من أعجب مشاهد الكوميديا العبثية في قضية quot;باسم يوسفquot; قيام أحد القابعين في العالم الافتراضي بتقديم بلاغ يتهم quot;يوسفquot; بإهانة باكستان، لا نعرف من وكله للقيام بهذه المهمة؟ أفهم أن يقوم السفير الباكستاني في القاهرة مثلا بتقديم هذا البلاغ بناء على طلب دولته، شيء غريب حقا لكن الأغرب هو أن الواقع الذي يعيشه المصريون أكثر سخرية وكوميديا مما يقدمه quot;باسم يوسفquot;، لماذا يكره الإخوان quot;يوسفquot; إلى هذا الحد، رغم أن نقده طال الجميع، كل الرموز في الحكومة والمعارضة، ولم يسلم أحد من نقده، رسم quot;باسمquot; بفن وإبداع البسمة على وجوه المصريين رغم الواقع المرير، وبات برنامجه محط أنظار محبيه في العالم العربي، وهذا الامر أزعج من يريدون تعليق فشلهم على الأخرين.

المصريون أنفسهم دأبوا على السخرية من الحاكم، إتسع نطاق السخرية والرفض لممارسات الرئيس quot;محمد مرسيquot;، وجماعته لأن أفعالهم تغرى الكثيرين لأن يسلكوا هذا المسلك، هم مجموعة من البشر تربوا على السمع والطاعة، لذلك تزعجهم حرية التعبير، وتكشف ممارساتهم وجود فجوة كبيرة بين عالمهم الخفي، وتصور قادتهم المنتشرين في مواقع مهمة في الحكومة، ومجلس الشورى، والقضاء، لكيفية التعامل مع بيئة العمل السياسى، وطبيعة العمل الإعلامى، وموقع حرية التعبير كحق من حقوق الإنسان فى العالم أجمع.

أثبتت جماعة laquo;الإخوان المسلمينraquo; إلتي لم تستفق بعد من صدمة وجودها في الحكم بعد أكثر من ثمانية عقود من العمل السري، والاضطهاد أنها مارد من ورق، لا تمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع الشأن السياسى العام، ولا يملك أعضاؤها فهما محددا لكيفية إدارة العلاقات مع الدول، وأحاديث الرئيس quot;محمد مرسيquot; لا تدخل قلوب المصريين لأنها تُبنى على الواقع الافتراضي، الذي يعيش فيه، فحين يقول في زيارته الأخيرة للسودان quot; أبشروا لقد نهضت مصر quot; فهذا القول اثلج قلوب المصريين، لم يرى المصريون أي ملامح للنهضة بل أزمات السولار، ورغيف الخبز، والخطف، والسحل، والقتل، وارتفاع الأسعار، وغياب القانون، والبلطجة والظلم، وملاحقة الصحفيين، والنشطاء والأخونة، والفشل الاقتصادي، والسياسي، والتخبط في اتخاذ القرارات، أين بشائر النهضة؟ الواقع سيء وقبيح، الإخوان لا تمتلك كفاءات بشرية قادرة على إدارة الملفات، لا تريد إشراك الكفاءات في حل الأزمات، مصر مليئة بالمبدعين في الداخل والخارج، كفاءات يمكنها أن تحول مصر إلى دولة عظمى لكن العبرة عند الإخوان بالانتماء لطائفة وليس بالكفاءة.

السخرية من هذا الواقع المصري المؤلم، يترجمه quot;باسم يوسفquot; في quot;البرنامجquot; بطريقة بسيطة تنفذ إلى القلوب، لا يمكن لمن تربوا على السمع والطاعة أن يخرج من بينهم quot;باسم يوسفquot; لأن العقل ممسوح، وفن الكوميديا يخاطب العقل، هم فقط يستخدون منابرهم الإعلامية للسب والشتم بأقبح العبارات، والخوض في الأعراض، يشوهون صورة الدين لانهم يزعمون أنهم يحتكرون الحقيقة، وأنهم الصفوة المختارة كوكيل عن رب العالمين، نحج quot;باسم يوسفquot; خلال فترة زمنية قليلة في تعرية فكر الإخوان، وكشف زيف إدعاءاتهم، وكذب أحاديثهم، وخلف وعودهم، وفجورهم مع خصومهم، وخيانتهم للأمانة، وسينجح في دفع من عزفوا عن السياسة في العودة بقوة ليقولوا لا للظلم، ولا للفوضى ولا لتقسيم الشعب، ولا لانتهاك القانون، ولا لتدمير مصر، ولا لدفع فواتير لاطراف إقليمية ودولية.

التهم المُعلبة الجاهزة الموجهة لباسم يوسف وغيره هي إهانة الرئيس، والرئيس يهين نفسه بأفعاله المخجلة أمام العالم، فقد فتح مصر للإيرانيين على حساب الأمن القومي المصري والعربي، ولم يكشف عن نتائج التحقيق في مقتل جنودنا في رفح في رمضان الماضي حتى لا يحرج عشيرته من حماس، وينظر في ساعته بشكل لافت ومثير للسخرية في مؤتمر صحفي عالمي مع المستشارة الالمانية إنغيلا ميركل، والتهمة الأخرى وليست الأخيرة هي إزدراء الأديان، والرئيس نفسه أتهمته واشنطن بازدراء الأديان، من خلال مقطع فيديو قبل ترشحه للرئاسة قال فيه : laquo;ارضعوا أبناءكم كراهية اليهودraquo;، ووصفهم بـأحفاد القردة والخنازير وهو ما لا يصح قوله من مسؤول كان وقتها قياديا في جماعة تحرص وتخطط للوصول إلى الحكم، ولم يجد ما يرد به على الإدارة الاميركية سوى أن تصريحاته حُرفت من سياقها، ناهيك عن سب أصحاب الأديان والمذاهب الأخرى ووصفها بابشع الألفاظ من قبل المستشيخين في القنوات الدينية.

كوميديا نعيشها لأن جماعة laquo;الإخوانraquo; تعتقد أن laquo;هيبة الرئيسraquo; يجب عدم المساس بها ايا كانت أفعاله أو أقواله، وأيا كان أداؤه متخبطاً ومخيباً للآمال، ومهما فعل الإخوان لإسكات quot;باسم يوسفquot;، وقمع الإعلاميين، فلن يفلحوا، لأن الثورة المصرية مستمرة حتى تحقق أهدافها حينها فقط قد تتحول كوميديا السخرية إلى ترفيه راق.

إعلامي مصري