الكون الكلي 6

من خلق من؟ وهل هناك عملية خلق حقاً؟ هل الحياة سابقة للكون المرئي، متمثلة بكينونة حية وعاقلة، هي التي قامت بخلق الكون المرئي أم العكس، أي أن يكون الكون هو الذي يحتوي الحياة في طياته ومكوناته الجوهرية ويبثها في كل مكان من أرجائه. الإيمان بالله لدى المؤمنين مبني على قاعدة معكوسة، فعندما تسألهم من هو الله؟ يقولون لك أنه الخالق و لكن هذه الإجابة تتعاطى مع صفة أو مهنة كصانع أو نجار أو بناء ولا تُعرف ذات وماهية أوكينونة إلهية. وعندما تسألهم ومن قال لكم أنه الخالق؟ فهل شاهدتم حدث الخلق بأنفسكم؟ سيكون جوابهم : لا ولكن ورد ذلك في كتبه المقدسة التي أخبرتنا أنه الخالق، عندها سيفرض سؤال محرج نفسه عليهم وهو : ومن قال أن هذه الكتب من الله فهذا الأمر لم يثبت تاريخياً؟ الإجابة الوحيدة الممكنة من قبلهم هي : لأنه قال لنا فى كتبه أنها كتب من عنده. إن الأديان من صنع الإنسان، والإنسان هو الذي خلق الآلهة في مخيلته التي تطورت بتطوره. فبعد أن كان الإله حجراً أو جذع شجرة قديمة ميتة كانت تتوسط المساحة السكنية التي تقطنها قبيلة بدائية يعتقدون أنها تحميهم من الشر، اتخذ الإله أشكالا اخرى كالقمر والشمس والكواكب والنار والبرق والعواصف، ثم أصبح الإله في هيئة إنسان يهبط من السماء ليصارع يعقوب، وينهزم أمامه كما جاء في نص التوارة: َبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25 وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26 وَقَالَ: laquo;أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُraquo;. فَقَالَ: laquo;لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِيraquo;. 27 فَسَأَلَهُ: laquo;مَا اسْمُكَ؟raquo; فَقَالَ: laquo;يَعْقُوبُraquo;. 28 فَقَالَ: laquo;لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَraquo;) (سفر التكوين، الإصحاح 32). ثم أصبح الإله كالإنسان يرسل ابنه الوحيد لينقذ البشرية من الخطيئة الأولى بإراقة دمه كما تقول الديانة المسيحية، ثم تعالى الإله بعد ذلك وأصبح كائناً بيدين ورجلين ووجه وعواطف إنسانية من غضب وضحك وما إلى ذلك، وأصبح يجلس فوق كرسيه أو يستلقي على عرشه فوق السماء السابعة وينزل من وقت لآخر إلى السماء الدنيا وغير ذلك من الحكايات. ولقد جاء في كتاب سيغموند فرويد موسى والتوحيد ما مفاده إن فكرة الإله الأوحد الكلي القدرة والمطلق لم تترسخ في الديانة اليهودية إلا مع مرور الزمن فقد جاء في كتاب فرويد : هنالك شواهد كثيرة في التوراة على ان اليهودية في بداية امرها لم تكن دينا توحيديا بل خالطتها كثير من المعتقدات الوثنية لشعوب المنطقة التي سكنت بينها الى حين، ولعل النبي موسى هو الذي وطّد التوحيد والتشريعات الاولى التي ميزت اليهودية عن باقي الاديان الوثنية. ولعل دلالة كلمة quot;إلوهيمquot; وهي الجمع العبري ل إله دلالة على تعدد الاله في العصور الاولى لليهودية ولو ان رجال الدين اليهود يعللونها بأن إلوهيم هي صيغة الجمع للتعظيم كما هو معروف باللغة العبرية وفي كثير من اللغات الاخرى مثل العربية فإن الإلوهيم بالعبرية ً تعني أيضاً الهابطون من السماء بصيغة الجمع.

