في تصريح لمحطة فوكس قال صاحب الفيلم الشهير quot;براءة المسلمينquot; سام باسيل انه لم يكن يقصد تقديم عمل فني بل رسالة سياسية لquot;اثبات ان الاسلام دين قائم على العنف والقتل والغزوquot;.

يدرك العقلاء من البشر انه بامكان اي واحد ان quot;يقولquot; اية رسالة سياسية او غير سياسية ولكن اثبات صحة الرسالة امر اخر. انه يحتاج الى جهود استثنائية جبارة تتمثل بحملات دعاية واموال واتصالات وتنسيقات ودراسات وبحوث ومختبرات وغالبا ما يفشل صاحب اي نظرية في اثبات صحتها الا بنسب معينة - اللهم الا في دولنا الكريمة ذات الاثبات المؤي المطلق- بل حتى وان افلح في اثبات صحتها فنادرا ما يجد من يصدقه وهي مثل اي نظرية تظل عرضة للنقد والتفنيد ومن ثم بطلانها بالتقادم مثل كل نظريات العالم التي نشهد قيامها وازدهارها ومن ثم اندثارها.

وكان يمكن ان تظل تلك الرسالة النظرية مجرد فيلم مطمور بين ملايين الملايين من الافلام الاخرى في اليو تيوب وكان يمكن حذفه وسحبه وتعويض صاحبه وحتى اليو تيوب بمجرد شكوى قانونية للجهات المختصة تتألف من خمسة سطور باعتباره ليس quot;نظرية علميةquot; او رايا صحفيا او خيالا ادبيا بل مجرد حفنة شتايم موجهة بشكل مباشر وفاضح وسافر وبذيء الي عقيدة اعضاؤها اكثر من مليار شخص حول العالم وهو يتعارض مع الشروط الاخلاقية ومعايير النشر العالمية التي ينص عليها اليو تيوب ويمتنع عن نشر ما هو اقل سوءا من هذا الفيلم quot; الشتيمةquot; وان يقدم ( بضم الياء) اليو تيوب وصاحب الفيلم الى المحاكمة وان تفرض عليهما غرامة مالية باهظة تكسر الظهر وقد شهدنا قصصا مشابه كثيرة.

فاضل الخياط

كان يمكن ان يتم كل هذا ويمر دون اثر او اثبات او برهان للنظرية التي اراد الفيلم ان يبرهن على صحتها للعالم لكن الرياح جاءت حسب ما يشتهي السفان ونجح بشكل باهر من اثبات نظريته فاوصل الرسالة واتمم النظرية وذلك من خلال شلة البرابرة الغوغائيين الذين قاموا بالغزوات المخزية التي لم تصمت طبولها بعد ضد السفارات الامريكية والبريطانية وحتى الالمانية وسقوط عدد من الضحايا ومن بينهم السفير الامريكي في ليبيا فقد حققوا للفيلم ما اراد قوله واثباته بل صاروا بذلك اشبه بالتجسد العياني للفيلم. لعل ما يرسخ مضمون الفيلم ما قاله صراحة زعيم quot; حركة انصار الشريعةquot; واظن اسمه محمد علي الزهاري التي ساهمت باسقاط القذافي وترفض لحد الان تسليم اسلحتها للسلطة لانها quot; لا تثق بهاquot; حسب تعبير الزعيم الذي قال حين سئل عن مقتل السفير :quot; هل ان قتل السفير مع مجرد ثلاثة من مساعديه اكثر شناعة من الاساءة للرسولquot;. نعم ايها الزعيم ان اكثر شناعة وهو جريمة صريحة وتتعارض مع مبادي الاسلام القائلة quot; لاتزر وازرة وزر اخرىquot; وتتعارض مع تعاليم نبينا العظيم الذي كان يتلقى الشتايم والاساءات والاذى من اعدائه ليل نهار ولم يامر بقتل اي احد بسببها.

ان تلك المظاهرات المحمومة التي يتلقي معظم ابطالها اموالا كquot;اجور تمثيلquot; عفوا مسيرات لا تقدم سوى حقيقة واحدة الا وهي البرهان العملي بالصوت والصورة لفرضية الفليم الناصة على ان الاسلام دين دموي قام وتاسس بالعنف وهو مستمر بالعنف وحده ولولا العنف وتخويف المخالفين وتهديهم بالقتل لما تمكن هذا الدين من ان يخفي مساوئه ووحشيته ولما بقي احد متمسك به وما ارد قوله الفيلم من ان مسؤولية العنف لا يتحملها المسلمون لعلة او خلل فيهم فليسوا من طبيعة مختلفة عن بقية البشر لكن المشكلة واصل العنف يكمنان في جوهر الاسلام وبالتحديد في تعاليم نبيه ولهذا اختار quot;المخرجquot; اسما ذكيا وخبيثا وسماهquot; براءة المسلمينquot;.

ان الذين يدينون الفيلم انطلاقا من مبدأ اساءته للنبي وللاسلام لا بد ان يدينوا هولاء المتظاهرين لانهم صاروا سواء عن قصد اوغير قصد جزءا من الفيلم بل النسخة الحية الحقيقية منه والتجسد العياني له او لعلهم كادر الكواليس الخلفية للفيلم او quot;الكومباسquot;. كأني الان بصاحب الفيلم يجلس مسترخيا على اريكته ولسان حاله يقول (الاسلام دين العنف ومن لم يصدقني فلينظر لهذه الاعمال الوحشية ولهذا القتل المجاني لمجرد فيلم. شكرا للمسلمين لانهم برهنوا حقيقة نظريتي).