الحلم الكردي بتأسيس quot;دولة كردستان الموحدةquot; كان بعيد المنال بسبب الارث التاريخي الثقيل لهضم الحقوق الكردية وتقسيم الامة الكردية على تركيا والعراق وايران وسوريا بفعل ارادات ومصالح دولية لقوى كبرى قادت العالم في السابق، ولكن بظهور الاقليم المستقل لكردستان العراق، وتحقيق بعض الحقوق الثقافية والاجتماعية باسم تطوير النظام الديمقراطي في تركيا، وبروز الوجود الكردي في سوريا وانتخاب هيئات شعبية لادارة المناطق المحررة من نظام بشار المستبد، اعيدت البسمة لوجوه الكرد وفتحت لهم من جديد باب الحلم بالدولة الموحدة التي تجمع جميع الكرد تحت عنوان طالما دفع من اجله مئات الالوف من الضحايا المدنيين والشهداء للحركة التحررية الكردية، والعنوان هو quot;كوردستانquot;.
والمعلوم ان ارساء كيان مستقل لكرد العراق معترف به اقليميا شكل اول نقطة تحول كبرى في الحالة السياسية في المنطقة بعد تحرير الكويت من الغزو العدواني لنظام صدام، ورسم خارطة جديدة للشرق الاوسط بزغ الى الوجود بعد سقوط صنم الاستبداد والطغيان سنة الفين وثلاثة مع الاقرار الدستوري بالكيان الفيدرالي لاقليم كردستان، ولم تكتفي ضرورات التغيير بالذي حصل في العراق، وبل مهد السبيل لاطلاق ربيع الثورات العربية لاسقاط النظام السياسي الدكتاتوري الذي وصل الى حالة من العقم السياسي وبذلك شكل عبئا على المجتمع الدولي، وبفعل ثورات الربيع العربي تحررت الشعوب في مصر وتونس وليبيا واليمن، ولكن مازالت الحالة السورية تراوح في مكانها بسبب تخاذل مجلس الامن الدولي بالرغم من الخسائر البشرية الهائلة التي يدفعها السوريون قربانا لتحقيق ونجاح الثورة، والحركة الاحتجاجية في البحرين مازالت تراوح مكانها لعدم قدرة الاطراف المعنية من الوصول الى اتفاق يرضي الجميع في الواقع السياسي البحريني.
د. جرجيس كوليزاده |
ومسألة بناء الدولة ضرورة تاريخية للشعوب، وتأسيس الفيدراليات والكونفيدراليات ما هي الا الوجه الثاني لعملة مشروع تأسيس الدولة المدنية الحديثة، ولا شك انها بالاخير تحقق غاية اعلان الدولة في حالة توفر الظروف الداخلية والاقليمية والدولية لاستيعاب الدولة الجديدة.
وفي حديث جانبي مع نائب رئيس اقليم كردستان كوسرت رسول علي قبل شهور تنبأ باقامة فيدراليات كردية في تركيا وسوريا وبموافقة تركية مع تجاوز حدود الخط الاحمر الذي فرضته الدولة التركية على القضية الكردية، وفي الوقت نفسه تنبأ نائب الرئيس جلال طالباني في الاتحاد الوطني الكردستاني باقامة كونفيدرالية للامة الكردية على المدى الطويل تجمع الفيدرالية القائمة في كردستان العراق وكل من الفيدرالية التي ستقام مستقبلا في تركيا وسوريا، وهنا لابد لنا من القول ان حصول مثل هذا التطور والتغيير الكبير في المنطقة لابد ان يتم بدعم الدولة التركية وبموافقة امريكية اوربية.
ودعما للرؤية المستقبلية المطروحة من قبل نائب رئيس اقليم كردستان، توقعت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، ظهور quot;دولة كوردستان الكبرىquot; من بين عدد من الدول الناشئة على الخارطة السياسية الجديدة في العالم، وقالت الصحيفة في رأيها الذي أعده الصحفيان فرانك جاكوب وباراك كانا، تحت عنوان quot;العالم الجديدquot; في مقارنة بين سنوات ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي السابق والسنوات الاولى من القرن الحادي والعشرين، إن quot; دولاً جديدة ستظهر حتما في بدايات القرن الحادي والعشرين، فضلا عن اتحاد بعض الدول الاخرى في كيانات موحدة. وتحدثت الصحيفة عن quot; ظهور دولة كوردستان الكبرى من بين دول اخرى عديدة ستظهر خلال هذه السنواتquot;، موضحة ان quot;الانسحاب الامريكي من العراق خلف مركزا ضعيفا لصنع القرار في بغداد، فضلا عن احتمالات وقوع حرب اهلية في سوريا، الامر الذي يدفع باتجاه تشكل خارطة سياسية جديدة في المنطقة. واشارت الصحيفة الى ان quot;هذه من الفرص النادرة التي لم تتكرر على طول اكثر من ثلاثة الاف سنة من تاريخ الكوردquot;، مؤكدة على quot; تعاظم احتمالات الدولة الكوردية المستقلة quot;. ونوهت الصحيفة الى quot;الوجود الكوردي في شمال العراق ورفع العلم الكوردي فيه بشكل اكثر من المناطق الكوردية الاخرىquot;، مشددة على quot; تمكن الكورد في العراق من توقيع العقود مع كبريات الشركات العالمية كشركة اكسون موبيل والعديد من الشركات التركيةquot;.
وبالرغم من ان التقديرات تختلف بشأن عدد الكرد في الشرق الاوسط ولكنها تتوقع تقديرا بين 35 إلى 45 مليون يتوزعون بنسب متفاوتة في تركيا وإيران والعراق وسوريا ونسبة قليلة في أرمينيا، ولكن بالرغم من هذا الرقم السكاني الا ان التقديرات قد تشير ان الرقم اكبر من العدد المذكور، ولكن يبقى التأثير السياسي لكرد اقليم كردستان بعاصمته اربيل من اهم القوى المؤثرة على تحديد المسار المستقبلي للحدث الكردي في المنطقة بالرغم من قلة سكانه مقارنة مع كردستان تركيا، والاحزاب الرئيسية الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحزب العمال وحركة التغيير ستحمل سلبا او ايجابا الثقل الاكبر لضرورات التغيير وتحديد اتجاه ومسارالمستقبل السياسي في المربع الكردي المقسوم على تركيا والعراق وايران وسوريا.
وضمن سياق التوقعات والتنبؤات لما سيأتي به المستقبل للمنطقة يبدو ان مراكز دولية بدأت بطرح تقارير وتصورات تتسم بقراءة مستقبلية للواقع الاقليمي في المنطقة وبدأت تتحدث عن quot;كردستان الكبرىquot; المقسومة الى اربعة اجزاء موزعة على دول مستبدة تسببت في ابادة مئات الالوف من الكرد بعمليات عسكرية وامنية جائرة وبوسائل قمعية واجرامية لمحاربة حرية وكرامة الانسان الكردي.
بايجاز هذه الرؤية تناولت خيار دعوة اقامة دولة كردستان الموحدة بسيادة كاملة لتحقيق امال واحلام الامة الكردستانية الذي قدم من اجل نيل حريته وكرامته مئات الالوف من الشهداء والمعوقين والمحرومين لضمان اقامة الكيان السياسي من أجل السلام والاخاء وتحقيق العدالة الاجتماعية.
كاتب صحفي ndash; اقليم كردستان
[email protected]
التعليقات