وفي كنعان كان اله اليهود هو إيل وفي عهد النبي موسى كان الههم هو أتون الذي نادى به الفرعون الموحد اخناتون حيث تظهر اثاره في النص التوراتي الغريب التالي: quot;اصغي يا إسرائيل، ادونَي إلهنا الهنا واحدquot; وأدوني هو اللفظ العبري للإله أدونيس الذي كان يعبد في شمال الشام ومن المرجح ان الاله أتون المصري الذي يمثل القوة الخفية في اشعة الشمس لإله لايرى هو امتداد مقتبس من الاله أدونيس. وبعد ذلك اصبح اله القبيلة العبرية في عهد النبي هارون اخو النبي موسى وسموه quot;يهوهquot;. ويهوه هو اله وثني للبراكين جُرّد من صفاته الوثنية السابقة ليحل محل اله التوحيد ادوني بعد اندماج العبريين النازحين من مصر ببني جلدتهم الذين كانوا يعبدون يهوه في سيناء. ونرى ان صورة الاله قد تطورت من صورة اله وثني (نصف اله ونصف بشر) يصارع التنين وينتصر عليه، إلى إله محدود الصفات، فهو ليس الخالق الاول والأوحد وقواه ومعرفته محدودة، أي ليس هو الإله الخالق الأوحد كلي القدرة والمعرفة. ويلاحظ أيضا تأثر الطقوس الوثنية بالطقوس اليهودية مثل تقديم الاضاحي للإله المتعطش لرائحة الدم والشواء ونلاحظ ايضا تأثير الطقوس المصرية في تحنيط الموتي في ما تذكره التوراة من تحنيط النبي يعقوب والنبي يوسف بعد موتهم. جاء كما ورد ذلك في كتاب موسى والتوحيد لسيغموند فرويد.

هناك أساطير وخرافات وغيبيات يصدقها المؤمنون بالرغم من تناقضها الواضح والصارخ مع العقل والعلم ولكنهم يتقبلونها على علاتها كونها تتشكل معهم بالإيمان ووراثة المعتقدات وهنا يصبح العقل إما مغيباً تماما كونه يتناقض مع المنظور والمحسوس أو عقلاً يترنح بين العلم والخرافة، وفى كل الأحوال يكون تمرير مثل هذه الكمية من الخرافات تعبيراً عن إحتياجات نفسية تجد أمانها فى المقدس، والطريف أنهم يريدون إثبات وجود الله بهذا المنطق الخرافي.

يميل أغلب العلماء للفرضية الثانية أي أن الكون هو موجد الحياة ومنبعها لأنه هو ذاته كينونة حية. فلقد توصل لفيف من العلماء في أواخر عام 2009 إلى اكتشاف مثير بفضل مرصد راديوي يبلغ قطره 30 متراً تمثل بالعثور على مادة الآسيتونايتريل وهي مادة قريبة في تركيبتها الجزيئية من الحوامض الأمينية التي هي بدورها تمثل اللبنات الأولية للأحماض النووية التي يعتقد علماء الأحياء والبيولوجيا أنها جوهر الحياة، والأهم في ذلك أنهم عثروا على هذه المادة العضوية في غيمة غازية هائلة تقع في مركز مجرة درب التبانة بالقرب من سديم أو كوكبة القوس. وبدراسة هذا التشكيل السديمي الكثيف والساخن جداً الذي يبلغ قطره مايقارب ثلثي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة، أي ثلثي السنة الضوئية، وفي مركزه نجم حديث الولادة. تتيح لنا هذه الاكتشافات العلمية الحديثة في هذا المضمار إمكانية التركيز على فكرة باتت مقبولة من قبل عدد من العلماء والباحثين مفادها أن إحتمال تشكل اللبنات الأولى للحياة الأساسية كان في الغيوم السديمية المنتشرة في كل أرجاء الكون المرئي، وقد تكون هي المصدر الأساسي أو الأولي الذي مهد لظهور الحياة فوق عدد كبير من الكواكب التي تلائم ظروفها البيئية نشأة الحياة فوقها كما هو الحال مع كوكبنا الأرض، وهي كواكب توجد في عدد من المنظومات الشمسية في مجرتنا وفي باقي مجرات الكون المرئي وتعد بالمليارات. وهذا ما سيشجع العديد من العلماء على محاكاة عملية نشوء الحياة مختبرياً من خلال عدد كبير من التجارب البيولوجية والتفاعلات الكيميائية المختبرية. ولو تم إثبات هذه الفرضية فهذا يعني أن من المحتمل أن تكون الحياة بأشكالها المتنوعة، وحياتنا البشرية أحد أنواعها، هي أكثر شيوعاً وانتشاراً في الكون المرئي مما كنا نعتقد في الماضي القريب. بعبارة أخرى إن الحياة هي جزء أساسي وجوهري للوجود الحي في المنظومات الكونية وفي الوجود كله وهي من شروط التركيبة الكونية الشاملة في مقابل فرضية الآنثروبي anthropien التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة وكدليل على وجود أشكال حياة خارج كوكبنا، نشرت دورية quot;مجلة علم الكونياتquot; (the Journal of Cosmolgy) مؤخرا مقالا أثار الجدل وشارك في تحريره علماء من المملكة المتحدة و سريلاكنا.

