مخرج يهذي مجهول ومغمور.. مزدوج الجنسية.. (الأميركية والإسرائيلية) لم يحتج إلى أي تصريح من نقابة الفنانين.. ودستور موطنه يعطية الحق في حرية كاملة في التعبير عما يريد.. قام بإخراج فيلم من المستوى العاشر لجودة الأفلام. عبّر فيه عن تفسيرة الشاذ معتقدا أن هذا هو التاريخ ضمن تفسيره..في منتهى سوء الإخراج والتمثيل.. وأثبت بأنه لا يستحق المشاهدة بعد عرضه الأول في إحدى دور العرض.

ولكن رد الفعل العربي.. أشهر الفيلم.. وصاحبه.. وبالتاكيد سيضعه على قائمة مشتريات كل غربي.. مما سيعطية إيرادات لم يتوقعها ولم يخطط لها سابقا لأن الربح المادي لم يكن ضمن أهدافه ولكن الفيلم السيء حقق لمخرجه الهدف الأساسي الذي عمله من أجله..

شخصيا لا اعتقد بأن إحياء الفتنه الطائفية في مصر كانت أولى أهدافه.. ولكنها ستكون لاحقا قطعة الحلوى التي ستقدم له بعد وجبته الدسمة... ولكني أؤمن إيمانا راسخا بأن هدفه الأساسي هو كشف رد فعل الإنسان العربي لفيلم تافه.. ليؤكد أطروحات إسرائيل وإستثمار الخوف مرة اخرى..

الحقائق تقول بأن الفيلم موله 100 شخصية يهودية بارزة ومعروفه في المجتمع الأميركي.. يجمعهم كلهم الحرص على بقاء وإستمرارية وجود الدولة الإسرائيلية.. والخوف من نجاح أوباما في الإنتخابات المقبله خاصة وفي ظل الخلاف الكبير بينه وبين نتنياهو في الرؤية المستقبليه لحل الصراع.... لأنه وربما وبعد فترته الأولى قد يغيّر من سياسته تلك.. وقد يتشدد بعد لين وضعف في ولايته الثانية حتى بعد تقديم كل أقسام الولاء للدولة الإسرائيلية.. ومنها التصريح بأن القدس ستبقى عاصمة إسرائيل الموحدة، طمعا في صوت الناخب اليهودي..

هدف المخرج الأول إضافة إلى الإستهزاء... طرح السؤال الأساسي أمام العالم أجمع... حول هل تستطيع إسرائيل التعايش والحياة مع سكانها من الأصول العربية.. كيف سيكون مستقبل إسرائيل خاصة وأن هؤلاء السكان الذين يمثلون نسبة 25% حاليا.. وكل المؤشرات تؤكد بأنهم سيكونون الأغلبية خلال عشرين سنة نظرا لزيادتهم السكانية الكبيرة مقارنة مع التزايد السكاني اليهودي فما هو مستقبل ديمقراطية إسرائيل حتى وإن كانت سوداء كما يسميها البعض من كتابهم. نظرا لأنها تميّز بين مواطنها اليهودي ومواطنها من أصول أخرى؟؟

كيف ستسطيع إسرائيل التعايش والحياة مع جيران ليس لديهم أدنى قدر من قدرة الإحتمال ولا يحركهم إلا مشاعر الكره والعداوة لها..وللعالم الذي يختلف عنهم.
ووقع العالم العربي مرة أخرى في المصيدة..

وجاءت ردود فعل الشارع العربي تماما كما أراد لها المخرج. بل إنها تفوقت على أهدافة وجعلت الفيلم مسلسلا للعنف أكثر تشويقا مما خطط له.. حين أكد بعض الصحفيين بالوجود الفعلي لتنظيم القاعدة في ليبيا.. والإحتمالات الكبرى لتخطيطها المدبر مسبقا للهجوم على القنصلية الأميركية.. وأن التنظيم الذي يستأنف تفجيراته بقوة في العراق، ويفتح فروعا في سورية، ويحتل مع حلفائه ثلاثة ارباع مالي جنوبي ليبيا، ويعزز سيطرته على منطقة الصحراء الافريقية الكبرى، وبعض مناطق المغرب الاسلامي..ما زال لدية القدرة التخطيطية والعسكرية..( حسب ما كتبه بعض الكتّاب ) مما يدحض من إدعاءات الإدارة الأميركية وتباهيها بالقضاء على التنظيم بعد قتل زعيمه بن لادن.. إضافة إلى ما أظهره التحقيق مع أحد حراس القنصلية الأميركية في بنغازي حين سؤاله عن عدم دفاعه عنها بأنه كان متعاطفا مع المهاجمين وأنه عندما يكون خياره بينهم وبين الدفاع عن القنصلية ( وهي وظيفته التي تضع الخبز على مائدته ) فإن خياره سيكون الوقوف مع أشقائه المسلمين لنصرة النبي..( سلام الله عليه ).. أي أنصر أخاك ظالما أو مظلوما!

