أصل أليه هو مشروعية شروط يفرضها من يُسهم في تقديم المساعدات المالية والعينية والخطط العسكرية المطلوبة التنفيذ.
مع القوي عنتْ لمبارك وقادة دول آخرى نبأ البشرى السعيدة بتدفق الأموال والجاه والأبهة والحماية والسلطة الأبدية لهم ولعوائلهم وعنتْ له أن استقلال الشعوب لايمنع من استغلالها. ففي الجانب المالي يقول أحمد قطان السفير السعودي في مصر بشأن المساعدات quot;ان حزمة المساعدات المالية تتم وفق المتفق عليه حيث تم تفعيل وديعة بقدار مليار دولار ولمدة 8 سنوات وقعها محافظ البنك المركزي في واشنطن مع وزير المالية السعودي وأذونات خزانة بمقدار750 مليون دولارquot;. ويفهم كل من يدير العجلة السياسية المصرية أن الخيار المتوفر له هو عدم أرباك المصالح الأمريكية والخليجية.

ولكن ماقيمة 750 مليون دولار بمقارنة 70 مليار دولار تمت سرقتها من خزينة مصر من قبل الرئيس مبارك وزوجته وأبناءه، وهو الأمر الذي أضطر الحكومة السويسرية تجميد بعضها في قرار أتخذته في شهر شباط فبراير سنة 2011.

في حالة الرئيس مبارك كان الرجل من الفطنة العسكرية بحاجة مصر للمساعدات المالية السنوية الأمريكية والخليجية التي لم تتوقف منذ توقيع السادات على معاهدة السلام مع أسرائيل عام 1979 وأدركَ أيضاً أنه لامناص أِلا بالخضوع والوقوف مع دول التحالف القوية والقبول بأرسال قوة عسكرية مصرية للعمل والمشاركة في الحرب ضد العراق وزيادة عدد الدول المتحالفة وضمان شرعيتها العربية والدولية تحت أمرة الفريق نورمن شوارزكوف قائد قوات التحالف، وترك أمر 4 ملايين مصري عامل في العراق للأقدار الألهية. المشير محمد طنطاوي المولود عام 1935 الذي أقيل مؤخراً كان قد شغل منصب رئيس المجلس العسكري و تولى ادارة شؤون البلاد اثر أزالة الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، كان قد شغل أيضاً منصب وزير الدفاع منذ عام 1991، وأطاع أمر الرئيس مبارك، دون أي تقييم أو تحذير أو تلكؤ، بأرسال قوة مشاة عسكرية مؤلفة من 33 ألف جندي لمشاركة 34 دولة من دول التحالف. ومن السخرية أن دولة بنجلاديش شاركت بقوة رمزية أِما حباً بالأسلام أو للحصول على أمتيازات المنتصر ومن أغواها بحلم الأغتناء المالي وربما مخالفة لوصايا الله ومع ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله تعالى).
الفطنة العسكرية والحاجة لركوب العجلة الغربية مع الفائزين جعلت مبارك يدير ظهره عن المجازر الرهيبة الدائرة في السودان ودرفور منذ عام 1983 مع أرتباطهما أرضاً بحدود مصر، لنرى لاحقاً تقسيم السودان الى دولة مسلمة وأخرى مسيحية وأستمرار الصراع أخذين بقوله تعالىquot; غُلِبتْ الرومrlm; في أدني الأرضrlm;rlm; وهم من بعد غُلبهم سيغلبونrlm; في بضع سنينrlm; quot;.rlm;

المعنى واحد والعبارة مفهومة. سواء قلنا مع الفائزين، مع المنتصرين، مع المُحررين أو مع جبروت من يمتلك القوة والبأس العسكري، ومهما أختلفت التسمية في حقل السياسة فأن من يقرر هذه العبارة الرهيبة والغلبة في عالمنا العربي هو رجل واحد - رئيس المشيخة، العشيرة، الأمارة، المملكة، أو الجمهورية، وبمفرده في عملية حساب بسيطة يطلع عليها المستشارون المقربون وتتفق مع تحليلات ونصائح الخبراء الغربيين وسياسيهم الذين يقررون سلفاً quot;غُلبة الروم quot; ونصرهم ولماذا يجب الأنضمام والمشاركة.

وقد يختلف بعض الباحثين كما تختلف البحوث بشأن التحالفات والثورات العربية التي أنطلقت من ثكنات عسكرية وحمل أفرادها ومناصريها السلاح الأيماني للقتل العلني لمواطنيهم ورفع شعر quot;الله أكبرquot;. كما قد يختلفون عن سبب عدم توقف سفك الدماء والخسائر التي مُنيت بها شعوب الوطن العربي. ففي الغرب الأمريكي والبيئة الأكاديمية يتفق معظم أساتذة السياسة والقانون الدولي على أن القادة العرب كانوا أعتى أعداء شعوبهم وسببوا للملايين منهم العيش المشين كلاجئين ومهاجرين فقراء في شتى أنحاء الأرض، حتى أعتبرهم البعض أخطر في نواياهم من نوايا دول أجنبية غير مُسلمة تمتلك القوة العسكرية وتظهر الأهتمام بحقوق الأنسان والأنسانية سواء أكان ذلك حقيقة أو كذباً.

الوقفة التقليدية والتعثر السياسي لفرض السيطرة أسلامياً أو غربياً قد تأخذ فترات زمنية طويلة جداً من الصراع الحضاري، ففي الحالة المصرية والليبية تجاوز حكم العسكر ال40 سنة، وفي الحالة الأسلامية للمماليك والعثمانيين مايقارب 400 سنة، وحالة الخلاف على ترجمة الرسالة المحمدية 1400 سنة من ظهور الأسلام بقيّمه ومعانيه الأنسانية الى خلافات دول الخلافة التي تم تسليمها تاريخياً الى أنظمة قبلية ترجمت قوة الرسالة وأستقت منها دول عربية حديثة النشأة مفاهيم طورها لهم الحليف الغربي ومساهمته التجارية بحفر آبار بترولية على أرضهم وفق شروط المساهمة المطلوبة والتحالف المصيري لتثقيفهم أدارياً وأعلامياً وتمويلهم مالياً للعمل على توجيه الفكرالأنساني الى التخدير بعد الأستحواذ على السلطة.

في المعنى والدلالة تبقى حكمة الرئيس مبارك quot; نحن مع المنتصرين quot; سائدةً بصيغتها الحالية لمن يختار هذا الطريق ويراه برؤيته الخاصة ومزاجه الفكري، وهو دخول حضاري فكري يتيه فيه عقل الأنسان في صراع وتنافس ومخالفة صريحة لوصايا الله وقوته وقوله quot; ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيمrlm;quot;.rlm;

مع القوي في التفكير السياسي ليست نظرية أقتصادية أو منهج حزبي أو ديني تتفق عليه أطراف ذات شأن في المجتمع الأقطاعي أو الصناعي أو الزراعي، أنها غريزة طبيعية للأنسان الذي يُقيّم الأمور الحياتية ويعطيها وزناً وفقاً لحاجاته وحاجات بيئته، وقد يكون مع القوي لدول لاتمتلك أي مبدأ مبني على أسس روحية أو خطط ذات أبعاد أستراتيجية بعيدةالأمد.

مناقشة هذه المفاهيم ودراسة مناهجها العامة قد تبدو بسيطة وبعيدة عن اللغز لكنها في غاية التعقيد والحساسية في البيئة العربية خاصةً عند تركيز حجج المناقشة على حكومات أعتباطية ضعيفة تستمد بأسها من دول القوة العسكرية والمالية، وشعوب أثقلها الجهل والفقر وأنعدام العدالة الأجتماعية وتعيش أمتداداً لثقافة الأسلام السياسي المستمِد لقوته من قوة الله وحكمته، و يدفع فيها ملايين من المسلمين الثمن وهم يعيشون في خيام اللاجئين ويتقربون لجبروت الله بأعتقاد ما يروجه لهم حكامهم في مواقف شأنية مختلفة متعلقة بسياسات خارجية لدول أجنبية. هذه الشعوب تنتخب وهي تنتحب قيادات فاشلة توزع لها صكوك الغفران وتقودها الى المجهول بالتراويج والصلوات والله (والغرب) هما المُعين.

باحث وكاتب سياسي