ففي يوم 29 ديسمبر/كانون الثاني من سنة 2012، سقطت مجموعة كبيرة من الشهب بقرية أراغانويلا السرلانكية، و قامت مجموعة من العلماء بجمع عينات لدراستها.
أحد هذه الأحجار النيزكية سمي (Polonnaruwa meteorite) وهو نيزك حجري غير حبيبي كربوني (carbenaceous chondrite) كشفت الصور الإلكترونية المجهرية أنه يحتوي بداخله على طحالب من نوع الدياتوم (diatom) المتحجرة، أي تركيبة عضوية حية. وقد قام بقيادة الدراسة البروفيسور شاندرا ويكراماسينغ، مدير مركز البيولوجيا الفلكية بباكنغهام. ويعتقد فريق البحث أن هذا الاكتشاف يؤكد فرضية التبزر الشامل (panspermia) التي تقول بأن الحياة منتشرة في مختلف أنحاء الكون المرئي و تنتشر عبر الكويكبات و النيازك، منذ أن بدأت النجوم بإنتاج العناصر الثقيلة والمواد الأساسية للحياة كالكاربون والأوكسجين والهيدروجين، وبالتالي الماء، في مختلف مراحل التطور الكوني على امتداد 13 مليار سنة.
أثارت الدراسة الكثير من الجدل في الأوساط العلمية، اعترض بعض العلماء المشككين على هذا الاكتشاف مقدمين حججا مثل أن تكون الطحالب قادمة من مياه من الأرض علقت بالحجر النيزكي عند سقوطه على كوكبنا.

وفي هذا السياق لم ينف كاتب المقال في حوار له مع جريدة هافينغتون بوست إيجاد كائنات معروفة أرضيا توجد في العادة بالمياه العذبة أثناء الفحص، إلا أنه أكد أن الحجر النيزكي يحتوي على 12 نوعا من الطحالب على الأقل التي أثارت حيرة الخبراء ليس مصدرها الأرض باكل تأكيد، إذ أنها كانت أنواعا مجهولة بالنسبة للعلماء.

