&

كشقت وسائل الإعلام الإسرائيلية النقاب عن اجتماع سري عقد في سويسرا ( نهاية الأسبوع الثالث من الشهر الحالي ) بين رئيس الموساد ومساعد وزير خارجية تركيا لتبادل وجهات النظر حول خطوات إستعادة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلي ما كانت عليه قبل نحو ست سنوات، إنتهي بـالتوقيع علي " ورقة تفاهمات أولية " ترسم خطوات محددة لإنهاء أسباب الأزمة التى نشبت بين الطرفين في مايو 2010 في ضوء تداعيات مقتل 10 من الأتراك كانوا علي متن سفينة مرمرة التي كانت ضمن وحدات إسطول الحرية الذي كان متجهاً لكسر الحصار علي قطاع غزة، وقامت القوات العسكرية الإسرائيلية بمهاجمتها وإصطحبهتا بعد ذلك إلي ميناء أشدود حتي إنتهي التحقيق مع طاقمها.&

نتيجة لهذا الاعتداء، قامت تركيا&بتقليص حجم التمثيل الدبلوماسي بينها وبين إسرائيل. وأعلنت عن إلغاء بعضاً من الإتفاقات الأمنية التي كانت مبرمة معها. وأوقفت برامج التعاون العسكري البري والجوي والبحري.&وأعلنت&أنها لن تعيد العلاقات إلي سابق عهدها إلا إذا وافقت إسرائيل علي شرطين:

الأول. ان تدفع تعويضات مُرضية لأسر الضحايات العشر الذين قتلوا علي يد قواتها الخاصة بينما كانوا يبحرون في المياه الدولية بشكل سلمي لتخليص أبناء غزة من المعاناة المفروضة عليهم بغير وجه حق.&

الثاني. أن توافق علي رفع الحصار الذي تفرضه علي القطاع في أقرب وقت ممكن، وأن تلتزم بذلك أمام الهيئات الدولية.&

الواقع المعاش بين الطرفين منذ منتصف عام 2010، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك.&

أن إسرائيل لم تتأثر كثيراً بهذه القرارت حيث بقيت علاقات الطرفين السياسية والعسكرية والأمنية والإقتصادية متوازنة إلي حد كبير وفق متطلبات المصالح الأمريكية.&

بل هناك من يؤكد ان حجم إستثماراتها بالقطاع الخاص التركي علي مستوي البناء العقاري وأسواق الخدمات، زاد بحوالي 5ر7 % عما كان عليه نهاية عام 2010 وفق التقارير التى تنشرها بشكل دوري صحيفتي وول استريت وفينانشيال تايمز.&

وأن ما فقدته علي مستوي ميدان تبادل المعلومات الإستخباراتية عبر الخط الساخن الذي يربط بين أنقرة وتل أبيب، كانت تسعيضه بوسائل أخري أهمها التقارير التى تحصل عليها علي مدار الساعة من واشنطن وكذا قيادة حلف شمال الاطلنطي في شرق المتوسط.&

وأن تدفق السياحة بين الجانبين ظل في يتنامي حتي اللحظة الراهنة.&

لذلك&لا نستغرب أن تمر الأشهر منذ مايو 2010 وحتى منتصف الشهر الماضي، دون ان تنظر حكومة إسرائيل العنصرية الإحتلالية إلي أي من المطلبين التركيين باعتبارهما أساسيين جوهريين لأعادة علاقتها المتميزة مع انقرة حسب تقييم الجانب التركي.&

ولا نستغرب أن تتواصل إدعاءات الرئاسة التركية بأنها لن تتنازل عن الحصول علي ضمانات من الجانب الإسرائيلي قبل أن تخطو خطوة واحدة في إتجاه إعادة العلاقات الدبلوماسية مع حكومته، برغم الإنتقادات التى يَشنها كبار وزرائها ضده كلما حانت الفرصة، فمن قائل:

- أن تصريحات أردوغان تعليقا علي السياسات الإسرائيلية لا تختلف كثيراً عن التصريحات التى يدلي بها محمود عباس وخالد مشعل، خاصة بعد وصف رئيس وزرء إسرائيل في واجدة منها بانه " إرهابي يدير حكومته بعقلية مثل عقلية هتلر ".&

- أن إصرار وسائل الإعلام التركية علي ان ما لحق بالاقتصاد التركي في عامي 2013 و 2014 كان بسبب مؤامرة إسرائيلية خططت لتقويض دعائم الإستثمارات الأجنبية علي مستوي الدولة تمهيدا لإضعافها خدمة لهدف هيمنة إسرائيل علي الشرق الأوسط، يعد من قبيل اشعال الحرب النفسية ضد المجتمع الإسرائيلي والتحريض ضد حكومته.&

