حاول كيان الاحتلال الإسرائيلي التقليل من أهمية وحجم الهجمات الالكترونية التي تعرض لها خلال يومين متتاليين، رغم احتلال هذا الموضوع عناوين رئيسة ضمن صفحات إعلامه والمحادثات على صفحات التواصل الإجتماعي (فيسبوك).
مجموعة الهاكرز quot;Opisraelquot;، خاطبت الكيان الإسرائيلي في بيان نشرته بالقول: quot;حتى الآن لم توقفوا انتهاكات حقوق الإنسان والبناء غير القانوني في المستوطنات، ولم تحترموا اتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولي. وهذه هي الأسباب التي دفعت، في السابع من نيسان، وحدات الكترونية رفيعة من جميع أنحاء العالم إلى الاتحاد كتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد quot;إسرائيلquot;، ككيان واحد غايته محو quot;إسرائيلquot; من الحيز الالكترونيquot;.
تقارير إعلامية إسرائيلية أكدت أن جهاز الأمن الإسرائيلي وهيئات أخرى، أبرزها الهيئة الإسرائيلية لحماية المعلومات، أصدرت تعليمات للعاملين في وزارة الدفاع وهيئات رسمية أخرى بالاستعداد لاحتمال موجة تشويش ستلحق بالأجهزة المحوسبة والمواقع الالكترونية، وإمكان المبادرة إلى وقفها عن العمل من أجل تقييم الوضع والتدقيق في نوع الهجوم.
ونقل موقع quot;واللاquot; الالكتروني الإسرائيلي عن مسؤول رفيع المستوى أنه تم جمع معلومات استخباراتية ضد الهاكرز والجهات التي قد تشارك في الهجوم، وأنه تم اتخاذ قرار بأنه في حال تم تنفيذ الهجوم، فإنه سيتم إجراء مداولات مكثفة لتقييم الوضع قبل بدء الهجوم من أجل ضمان نجاعة أجهزة الدفاع أمام هجوم سايبر ومحاولة تقليص الأضرار المحتملة.
محلل الشؤون الالكترونية في موقع quot;واللاquot; الإسرائيلي، دنيس فيتشيفسكي، اعتبر أن الهجوم الالكتروني الأخير ضد الشبكة العنكبوتية الإسرائيلية هو مجرد quot;نكتةquot;، لأن المواقع التي تم اختراقها هي مواقع علنية ومتاحة لمن يريد الاطلاع على مضامينها. واعتبر أن الجزء الإشكالي في الموضوع هو الحصول على تفاصيل بطاقات ائتمان، رغم أنها غير قابلة للاستخدام.
ورأى فيتشيفسكي أن quot;المشكلة في هذه الرواية كلها تتمثل في انعدام فهم مطلق rsquo;للعدوrsquo;quot; وأن quot;أنونيموسquot; لم تكن أبدا منظمة، لأن quot;أيا كان بإمكانه في أية لحظة الإعلان أن ما يفعله إنما يفعله باسم أنونيموسquot;. واعتبر الكاتب أن الأمر الجدي هو الفيروسات، مثل quot;فليمquot; وquot;غاوسquot;، التي طورتها الولايات المتحدة وquot;إسرائيلquot;، من أجل إلحاق أضرار ببنى تحتية إلكترونية لدول معادية والتجسس على منظمات quot;إرهابيةquot; بحسب زعمه.
وعلى الرغم من هذه الاستعدادات الإسرائيلية، أكدت تقارير إسرائيلية أن الهجوم الالكتروني الذي تعرض له كيان الاحتلال كان الأشد من نوعه، وأن الضرر الأساس تمثل في توقف عمل مواقع الكترونية حكومية. وقالت مصادر في الهيئة الإسرائيلية لحماية المعلومات إن الهجوم استهدف ما بين 300 - 600 موقع الكتروني، بينها مواقع رئيس الحكومة ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي ووزارة التربية والتعليم ووزارة حماية البيئة والصناعات العسكرية ومكتب الإحصاء المركزي وجمعية محاربة السرطان. ولحقت بموقعي وزارة التربية والتعليم والصناعات العسكرية أكبر الاضرار نسبياً، وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أنها تصدت لعدة هجمات ضد مواقعها الالكترونية.
الكيان الإسرائيلي حاول توظيف الهجمات لضخ المزيد من الاستثمارات في صناعة المعلومات التي يعد واحداً من أبرز مطوريها في العالم، وأشارت صحيفة quot;ذي ماركرquot; الاقتصادية إلى أن quot;الهجمات ضد المواقع الالكترونية التي بادرت إليها منظمة أنونيموس من شأنها أن تعزز الاقتصاد الإسرائيليquot;. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في إحدى شركات حماية المعلومات قوله إن quot;هجمات مثل تلك الأخيرة أو كالتي تم تسميتها rsquo;الهاكر السعوديrsquo;، تزيد بشكل كبير الوعي وتسلط الضوء على صناعة حماية المعلومات وتجذب مستثمرينquot;.
تحقيق لوكالة quot;بلومبرغquot; الأميركية أظهر معطيات مفادها أن معظم عمليات الاقتحام الالكترونية وهجمات السايبر ضد شركات عملاقة لا تلحق أضرارا مالية، لكن جهات مطلعة تعتقد أن الشركات تُخفي معلومات هامة حول حدوث عمليات اختراق لمنظوماتها المحوسبة، خوفا من المس بقيمة أسهمها.
قد يكون مهمة تحفيز الشارع الفلسطيني على خوض غمار انتفاضة فعلية في ظل المعطيات الحالية، والتي أحالت الضفة الغربية إلى ملحق ينتظر رواتب السلطة المتعسرة دوماً عن دفع مرتبات موظفيها، قد يكون مهمة تحفيز أناس على إطلاق شرارة انتفاضة فعلية أو مقاومة عسكرية امراً صعب المنال في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، وهو ما ينطبق أيضاً على ما يسمى بالمقاومة الشعبية أياص كانت دلالات هذا المفهوم الهلامي بين شرائح وتيارات العمل السياسي الفلسطيني في ظل حالة الانقسام الراهنة.
بيد أن الفضاء الافتراضي قد تحول إلى ثالوث جديد للمقاومة الفلسطينية أو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجبروته من قبل قوى مختلفة لكنها متآلفة ومتعاضدة في مواجهة هذا الكيان الغاصب. فالهجمات الإلكترونية التي أربكت كيان الاحتلال الإسرائيلي وأرعدت أوصاله يجب أن تتبلور مستقبلاً، وتعمل ضمن خطة منهجية للاستفادة من نتائجها، ففكرة الهجوم الإلكتروني تؤتي أكلها جيدًا في حال كانت دقيقة وتستهدف مواقع معينة بعيدًا عن الضرب العشوائي كاستهداف مواقع quot;إنسانية أو اجتماعيةquot; الذي قد تكون مُنتقدة على الصعيد الدولي.
كاتب وباحث