أما بالنسبة للمشككين في كون الحجر نيزكيا مصدره الفضاء، فإن الفريق سيقوم بنشر بيانات تؤكد أنه بالفعل حجر نيزكي، ويبقى هذا الاكتشاف محل جدل إلى أن يتم نفي أو إثبات صحته. كما يقول علم الأجنة الطبي أن تطوّر الإنسان كان تتويجاً لعملية تطور بدأت منذ 3،7 مليار عام، حينما ظهرت بكتيريا وحيدة الخلية في المحيط البدائي، ومنها تطورت quot;شجرة الحياةquot; النباتية والحيوانية. ومن الفرع الحيواني، وفي مرحلة متأخرة جداً، ظهرت الثدييات، ومنها قرد راما، وهو نوع أكثر تطوراً من فصيلة الشمبانزي، ومن هذا القرد تطوّر الإنسان، منفصلاً عن ابن عمّه الشامبانزي العادي، منذ 7 مليون عام فقط. و يشترك الإنسان المعاصر مع الشامبانزي في 98،5% من الجينيات (نسبة الجينيات تحدّد قرب أو بعد انفصال حيوان عن سلالة نسب الآخر بمن في ذلك الحيوان الناطق)، في حين أنّه لا يشترك مع الزّهرة إلا بـ2% من الجينيات، ولا يشترك مع الأرنب إلا بـ70%من الجينيات. وهكذا مع جميع النباتات والحيوانات التي تطور منها كما تنص على ذلك نظرية التطور والانتخاب الطبيعي لتشارلز داروين.

لاتوجد لدى العلماء مشكلة بأن يكون للكون صانع و هذا احتمال موجود و لايمكن نكرانه على نحو مطلق وقاطع، المهم إثبات أن إله الأديان هو الصانع أو الخالق للكون المرئي، بيد أن الاديان عجزت عن اثبات مسؤولية ألهتها عن خلق الكون بأدلة علمية قاطعة.quot;

من الأسئلة المحيرة التى تضلل وتدفع العقل نحو التفكير الخرافي أو الميتافيزيقي سؤال quot; من خلقنا إذنquot;؟ والذي يطرح هذا السؤال إعتبر أن الوجود جاء من عملية خلق وفرض هذا بتعسف من غير إثبات أو دليل على الآخرين وكأنها حقيقة.. فهل الوجود جاء من الخلق؟. حريا ً أن يتم إثبات ذلك أولاً ومن ثم نبحث عن الفاعل سواء كان كائناً حياً وعاقلاً وقادراً على كل شيء أو تركيباَ مادياً ذي مزايا نجهلها في الوقت الحاضر لأننا ما زلنا على العتبة الأولى من سلم العلم والمعرفة في امتداده اللانهائي.

ولو إعتمدنا قصة الخلق المتعسفة التي فرضتها الأديان على عقول البشر فلماذا لا نسأل من خلق الخالق.. فإذا تعسفوا كعادتهم بالقول أن الخالق لا يُخلق فحريا بنا اعتبار الماهية التي يتكون منها الكون المطلق والكلي الحي هي التي لم تخلق وإنما موجودة منذ الأزل وإلى الأبد، أي سرمدية الوجود، وما كوننا المرئي المرصود ومافيه من محتويات، ومنها الحياة وجميع الكائنات، سوى جسيم أولي من مكوناته.
الكون المرئي بين البداية المفترضة والنهاية المحتملة:

