&

في خضّم زمهرير المشهد العراقي، والعصف الذي يشوّه كل تفاصيل البلد، وبروز ملفات الفساد والمفسدين، والحرب الطاحنة عند ضواحي المدن المحتلة من قبل داعش .. في خضّم كل ذلك يبرز إلينا رئيس مجلس الوزراء بزيّ شعبي عبارة عن ( دشداشة سوداء وطاقية سوداء، وقطعة قماش سوداء تلف عنقه ) وهو يهمّ بأصابعه ليتناول حبة ( داطلي ) أو ما تسمى ( بالعوّامة ) وهي عبارة عن عجينة بالسكر مقلّاة بالزيت ومحلّات بسائل سكّري.
وما العيب في ذلك ؟ رُبّ سائلٍ يسأل ..
هذا عَيبٌ، وعَيبٌ فاضح، فالبلد في حالة حرب وصراع مع الفساد والمفسدين، والشعب يعيش حالة مأساوية وفي قرفٍ من سوء الخدمات، بل هناك عزاء في أغلب المدن العراقية على أرواح الشهداء التي تذهب نتيجة الحرب الفاشلة التي فرضها الرئيس الفاسد السابق لمجلس الوزراء نوري المالكي، حين استطاع وبغبائه السياسي من تمكين شرذمة وقتلة متخلفين الدخول إلى مدننا الجميلة واحتلالها واستباحة كل شيء طاهر فيها.
عَيبٌ على رئيس مجلس الوزراء أن يتناول ( الداطلي ) ليُحلّي حلقه، ولم تزل المرارة في حلق كل عراقيّ غيور على بلده.
عَيبٌ عليه ذلك، والتوابيت تأتي كل يوم إلى زقاقٍ هنا وزقاقٍ هناك.
عيبٌ عليه ذلك، والنازحين يعانون قسوة الشتاء ويعيشون تحت خيمٍ ممزقةٍ ويفترشون الطين.
عيبٌ عليه ذلك، وبغداد العاصمة تغرق مع كل زخّة مطر، والمحافظات تأّن من تردّي الخدمات.
عيبٌ عليه ذلك، والفساد في كل ركنٍ وتفصيل في مفاصل الدولة.
عيبٌ عليه ذلك، والسلاح صار لغة العصابات السائبة وبيد حثالة السياسيين، يبروزه متى ما أرادوا.
عيبٌ عليه ذلك، والقضاء لم يزل خرفاً هرماً يدلّس القضايا ويسّوف ويحمي حيتان الفساد وعتاة المجرمين.
هناك خرابٌ عام في العراق، ولم يزل المسؤول يعيش حالة تجّلي مع نفسه وذاته، يحاول إبراز صفاتٍ صارت سخيفة ومملّة على المشهد المتكرر يومياً.
مالِ رئيس الوزراء والزيارة وأكل الداطلي ؟
فهل يبحث عن ثواب لآخرته ؟ أم يطلب الشفاء من علّةٍ بتناوله قطعة الداطلي ؟
متى يتجرّد المسؤول من خصوصياته حين يعتلي منصباً يوجب عليه أن يتلبّس باستحقاقاته ؟
حيدر العبادي .. أنت رئيس مجلس وزراء العراق أم صاحب موكب حسيني ؟ أم مدّاح قصائد حسينية ؟ أم طباخ تريد طبخ الرز والقيمة ؟
تريد خدمة الحسين في قرارة ذاتك ؟ ذلك لا يتحقق بأكلك الداطلي، بل يتحقق حين تخدم شعبك، وتعمل ليل نهار من أجل مصلحته، وتحارب الفاسدين وتحمي العراق أرضاً وشعباً.
أجلس في موقعك ومارس مهامك بصدق وإخلاص، حينها سيرضى الله عنك.
كافح الفساد وأصلح القضاء وعمّر البلاد، حينها سيرضى الله عنك.
حررّ الأرض من المحتل، وأوقف ماكينة الحرب وانشر السلام في البلد، حينها سيرضى الله عنك.
مالكَ وهذا المشهد التمثيلي البائس ؟ أنت تُضحك العالم علينا ؟ انظر إلى سلوك قادة الشعوب والأمم، كيف يتصرفون حين الأزمات وحين البأس.
نحن في زمن الكوليرا، ألم تخشَ الكوليرا ؟&
ألستَ مصاباً بالسكّري كما عامّة الشعب، بسبب حكمكم ؟
سلوكك هذا يعطي إشارة وعنواناً واحداً فقط لا غير، إنكم جميعاً ( حكومة داطلي ) لا غير.
&
&