الجهد الذي بذله و يبذله حزب الله اللبناني من أجل إيجاد ثمة مخرج خلاص للنظام السوري و ضمان بقائه لفترة أخرى، يرى معظم المراقبون أنها ليست صعبة جدا وانما تصل الى درجة الاستحالة.

حزب الله الذي يعتبر النظام السوري جسرا إستراتيجيا له، هو في صدارة المعنيين بقضية السقوط المحتمل لهذا النظام، وان العديد من الاوساط السياسية المعنية و المراقبين السياسيين، يطرحون سيناريوهات ذات خلفية داکنة بالنسبة لمستقبل حزب الله، وأبرز هذه السيناريوهات ان الحزب قد يخوض مواجهة ضروس مع إسرائيل، لکنه لن يلبث طويلا بعد هذه المواجهة، فيما ترى اوساطا أخرى بأن الحزب قد يسلك منحى توافقيا فيه الکثير من الليونة و المرونة من أجل أن يدخل في اللعبة السياسية في لبنان بطريقة أخرى و هو بهذا يريد أن يسدل الستارة على مرحلةquot;غطرستهquot;العسکرية و جنوحه لإستخدام العنف و المواجهة و التهديد من أجل حسم الامور و المواقف مع الاطراف الاخرى.

مايشاع عن إحتمال أن يقوم حزب الله بنقل اسلحة إستراتيجية للنظام السوري الى مخازنه و جعلها ضمن ترسانته العسکرية، أمر له أکثر من مبرر و مسوغ، لکن هذا الاحتمال الوارد و القائم و الذي تحدثت عنه تقارير صحفية و استخبارية عدة، تعطي القناعة بأن الحزب قد توصل الى حقيقة عدم وجود مخرج او منفذ خلاص للنظام السوري، وهي مسألة تثيرquot;أعصابquot;العديد من دول المنطقة و الاطراف السياسية اللبنانية و ترى فيها خطرا و تهديدا للأمن و السلام و الاستقرار في لبنان و المنطقة، خصوصا عندما يجد الجميع أن واضع سيناريو لعبة نقل الاسلحة هو النظام الايراني دون غيره، حيث أن الحزب و من ورائه النظام الايراني، يريدان بسبب من هذه الاسلحة منح هيبة و حجم و قوة إضافية للحزب بحيث لايفکر أي طرف إقليمي او غيره بدخول مغامرة المواجهة ضده.

اسرائيل التي تراقب التطورات على صعيد الازمة السورية عن کثب و تتابع قضية نقل الاسلحة السورية لحزب الله، تدرس هي الاخرى عدة سيناريوهات لمواجهة هذه القضية قبل أن تقع الفأس بالرأس، لکن التدخل الاسرائيلي وان کانت هنالك أطرافا تحبذ وقوعه من أجل عدم منح حزب الله المزيد من عوامل القوة و تشکيل الخطورة على الاخرين، فإن هناك أطرافا أخرى تتمنى أن تتم مسألة التدخل في نطاق ضيق من المستحسن دراسته من مختلف الجوانب، فيما تجد اوساطا أخرى ضرورة لإيجاد ثمة سيناريو محدد لحل الازمة السورية تکون إحدى شروطها الاساسية إبقاء هذه الاسلحة داخل سوريا.

حزب الله في الذي قدم کل مابوسعه في سبيل المحافظة على النظام السوري و عدم سقوطهquot;المبکرquot;، يمکن القول بأنه قد تجاوز أحيانا حدود إمکانياته و طاقاته في سبيل درء الاخطار عن دمشق، لکنه و في کل الحالات يدرك بأنه من المستحيل الابقاء على المعادلة السورية کما هي ذلك أن الامور تجري کلها في غير صالح النظام، ولذلك فإن الحذر الشديد الذي يتوخيه الحزب في مسألة تدخله في الازمة السورية قد تفسر بشکل او بآخر يقينه بحتمية سقوط الاسد و عدم وجود أية فرصة لخلاصه، لکنه اليوم و في مواجهة اللعبة الجديدة، يجد نفسه أيضا أمام إختبار صعب جدا، إذ قد يواجه ضربةquot;وقائيةquot;موجعة و مؤثرة من أجل ثنيه عن هذه اللعبة او حتى إجهاضها، او أنه يغامر و يقوم بها و يواجه کل الاحتمالات و السيناريوهات الواردة و المحتملة، لکن وفي الوقت الذي يتابع حزب الله کل هذه الامور بقلق و توجس بالغين، فإن هناك طرفا آخرا يمکن القول و بکل وضوح أنه المعني بسقوط او عدم سقوط نظام بشار الاسد، وان هذا الطرف هو الذي يضغط على حزب الله لکي يندفع أکثر فأکثر داخل معمعة الضياع السورية، مع الاخذ بنظر الاعتبار أن حزب الله اللبناني يحاول جهد إمکانه أن يخرج من قضية النظام السوريquot;سواءا سقط أم بقيquot; بأقل خسارة ممکنة، يوجه نصائح للنظام الايراني بإلتزام الحيطة و الحذر و عدم إهدار المزيد منquot;الارواحquot;وquot;الاموالquot;في لعبة باتت على کف عفريت، والحق أن مهمة حزب الله المستحيلة هي في الواقع جهد خائب و محبط للنظام الايراني.