إن مجرد الحديث عن مفاهيم البداية والنهاية سيجرنا حتماً، وعلى الرغم منا، إلى الحديث عن الزمان، إذ أن هذه المفاهيم هي مفاهيم زمانية بامتياز. فهل سيميط العلم يوما ما اللثام عن الحقيقة الحاضرة الغائبة دوماً والمتعلقة بالبداية الحقيقية، وليس المفترضة، والنهاية المجهولة والمتوقعة، لكل ما هو موجود على أرض الوجود المادي الذي نعيه وندركه بحواسنا البشرية؟ لقد عجزت فيزياء القرن العشرين وما سبقها عن تقديم الإجابة الشافية الكافية على هذا السؤال فهل ستنجح فيزياء القرن الواحد والعشرين في ذلك؟
في القرون الوسطى كان التفكير الإنساني يتركز في معظمه حول موضوع الأزلية والأبدية والخلود، من وجهة النظر الثيولوجية الدينية بالطبع، أو كما تراها الكنيسة الكاثوليكية والمؤسسة الدينية الحاخامية اليهودية وبالطبع ما يقابلها في الإسلام الشيعي والسني من مرجعيات ومراتبية دينية، مما يعني في نهاية المطاف أن الإنسان هو الذي اختلق آلهته من مخيلته أو أنه رأى ظواهر خارقة ومخلوقات كونية غريبة اتخذها آلهة له. ففي القرون الوسطى، على سبيل المثال، كان هناك رجل دين مسيحي متنفذ في الكنيسة الكاثوليكية ومستشاراً للملك سان لوي Le roi saint Louis وأسقف باريس يدعى غيوم الأوفريني Guillaume drsquo;Auvergne، والذي كان يتمتع بقوة شخصية مدهشة وانفتاح ذهني منقطع النظير وجرأة لا مثيل لها عند أقرانه وزملائه، وكان أول من تساءل في تلك الحقبة :rdquo; هل كان يوجد شيء ما في الوقت الذي سبق الزمان؟rdquo; وبعده بقرون تساءل الفيلسوف الفرنسي غويتون Guitton :rdquo; هل كان هناك زمان قبل الزمان، زمان أولي سبق زماننا هذا الذي نعيش فيه؟rdquo; لم تكن الإجابة سهلة ناهيك عن أن تكون بديهية ولكن العلم ونظرياته الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة قدمت لنا اليوم بداية لإجابات خجولة ومعقدة نوعاً ما لأنها توسلت بمنهجيات رياضياتية جبرية مركبة وصعبة تحدثت عن زمان بسيط temps simple وزمان مركب temps complexe وعن زمان واقعي temps reacute;el وآخر متخيل أو خيالي temps imaginaire وهذه مفاهيم علمية وليست فنطازيا fantasmatique أو فذلكة كلامية ناجمة عن تصورات وهمية effet de lrsquo;imagination. وكان من أوائل من استحدثها واستخدمها علمياً عالم الرياضيات الفرنسي الفذ هنري بوانكاريه Henri Poincareacute; في أواخر القرن التاسع عشر. ودونها في سنة 1902 في كتابه الهام العلم والفرضية La Science et Lrsquo;Hypothegrave;se كتب بوانكاريه بجرأة :rdquo; بوسع شخص ما كرس وجوده وعقله كله للعلم أن يتمثل ربما البعد الرابع quatriegrave;me dimension rdquo; وهنا تكمن المعضلة أمام العلماء. كيف يمكن جعل البعد الرابع مرئياً هندسياً وفراغياً وعلى نحو سهل وبسيط؟ visualiser la quatriegrave;me dimension geacute;omeacute;triquement وكيف يمكن التمييز رياضياتياً وحسابياً matheacute;matiquement بين الزمان والمكان، أو بعبارة أخرى كيف يمكنصياغة التمثيل الهندسي أو إيجاد التمظهر الهندسي repreacute;sentation geacute;omeacute;trique لما سماه آينشتين Einstein فيما بعد سنة 1905 الزمكان Lrsquo;espace-temps ذو الأبعاد الأربعة؟ في نهاية خمسينات القرن الماضي شاع بين بعض العلماء إمكانية اللجوء إلى شكل آخر من الزمان يختلف عن الزمان الواقعي الذي نعيش فيه وهو الزمان المتخيل أو الخيالي temps imaginaire وهو زمان افتراضي حاسوبي لا يقاس أو يحسب بالأرقام العادية المألوفة الموجودة على مينا الساعة اليدوية، بل بأرقام أو أعداد متخيلة أو خيالية nombres imaginaires وهي أعداد غريبة كما وصفها الفيلسوف والعالم ديكارت Descartes في القرن السابع عشر، والتي يكون جذرها التربيعي دائماً سالب neacute;gatif. وهي الوحيدة القادرة على التعاطي مع الزمن المتخيل الذي وصفه عالم الفيزياء والرياضيات الشهير ستيفن هاوكينغ Stephen Hawking بأنه الشكل الجوهري la forme fondamentale للزمان الواقعي temps reacute;el. حيث أن الزمن المتخيل هو زمن بلا مدة كأنه متجمد وكل لحظاته متوقفة ومتداخلة ومتراكمة فوق بعضها البعض أو منطوية على نفسها، ولكي نتمكن من تصورها يتوجب علينا أن نأخذ مثال كصورة تقريبية ليست دقيقة تتمثل ببكرة الشريط السينمائي التي تضم أحداث فيلم كامل وصوره ولقطاته ومشاهده وكلها ملفوفة على هذا الشريط وبداخله وهو بدوره ملفوف داخل بوبينة أو علبة معدنية. فالفيلم ليس في الزمن الواقعي ولا يجري في المدة طالماً كان حبيساً في العلبة، فهو يقبع في الزمن المتخيل إذا جاز لنا التعبير، ولا يخرج للزمان الواقعي إلا عندما نضع بكرة الفيلم على جهاز العرض ونعرضه على الشاشة عندها يدخل في الزمن الواقعي ويعرض أحداثه في سياق المدة الزمانية حيث يكون له بداية ونهاية وماضي ومستقبل. وفي طيات هذا الزمن المتخيل، الذي لا يتعدى كونه معلومة حاسوبية تختزن كل ذاكرة الكون الجمعية سواء التي سبقت الانفجار العظيم Big Bang أي في هيئته السابقة للنشأة الحالية، أو تلك التي تتضمن كل مافي الكون المرئي من موجودات ومكونات وأحداث دارت أو ستدور في الزمن الواقعي في سياق المدة dureacute;e. بعبارة أخرى هيئة ذات مغزى ثيولوجي غيبي للكون المرئي كما كان قبل تجسده عندما كان ما يزال قابعاً في تفكير الله La penseacute;e de Dieu، على حد تعبير آينشتين، وكما ستكون صورته بعد ظهوره في تفكير البشر. وهاهي الجملة السحرية التي نطقها آينشتين تظهر وتتحدى rdquo; ماذا كان يجري في فكر الله قبل خلق الكون؟rdquo;بالطبع بالنسبة لمن يعتقدون بأطروحة الخلق الإلهي المباشر والمستقل عن إرادة ما سواه. يقول القانون الثاني للثرموديناميك أو الديناميك الحراري أن الكون سينتهي مع مرور الزمن، الذي يحسب بمليارات المليارات من السنين، بعد أن يمر بحالة تراوحية، ومن ثم سيصل الكون المرئي بعدها حتماً إلى نوع من التوازن الساكن أو الثابت، إن لم نقل الميت، حيث يتوقف انتقال الطاقة من وسط إلى آخر، بيد أن المادة والحياة، التي هي إحدى مكونات الكون المرئي الجوهرية، ستكون قادرة على انتزاع الطاقة من الوسط الذي يحيطها سواء في المكونات المادية الأخرى أو الفراغ الكمومي أو الكوانتي، لكونها تضم كائنات تفاعلية عضوية حية وليست جسيمات مادية جامدة فقط. وربما هذا هو السر وراء ديمومة الحركة داخل الكون المرئي. فبالرغم من التناقض الظاهري بين هذه الفرضية ونظرية الانفجار الكبير التي تستند على نقطة الفرادة لانطلاق آلية البناء الكوني، إلا أن الاقتراح الممكن لتجاوز هذه المفارقة هو اعتبار الانفجار الكبير مجرد حدث مرحلي بين مرحلتين أو حالتين هما التضخم والتقلص، أو التوسع والانكماش.