وهو بهذا لا يؤكد إلا شيئا هاما يقع مرة اخرى في صالح الإدعاءات الإسرائيلية وفي صالح خوف الغرب اللا متناهي من التنظيم ومن الإسلام والمسلمين.. ولكن الأدهي أنه ومع رد الفعل العربي يضع تعاطف الشارع العربي مع فكرالقاعدة الجهادي في قمة أولويات التساؤل..

في الحوار الذي نظمته قناة ال بي بي سي العربية في برنامج أجندة مفتوحة.. بين أربعة محاورين كنت من ضمنهم.. أكد الدكتور أحمد فتح الله.. الدكتور الأزهري بمشروعية الإحتجاجات ( والتي أؤيدها متمنية انها بقيت في إطار سلمي ولم تتطور إلى عنف ) التي كانت رد فعل طبيعي من شعوب اعتادت على أن الدين أصل ترتكز عليه في حياتها اليومية لأن حياة المسلم منظمة وفقا للدين.. وأكد رفض الأزهر لأي لون من ألوان العنف.. ولكنه إستمر في التاكيد بأن كل فعل يجب ان يكون له رد فعل يناسبه... ناسيا ومتناسيا بأن الإسلام دعا أيضا إلى التسامح..

وحين تداخلت بأن مظاهرة القاهرة كانت عفوية من شبان صغار قد يكونوا عاطلين عن العمل ومن بيئة فقيرة تفتقر لأساسيات الحياة أجابني بأن الفقر كان دائما موجود في مصر وليس الفقر الذي دفعهم لإحراق السفارة الأميركية.. مؤكدا بذلك ثقافة القطيع التي تحركها مشاعر الإستفزاز بسهولة والخوف. الخوف من الخروج عن هذه الثقافة حتى لا تتهم بالتخوين والعمالة...

التساؤلات الآن في مصر المحروسة حول ما إذا كانت هناك جهة معينة أرادت إستغلالهم وقامت بدفع الأجر لقاء خروجهم في التظاهره؟؟؟

قال أيضا بأن الإسلام لا يقر إطلاقا إحتقار مقدسات الآخرين لأنها جزء من مقدساتنا ضمن مفهوم الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبهم وأنا اؤيده مرة أخرى هنا.. ولكن سؤالي للدكتور.. لماذا لم نشهد أي تظاهرة تنديد حين عرضت أفلام تسيء للمسيح أيضا.. لماذا وقف فقهاء الدين وصبوا غضبهم مرة تلو المرة على المعتنق لدين آخر..

تعلل الدكتور احمد فتح الله بإختلاف الثقافة وعدم فهم اللغه ولكني أتساءل مرة أخرى بأن ما أعقبه من عمليات تفجير لكنائس في مصر وفي بغداد لم يؤكد التعاطف المفروض بين جميع المواطنين..

ثم دعا إلى إيجاد منظومة عالمية جديدة تؤسس وتكرس للإحترام المتبادل بحيث لا يحتقر أحد منا الطرف الآخر ولا معتقداته ولا قناعاته..
وهو دعوة مماثله لدعوة السيستاني لتشريع أممي يجرّم الإساءة للنبي..وهو الخبر الذي جاء في إيلاف قبل يومين...
كلاهما نسي بأن النبي أعاد جملته عدة مرات حين قال ما انا إلا بشر مثلكم...

إن مثل هذه الدعوة لمثل هذه المنظومة العالمية تتعارض كليا مع قوانين الغرب.. ومع مواثيق حقوق الإنسان الذي ضمن الحريات الأساسية للإنسان ومن ضمنها قدسيته وإحترام آدميته وحقه في التعبير مادام هذا الحق لم يصل إلى أي مستوى عنفي.. ولكن من الممكن كسب إحترام العالم وتغيير النظرة والهجمة على الإسلام والمسلمين حال ترافقت الدعوة مع تغيير المناهج التعليمية.. ومع تغيير لغة فقهاء الدين.. ولكن والأهم تغيير أو حذف فقه الذمه في الإسلام.. وفقه الولاء والبراء.. وفقه المرأة..

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية