إعتراف الحكومة القطرية الرسمي و الفعلي بالإئتلاف الوطني السوري المعارض كممثل رسمي وشعبي وحيد للشعب السوري كان يمثل مرحلة متقدمة جدا من الدعم السياسي للثورة السورية وهو دعم تميز بالوفاء و الإصرار على تبنيه وعدم التراجع عنه مهما كانت الظروف و الأحوال، فثورة الشعب السوري إنطلقت في 15 آذار 2011 لتنتصر و تتوج بأكاليل الغار و بإزاحة نظام ودولة المخابرات و تأسيس سوريا الحديثة الحرة الديمقراطية ووفقا لخيارات شعبها الحر الذي حمل شبابه أرواحه على كفوفه و إنطلقوا في ثورة التغيير و البناء و الإنطلاق نحو عوالم أفضل، وخلال عامين كاملين من الثورة ظلت دولة قطر تتصدر دول العالم الحر في دعم الثورة وحمايتها ورفدها بكل وسائل الإستمرار رغم مشقة ذلك الأمر وصعوبته وحراجته أيضا، ولكن الرجال حينما يزمعون على أمر لا تلين قناتهم أبدا ولا يتراجعون مهما كانت الظروف وحتى المغريات، واليوم تكمل دولة قطر مسيرة الدعم لقوى سوريا الحرة و تتوجها بالإعتراف الدبلوماسي الكامل بالثورة السورية ورجالها، وتسليم مبنى السفارة السورية في الدوحة للمعارضة السورية التي عينت الأخ نزار الحراكي أول سفير رسمي لسوريا الحرة في قطر، وهي خطوة سياسية متقدمة تعزز توجهات بقية دول مجلس التعاون الخليجي بإتخاذ خطوات متشابهة و تسليم مقرات السفارات السورية لقوى الإئتلاف الوطني السوري و طوي صفحة نظام البعث السوري و أجهزة مخابراته و أوكاره الأمنية للأبد، دول الخليج العربي هي اليوم في طليعة دول العالم الحر المساندة لثورة الشعب السوري التي دخلت حاليا في مراحلها الحاسمة بعد عامين من الكفاح اليومي و بتكلفة دموية رهيبة تجاوزت حاجز السبعين ألف شهيد غير الجرحى و المعطوبين وهي أرقام وحصيلة مرعبة لا يمكن لها أبدا إلا أن تكون معيارا حقيقيا لإقامة محاكمة دولية للنظام المجرم دن تجاهل المحاكمات الوطنية التي ستلتأم فور الإنهيار النهائي للنظام، لا مناص ولا خيار أمام بقية دول مجلس التعاون الخليجي سوى التضامن التام مع الخطوة القطرية و التأسي بها والطرد النهائي لدبلوماسية النظام السوري المجرم و تبني التعامل الواضح و الرسمي مع المعارضة السورية الحرة بإعتبارها البديل الشرعي و الرسمي و الموضوعي للنظام المنهار.

الدبلوماسية القطرية التي يصوغ عقدها بإتقان وحرفنة وجرأة متناهية سمو رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني و بتوجيهات من سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني دائما ما تفاجأ العالم بخطواتها الصاعقة و الفريدة في دلالاتها و المتقدمة في منهجها، و المصرة على تحقيق أهدافها دون اللجوء لوسائل التنكر و المناورة و اللعب على الحبال، فهي بلوماسية جريئة وواضحة و مباشرة في إصابتها للهدف وفي تركيزها على ماهو مطلوب، وفي إبتعادها عن لغو الكلام بل الإمعان في بلاغة الفعل، دولة قطر ستواجه دون شك بعواصف من الشتائم و التشكيك و التشويه، وهي قطعا لن تأبه لمثل تلك الأمور، فدورها الطليعي ودبلوماسيتها الضاربة وقدرتها على الوصول للهدف مهما كانت العراقيل تظل هي العامل المقلق لخصوم قطر الذين هم من بقايا الفاشية العربية المندرسة أو من غلمان أنظمة القهر و التسلط، أو من أزلام الولي الفقيه الذي يلملم أغراضه ويعد عصاه للرحيل و التواري، إعتراف قطر بالمعارضة السورية الحرة كحكومة بديلة و كإطار سلطوي للتعامل بديلا عن نظام الأسد المتهاوي هو خطوة أولية ستتبعها خطوات قادمة دون شك، ودول التعاون الخليجي تقف اليوم موقفا طليعيا في إجبار العالم المتردد على تبني خيار الدعم النهائي لسوريا الحرة، وهاهو سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يلوم العالم بأسره على سلبيته و تفرجه على مجازر السوريين، دولة قطر قد فعلت المطلوب بعد أن قدمت الكثير، وعلى بقية المجتمع الدولي التحرك لإنهاء معاناة الشعب السوري و تطهير الشام الحرة من أدران القتلة الطغاة، فتحية عز لدولة قطر التي نجحت في تحويل الدبلوماسية لفعل هجومي تغييري لكنس الطغاة.

[email protected]