- ان الفيلم الوثائقي الذي بثته شبكة " هاب " الإعلامية التركية الحق باليهود في دميع أنحاء العالم إساءة بالغة حين وصفهم بأنهم يخططون للسيطرة علي العالم من تحت ذقن أمريكا.&

أما وسائل اعلام إسرائيل فتقول:

أن مسارعة أردوغان لمخاطبة ود إسرائيل يُعبر عن موقف برجماتي، دفعته إليه سياسات موسكو الرامية إلي وقف تصدير الغاز لتركيا بعد حادث اسقاط طائرتها العسكرية، الأمر الذي اعتبره الرئيس الروسي تحديا لا يمكن قبول السكوت عليه، خاصة بعد أن رفضت أنقرة مطلب الإعتذار عنه.&

من هنا جاء إتفاق الرأي العام الإسرائيلي علي:

أنه ليس أمام " إنتهازية " تركيا إلا الغاز الإسرائيلي، الذي يعد الأقرب إلي أراضيها من الغاز القطري، لكي تحصل علي ما يوازي 50 % من احتياجاتها التى كانت توفرها لها موسكو.&

ضرورة إستثمار اللحظة لترويض توجهات أردوغان وفق إجتياجات المصلحة الإسرائيلية في المنطقة ككل خاصة ما يتعلق بملف إحتضان أنقرة لبعض قيادات جماس " المتطرفة ".&

حتمية مراعاة الجانب الروسي في كل ما يمت لهذه الصفقة بصلة، لأن إسرائيل لا تملك رفاهية الإقدام علي ما يعكر صفو العلاقة معها خصوصا فيما يتعلق بالتنسيق علي مستوي تواجد موسكو العسكري في سوريا.&

من هنا نقول:

كلا من الطرفين التركي والإسرائيلي له مصلحة حيوية في سرعة التوصل إلي إتفاق يحقق الإهداف الخفية والمعلنة من وراءه اقتصادية كانت أو أمنية. فلماذا التباطؤ إذن؟

يتحدث البعض عن بعض المعوقعات تقف في طريق إبرام الصفقة، منها.&

أولا. مطلب ترحيل قادة حماس من فوق الأراضي التركية قبل الحديث عن أي شئ آخر وقبل وضع جدول زمني لتنفيذ ما يتم الإتفاق عليه.&

وثانيا. إختلاف الجانبين حول تفاصيل الشرطين اللذين تقول أنقرة أنه بدونهما لن تتم الصفقة ( التعويضات + رفع الحصار ) لأن أسرائيل ترفض ربط التعويضات بعودة العلاقات، وتقترح تشكيل لجنة من الجانبين لتبادل الرأي حول المسألة خاصة وانها تصر علي أن من كانوا علي متن السفينة إعتدوا علي سيادتها وحدودها البحرية وكانوا يخططون لتهديد أمن شعبها واستقرار أمنها. أما رفع الحصار عن قطاع غزة فيرتبط عندها بمدي قدرة أنقرة علي وقف الإرهاب الذي يقوم به تنظيم حماس من داخل القطاع لمدة لا تقل عن عشر سنوات قبل البدء في وضع جدول زمني لرفعه.&

وتقول ايضاً:

إنه إذا أصرت أنقرة علي موقفها غير المؤسس علي الحقائق " فلن يتم التوصل إلي أي تسوية فيما يتعلق بعودة العلاقات بين الطرفين "&

وأذا اصر رئيس وزرائها أحمد أوغلو علي الترويج بين الرأي العام التركي علي تمسك بلاده بالشرطين " غير المقبولين " منطقياً من جانب نتنياهو وحكومته، فلن يتم تفعيل الإتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه في سويسرا مؤخراً.&

وتتمسك بان يطلع الرأي العام الإسرائيلي علي حجم الإيجابيات والسلبيات التي سوف تعود عليه من جراء توفير احتياجات تركيا من الغاز.&

علي الجانب الآخر تتسائل قوي المعارضة في إسرائيل.&

هل في الإمكان أن ينتج إتفاق الصفقة مشاركة تركية في أليات الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط بصفة عامة؟

وهل أذا كان لأنقرة أوراق ضغط علي منظمة حماس، فهل هي قادرة علي تغيير دفة السياسات التى تقوم بها السلطة الوطنية بقيادة محمود عباس؟

ما هي فرص الوفيق بين تكتيكات موسكز وأنقرة حيال الملف السوري؟؟.&

كلها كما ترون إسئلة توحي بأن المعارضة في إسرائيل تعي ان أنقرة سترضخ للاشتراطات التى يضعها نتنياهو وفريقه الأمني المسيس، فهل هذ صائبة في توقعاتها؟

هذه الإجابة الشافية ستأتي بها تباشير الغد الذي قد يتأخر كثيراً!

[email protected]