يُحيي الشعب الفلسطيني في الخامس عشر من ايار من كل عام ذكرى النكبة االأليمة، ولا يزال هذا الشعب يحلم بالعودة الى بيوته وارضه التي شرد منها قسراً، وتستمر مأساة التشرد التي لا تنتهي، وكأنه كُتب لهذا الشعب العيش في العذاب والغربة.
ولكن لا يكفي احياء الذكرى في كل عام بإقامة المهرجانات والتظاهرات واللقاءات وكتابة مئات المقالات عن النكبة، ولا يكفي التغني ورفع الشعارات الرنانة، ولا يكفي ان نقول اننا لن ننسى ديارنا واراضينا التي هُجِرَ ابائنا وامهاتنا واجدادنا منها، ولكن يجب علينا مقاومة المحتل ولا نجعله يهنأ ولو للحظة واحدة باحتلاله ووجوده على ارضنا.
يجب على الشعب الفلسطيني ان يقتلع من يقف في طريقه ومنعه من تحقيق حلمه بالعودة والتحرر ونيل الحرية، وان هذا الهدف لن يتحقق عن طريق المفاوضات التي تُقزم من المطالب الفلسطينية، وبالتالي اختزال فلسطين بعدة مدن وقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة، فالمقاومة تجعل من فلسطين كبيرة، فلسطين التي تستوعب كل الشعب الفلسطيني، لان طموح المقاوم هو تحرير كل الارض الفلسطينية، اما اشكال المقاومة فهي متعددة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة التي اصبح القادة الفلسطينيون يخجلون من ذكرها أو نطقها لخوفهم من غضب المحتل الاسرائيلي عليهم وتجريدهم من امتيازاتهم التي حصلوا عليها من دولة الاحتلال.
اما المفاوض فهو يلهث وراء اي شيء يقدمه له المحتل، لمعرفة هذا المحتل ضعف المفاوض الذي لا يرتكز على دعم جماهير شعبه ومقاومته، وانما يرتكز على تحقيق مصالح ضيقة من اجل استمرار سلطته الوهمية التي اصبح وجودها كابحا لتطلعات شعب يريد الحرية ومقاومة المحتل.
ان مقاومة المحتل حق لا يستطيع منعهأحد ، وكل القوانين تشرع هذه المقاومة، ولكن القيادات الفلسطينية التي لا يهمها سوى الحفاظ على سلطتها الوهمية نتيجة اتفاقات اوسلو المشؤومة، وهذه السلطة هي من صنع دولة الاحتلال التي ترى في هذه السلطة مصلحة اسرائيلية من اجل تأمين مصالحها، ولكن حان الوقت ليقول الشعب الفلسطيني لهذه القيادات والمنتفعين من السلطة كفى، كفى عبثا واستهتارا بمصير الشعب الفلسطيني الذي له كلمة الفصل بتقرير مصيره واستعادة حقوقه المسلوبة
خمسة وستون عاما مضت دون ان يحقق الشعب الفلسطيني حلمه بالعودة، وهذا يرجع في المقام الاول الى تعنت المحتل بعدم التنازل عن الارض التي استولى عليها بالقوة، لأنه لا يجد من يردعه ويجبره من الجانب الفلسطيني والعربي على الانسحاب والاذعان للمطالب المشروعة، ولذلك استمرت سرقة الاراضي واقامة المستعمرات عليها، ولان العرب اثبتوا ضعفهم وعدم قدرتهم على مواجهة هذه الدولة الغاصبة، ازدادت شراهة اسرائيل باحتلال باقي الارض الفلسطينية، وحتى اراض من الدول العربية المجاورة، ويساعد دولة الاحتلال في ذلك امريكا حاملة راية الحرية وحقوق الانسان، ولكن ليس الانسان الفلسطيني، ويساعد هذه الدولة المحتلة ايضا الدول الكبيرة التي تسيطر على مجلس الامن، ولا تعمل شيئا لتطبيق القرارات الدولية التي تقف الى جانب الحق الفلسطيني.
ان القيادات الفلسطينية عملت على ترويض الشعب الفلسطيني وثنيه عن محاربة العدو الصهيوني لتثبت حسن نيتها تجاه المحتل، ولكي تثبت هذه القيادات اخلاصها للجهات التي تدعمها بالمال المشروط بعدم مقاومة المحتل، وعدم الذهاب الى محكمة الجنايات الدولية، وما هذا السكوت عن جرائم المحتل سوى تواطئا معه، وتشجيعه على فعل المزيد من سرقة الاراضي وتدنيس المقدسات، واذلال وقتل ابناء الشعب الفلسطيني.
يجب ان يأخذ الشعب الفلسطيني زمام المبادرة بتقرير مصيره بنفسه من خلال تنظيم مقاومة فعالة مستمرة ضد الاحتلال، وعدم الاكتفاء بهبات متفرقة هنا وهناك، لان هذا النوع من المقاومة الذي يحصل بالمناسبات لا يجدي نفعا، ولا يجبر العدو على التقهقر والاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
ان الشعب الفلسطيني يجب ان لا ينتظر بدء المفاوضات العبثية مرة اخرى، وان لا يأمل شيئا من دولة الاحتلال، لانها لن تقَدم شيئا لصالح الشعب الفلسطيني، فهذه المفاوضات لم تسفر عن شيء سوى عن المزيد من بناء المستعمرات، فعلى الشعب الفلسطيني بعد خمسة وستين عاما التعلم من دروس الماضي بعدم تصديق الوعود الكاذبة والعيش على الامل، وانما يجب الاعتماد على النفس والتضحية، لان فلسطين تستأهل بذل كل غالي ورخيص من اجلها.
- آخر تحديث :
التعليقات