تجربة جديدة تدعم صحة نظرية الانفجار الكبير أو العظيم:
تمكن مختصون في علم الفلك في مرصاد (سي أس أي آر اوcsiro) في استراليا من تسجيل قراءات لدرجة حرارة الكون في مسافات بعيدة و تبين توافقها مع ما تنبأت به نظرية الانفجار الكبير. وباستخدام هذا المرصاد الراديوي تمكن فريق دولي من فرنسا و السويد و ألمانيا و استراليا من قياس قيمة درجة حرارة الكون المرئي والمرصود قبل نصف عمره من الآن.يعبر الدكتور روبرت براون الذي يعمل في المرصاد عن هذه التجربة quot; بأنها أدق قراءات لرصد الوتيرة التي بردت بها درجة حرارة الكون المرئي منذ نشوئهquot;.
بما أن الضوء يأخذ زماناً لينتقل عبر الفضاء، فإننا حين ننظر الى الفضاء الخارجي نرى ماضي الكون المرئي كما كان عليه حاله حينما صدر من البقعة التي انتجت هذا الضوء. لذا فنحن نرى الكون كما كان عليه حاله قبل نصف عمره من الآن، وعليه فإننا في الحقيقة ننظر الى أماكن تبعد عنا مسافة نصف قطر الكون.
لكن كيف من الممكن قياس درجات حرارة لأماكن بعيدة كل هذا البعد؟!.

