ترقب وتوجس وقلق وإنتظار هذا هو حال الشارع المصري إنتظارا لما ستسفر عنه مظاهرات يوم 25 يناير 2013، التصريحات الصادرة من الحكومة ونظام الإخوان بتهوين المظاهرات تعكس مدي قلقهم ورعبهم من تلك المظاهرات في أن تتحول إلي ثورة قد تطيح بهم من الحكم، تفاؤل حذر من المعارضة تصحبه تصريحات دبلوماسية لرموز المعارضة تحميهم من الوقوع تحت طائلة الإتهامات التي قد توجه لهم والمعدة مسبقا كالدعوة للخروج علي الشرعية والدعوة لقلب نظام الحكم وتكدير الأمن العام...ألخ، بينما تصريحات شباب الثورة تأتي قوية ومعبرة عن طموحاتهم ولكنها لا تخلو من حماسة وإندفاع الشباب، رجل الشارع المصري يترقب أيضا لا لتغيير النظام بل للمساهمة في تحسين أوضاعه. لكن بقراءة سياسية هادئة وبتحويل ما يدور في الشارع المصري الآن لمعادلة حسابية بعيدا عن تصريحات المهونين والمهولين و المحبطين، نجد أن مبارك لم يتنحي لأن الجيش إنحاز للثورة، والجيش لم ينحاز للثورة من أجل عيون الثوار، فقد أتخذ الجيش هذه الخطوة لأنه كانت هناك إرادة دولية للتغيير في مصر وبصراحة أكبر quot;إرادة أميركية للتتغييرquot;، هذه الإرادة غير موجودة الآن وغير متوافرة فالنظام الحالي يطيع أمريكا في كل شئ فقد ساهم في تأمين إسرائيل عندما تعهدت مصر بوقف اطلاق صواريخ حماس علي إسرائيل، سمح للولايات المتحدة بنشر أجهزة مراقبة علي حدودنا الشرقية، عندما ظهرت تصريحات quot;مرسيquot; ضد الصهيانة أصدرت الرئاسة المصرية أعتذار في اليوم التالي بل وأكدت علي إحترامها لكل الأديان ودعت للمحبة والتآخي والسماحة بين جميع الناس، وهذا ما تريده أمريكا بالفعل فهي إستطاعت أن تجبر التيار المتطرف علي الإدلاء بتصريحات معتدلة جدا. علي الجانب الداخلي، ما زال التيار الديني يتمتع بشعبية كبيرة قياسا بالتيارات الدينية المتطرفة في بلاد أخري، فالبرغم من تدهور وحرق شعبيته المستمر لكنه لم يصل بعد لحجم شعبية الأحزاب الدينية المتطرفة في إسرائيل مثلا والتي لا تتعدي 3%، في الإستفتاء الأخير حصل الإخوان علي عشرة مليون صوت نعم العالم كله يعرف أنه كان هناك تزوير وأن العشرة مليون صوت تمثل فقط 20% من القوة التصويتية، ولكن في ظل السلبية السياسية للمصريين قد تتحول هذه النسبة للضعف في حالة عدم مشاركة كل ال50 مليون الذين لهم حق التصويت، والتيار الديني يملك المال والتنظيم وأسلحة وميليشيات مدربة جاهزة للتدخل لحماية النظام. أي أن نسبة تأييد التيار الديني المتطرف مازالت كبيرة بالنسبة لما ينبغي أن تكون عليه في أي مجتمع سوي أو حتي بما هي عليه في إسرائيل. ومن جانب أخر فشل رموز المعارضة في خطاب رجل الشارع البسيط، فالمطالب السياسية لا تصنع ثورة ولكن الثورة تصنعها المطالب الشعبية التي تتعلق بلقمة العيش، فالمواطن لا يهمه من يحكم ولكن يهمه أن يوفر قوته وقوت أولاده، أما الحريات والأخونة والهيمنة والسيطرة فهي شعارات تجذب المثقفين فقط، أما المهمشين وهم الغالبية العظمي فلهم أهتمامات أخري، ولكي تنجح الثورة لابد أن يكون لها مطالب شعبية وأهداف شعبية، نعم هناك حالة من الغضب في الشارع المصري من تدهور أحوال المعيشة ولكن لا يوجد من يدغدغ مشاعر رجل الشارع ولم يوجد الزعيم الذي يخاطبه ويثق فيه بعد،واعتقد أن حمدين صباحي هو الأقدر علي مخاطبتهم إذا تحلي بالشجاعة وإذا كان عنده إستعداد ان يسجن من أجل مبادئة وقيمه في حالة فشل الثورة. هذا هو الواقع السياسي المصري الآن كحسابات حسابية بحته، تقول أن ثورة 25 يناير تحت هذه الظروف لن تستطيع القضاء علي الإخوان ولن تستطيع تغيير نظام الحكم للظروف الداخلية والظروف الدولية، ولكنها قد تكون بروفة قوية لثورة تأكل الأخضر واليابس وتجتاح مصر كلها لتقتلع النظام وتقتلع من يقف وراء النظام وهي ثورة الجياع المنتظرة. ولكن السياسة شأنها شأن كل العلوم الإنسانية فهي لا تخطع للحسابات الدقيقة 1+1=2 هذا في علم الرياضيات أما في العلوم الإنسانية فقد يساوي صفر او يساوي ثلاثة او عشرة، فقد تاتي ثورة يناير بالمخلص الذي يخلص مصر من كبوتها ويعيد لها شبابها ويحقق أمال شعبها، فقد تشهد المظاهرات تصاعدا في مطالبها ودعما شعبيا يحولها لثورة حقيقة، أو قد تكون صوتا صارخا في البرية يعد الطريق للثورة القادمة، فهل يكون يوم 25 يناير يوم الخلاص ام أننا سننتظر آخر؟؟؟ هذا ما ستسفر عن الأيام القليلة القادمة.
- آخر تحديث :
التعليقات