في غياب دولة القانون في مصر كل شيء مباح، السب والقذف والقتل والتحريض على القتل باسم الدين، طالعنا شيخ مشهور بمقولة quot; هاتولي راجل quot; يدعى quot;محمود شعبان quot; على شاشة فضائية الحافظ بفتوى تجيز قتل أعضاء جبهة الإنقاذ مستشهدا بحديث يقولrdquo;من بايع إماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الأخرquot;.
المعارضة لم تخرج على الحاكم، وأعلنت أكثر من مرة أنها لا ترغب في إسقاط الرئيس، وإنما في ألا ينحرف عن تحقيق أهداف الثورة في العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، من يصدرون هذه الفتاوى لا يعلمون أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، والاختلاف في الرأي لا يبيح القتل، إنما الخروج على الحاكم العادل بحمل السلاح، وترويع المجتمع، وبالتالي فإن فتوى التحريض على قتل المعارضين تستوجب محاكمة قائلها بالقانون.
وليس بعيدا عن مصر ما حدث في تونس من اغتيال للمعارض اليسارى quot;شكرى بالعيدquot;، سبق حادثة الاغتيال حملة تشويه وتهديد من قبل الإسلاميين وبخاصة حزب النهضة على صفحات الحزب، وفيس بوك، وعلى الجدران، إعتمدت الحملة المنظمة على الأكاذيب حتي يصدقها التونسيون، وطالت هذه الحملة المناهضين لسيطرة حزب النهضة من رموز المعارضة خاصة التيار الوطني الديمقراطي، الذي شغل quot;بالعيدquot; منصب الأمين العام له.
نفس السيتاريو يتكرر الأن في مصر، فتاوى اغتيال رموز المعارضة صدرت من السفهاء والجهلاء، والنائب العام لم يحرك ساكنا، والداخلية تطلق النار على شباب سلمي غاضب من قتل رفاقه في ميادين مصر، أما من يفتي بالقتل، فيترك دون عقاب، أعتقد ان الدولة الغائبة لن تدرك هذا الامر إلا بعد وقوع الكارثة، فليس من المستبعد أن يتكرر نفس السيناريو في مصر الأن.
كان quot;شكري بالعيدquot; الذي ولد عام 1964 مثالا للشاب المناضل، هو واحد من الفقراء، أبناء الطبقة الكادحة، كان كبقية شباب جيله، يحلم بوطن تسود فيه الحرية والعدالة الاجتماعية، والحياة الكريمة، من أجل ذلك رمي في سجون quot;الحبيب بورقيبةquot; حين كان ناشطا طلابيا في الثمانينات، ولم تعترف الحكومة التونسية بتيار الوطنيون الديمقراطيون إلا بعد الثورة في عهد quot;الباجي قائد السبسيquot; في مارس 2012، لكن بقي هذا التيار قويا في الاوساط الجامعية والنقابية والعمالية، ذادت شعبيته بمواقفه الصريحة ضد حزب النهضة، وأدرك كثيرون أنه كان على حق حين تصدى للإسلاميين.
دخول تونس عصر الاغتيالات السياسية يجب أن يكون جرس إنذار للمعارضة وللإخوان والسلفيين، إذا ارادوا حقا أن يجنبوا مصر الإنزلاق إلى هذا المستنقع، على أهل الحكم والمعارضة البحث عن حلول لحالة الاستقطاب الراهنة، وعلى الأزهر كبح جماح خطابات التطرف، والتخوين، والتشويه، وعلى تيار الإسلام السياسي تفعيل وثيقة الأزهر لنبذ العنف، والدفاع عن حرية الرأي، وبيان صحيح الدين حتى نتجنب السفهاء والجهلاء الذين يتحدثون باسم الإسلام، ويصدرون فتاوى ويوظفون القنوات الدينية لترويج هذه الفتاوى.
وما لم تُفعل الحكومة تطبيق القانون، سيظل الحال على ما هو عليه، إنتهاكات لحقوق الإنسان وأبرز مثال عليه quot;حمادة صابرquot; مسحول قصر الاتحادية، وعمليات التعذيب ضد النشطاء، والتحرش الفردى والجماعى، وغيرها من الإنتهاكات، وهنا يجب تشكيل لجان قضائية للتحقيق فى تلك الانتهاكات، وإعادة الهيبة للدولة، والالتزام بأهداف الثورة، والبحث عن مخرج للأزمات الراهنة حتى نجنب مصر مصير الدولة الفاشلة.
إعلامي مصري
- آخر تحديث :
التعليقات