درس الفلكيون في المرصد الاسترالي مجرة تبعد 7.2 مليار سنة ضوئية بازاحة طيفية حمراء تعادل 0.89. الشيء الوحيد الذي يبقي غازات هذه المجرة دافئة هو الاشعاعات الكونية التي صدرت عن دوي الانفجار الكبير أو العظيم في تلك الحقبة. ولحسن الحظ هناك نجم زائف(Quasar) كازار يقع خلف هذه المجرة، لذا فان الاشعة الراديوية الصادرة عن هذا النجم الزائف(والعملاق) تعبر غازات المجرة التي تقع أمامه، تمتص هذه الغازات بعض من طاقة هذه الاشعاعات الراديوية التي تخترقها ليؤدي ذلك الى ظهور أنماط بارزة في نشاطات هذه الغازات الماصة للأشعة. من هذه الأنماط تمكن الفلكيون من قياس درجة حرارة الغازات في تلك المجرة. تبين أنها تعادل 5.08 كلفن، أي هي جدا باردة ولكن تبقى أدفأ من درجة حرارة الكون اليوم وهي 2.73 كلفن.

ووفقا لنظرية الانفجار الكبير أو العظيم فان درجات حرارة الكون المرئي انخفضت بوتيرة سلسة عندما توسع الكون. و هذا ما يتوافق مع قراءات هذا المرصاد التجريبية،حيث أن الكون المرئي كان في الماضي أشد دفئاً من اليوم، على حد تعبير الدكتور سيباستيان أونسالا من جامعة تشالمريس السويدية، وانطلاقاً من هنا يمكننا تخيل بنية وهيكيلية الكون المرئي ابتداءأ من تكون النجوم والمجرات.
تشكل النجم :

بات معروفاً اليوم أن النجوم تشكلت ضمن سحب من الغبار المنتشرة في جميع انحاء معظم المجرات و من الامثلة المألوفة عن سحب الغبار تلك سديم اوريون Orion. حيث تؤدي الاضطرابات الموجودة في اعماق هذه السحب الى الارتباط بكتلة كافية لأنهيار و انكماش الغازات و الأغبرة بفعل قوة جاذبيتها، في ذلك الحين تبدأ حرارة المادة المركزية بالارتفاع، و هنا يكون قد تشكل ما يدعى quot;النجم الاوليquot; (نجم في المراحل الاولى من تشكله)، و يتشكل المركز الساخن في قلب السحب المنهارة بفعل انهيارات و تكاثف تلك السحب، و يبدأ بجمع الغبار و الغاز حوله، ليصبح في يوم من الايام نجما جديدا.
من الجدير بالذكر ان هذه المادة لن تنتهي جميعها كجزء من النجم، حيث يمكن ان يتحول الغبار المتبقي الى كواكب او كويكبات او مذنبات، او قد يبقى كما هو على شكل غبار.
يُذكر ان مرصد ناسا شاندرا للأشعة السينية قد اشار الى ان التفاعل بين المجال المغناطيسي للنجم الاولي و الغاز المحيط به، يعتبر التفسير المحتمل لزيادة نسبة السطوع العرضية.
في الواقع أننا، حتى في الفضاء الخارجي، لا نجد فراغا بالمعنى المطلق، فهنالك إشعاعات كونية من جسيمات مادية كالبروتونات و النوترينوات (جمع نوترينو) و غير مادية كالفوتونات، ستؤثر بالضرورة في حركة جسم يتحرك في الفضاء، و لكنها لوحدها لن توقفه، أو على الأقل سيتطلب الأمر وقتا طويلا جدا بحيث ستدخل عوامل أخرى طويلة الأمد في المعادلة، مثل مدى تماسك المادة المكونة للجسم..
يستغرق اكتمال تشكل نجم بحجم شمسنا حوالي 50 مليون سنة، بدءاً من مرحلة الانهيار وصولا الى بلوغه مرحلة النضوج، بالنسبة لشمسنا فأنها ستبقى في مرحلة نضوجها هذه الى ما يقارب 10 مليار سنة، و يعود اشعاع هذا النسق للطاقة الى تفاعلات الاندماج النووي للهيدروجين (بلازما الهيدروجين) التي ينتج عنها الهيليوم عميقا في باطن هذه النجوم. أما بخصوص ما يلزم النجم من الضغط لحفظه من الانهيار تحت وطأة وزنه و حفظ درجة سطوعه، فأنه يعتمد على الطاقة المتدفقة من داخل مركز النجم نحو سطحه كما تغطي نجوم هذا الحزام نطاق واسع من درجات السطوع و الالوان و يمكن تصنيفها وفقا لهذه الخصائص. هناك نوع من النجوم تسمى الاقزام الحمراء وهي تسمية تطلق على اصغر انواع نجوم هذا النسق، والتي تبلغ كتلتها 10% من كتلة الشمس و يقتصر ما ينبعث منها على 0.01% فقط من الطاقة، وهي ذات توهج ضعيف وبدرجات حرارة تتراوح بين 3000 ndash; 4000k (كلفنk=). و على الرغم من طبيعتها المتضائلة إلا ان الاقزام الحمراء تعد النجوم الاكثر شيوعاً في هذا الكون و التي تصل اعمارها الى عشرات المليارات من السنين.
من جهة اخرى تطلق تسمية، hypergiants شديدة الضخامة، على النجوم العملاقة التي تفوق كتلتها كتلة الشمس بحوالي 100 مرة أو أكثر، وتبلغ درجة حرارة سطحها اكثر من 30،000 كلفن و بمقدار طاقة منبعثة ما يفوق طاقة الشمس بمئات الآلاف المرات. و لكنها على عكس النجوم الصغيرة، تمتد اعمارها لبضعة ملايين من السنين!

و رغم الاعتقاد بشيوع نجوم ضخمة مثل تلك في بدايات هذا الكون، إلا انها الان نادرة للغاية، اذ تحتوي مجرة درب التبانة على مقدار ضئيل جدا من هذا النوع النجوم.
الشهب هي التي وصفت في النصوص الدينية بأنها خلقت لرجم الشياطين وهناك النيازك التي لها ادوار ومهمات في المعادلة الكونية. من المؤكد أن النجوم موجودة ليس من أجل أن تزين السماء كما تقول الأديان السماوية، ولكن للنجوم اهمية عظمى وهي أساس هيكيلية الكون المرئي.
تكون النجوم:
تعد النجوم على انها من اكثر الاجسام الفلكية المعروفة على نطاق واسع، حيث تمثل اللبنات الاساسية المؤلفة لبناء المجرات كما يعتمد عمر و تكوين و توزيع النجوم في المجرة على تاريخ و مدى فعالية و تطور تلك المجرة.
تعتبر النجوم بانها الاجسام المسؤولة عن انتاج و توزيع العناصر الثقيلة مثل الكاربون العنصر الأساسي للحياة، و النتروجين و الاوكسجين، كما ترتبط خصائصها ارتباطا وثيقا بالانظمة الكوكبية التي قد تتجمع حولها، ولهذا تعتبر دراسة نشوء و استمرار و نهاية النجوم مسالة محورية في مجال علم الفلك. يتبع