بعد تفشي ظاهرة الإرهاب الذي تمارسه الجماعات الإسلامية المتطرفة في كافة أنحاء العالم وخصوصاً في المناطق العربية ضد الشعوب ومعتنقي الديانات الأخرى وكل من يخالفها الفكر والثقافة القائمة على القتل والنهب والسرقة وسفك الدم وتبريرهذا الأجرام، وتكفير الآخر معتمدة في ذلك على ماكان يفعله السلف، وليس هذا فقط فأن هذه الجماعات تؤمن بأن الرب الذي يعبدونه سوف لن يعاقبهم على كل مايرتكبونه من الأعمال بل سوف يكافئهم على قتل الأخرين ويسكنهم فسيح جناته ويمنحهم الحوريات، وهنا لا أدري أي الله تعبده هذه الجماعات، فالله الذي أعرفه وأعبده ويعبده الأخرون يحث عباده على محبة بعضهم البعض وينهيهم عن المنكر ويطلب منهم العمل على زرع بذور الخير بين أبناء المجتمع والأبتعاد عن الشر، وهو لايفرق بين عباده إلا من خلال الأعمال والأفعال الحسنة التي يقومون بها.

أن الله أوجد الأديان من أجل نشر الخير والمحبة وتطبيق المساواة بين أبناء البشر، ورفض أن يستعبد الإنسان أخاه الإنسان ووعد كل شرير بالعذاب الأليم، ولكن ماتقوم به هذه الجماعات المتطرفة هو مخالف لكل الأعراف والأديان، فهم يقتلون وينهبون ويسرقون ويغتصبون ويستعبدون، فكل الأعمال التي يقومون بها هي مخالفة للأعراف والتقاليد البشرية، فأعمالهم لاتمت إلى الإنسانية بشئ، فهم أصبحوا عبارة عن حيوانات مفترسة لاتجد الرحمة سبيلاً إلى قلوبهم.

أن هذه الجماعات لم تأتي من الفراغ فهناك خلفية تاريخية وإيدولوجية تستند عليها، وتجد الحاضنة الاجتماعية في الكثير من المناطق في المجتمعات العربية، وتجد الدعم المادي والمعنوي من القوى الاقليمية والدولية، فالقاعدة في أفغانستان لم تأتي من الفراغ، فوجدت الدعم في كل النواحي من الولايات المتحدة الامريكية، وكانت الغاية هو محاربة الإتحاد السوفياتي السابق وأخراجه من المنطقة، فالهدف الأساسي من وجود هذا الكيان الإرهابي هو تحقيق الأهداف الأمريكية الاستعمارية، فتمدد هذا الجسم الغريب في المجتمعات وبدأ بممارسة العنف ونشر الرعب في المجتمعات، فأرتكبت القاعدة الكثير من الأعمال الإرهابية بحق الأبرياء والعزل، ثم كانت جبهة النصرة الإرهابية والتي تلقت ومازالت الدعم المعنوي والعسكري من الكثير من الدول الأوربية والعربية وخصوصاً من السعودية وقطر والأردن والتي لدغتها الإرهاب الإسلامي من جحرها، حيث كان للأردن الدور في دعم هذا الإرهاب في سوريا، حيث مازالت البعض من هذه الجماعات المتطرفة تتلقى التدريب والدعم من قبل الدولة الأردنية، وتفتح حدودها لتدفقها إلى الأرض السورية لترتكب الجرم والإرهاب بحق الشعب السوري، وهنا لاننسى الدور التركي التخريبي في الأزمة السورية، فالحدود التركية تشكل البوابة الرئيسية في تدفق التكفيريين والمجرمين وقطاع الطرق واللصوص وخريجي السجون إلى الأرض السورية والعراقية، وكل هذا على مرآة من أنظار دول العالم وهي التي تطالب بحقوق الإنسان وتقول بالمحافظة على حرياته الطبيعية والمكتسبة وعدم المساس بكرامته.

أن هذه الجماعات ماكانت لها أن تتمدد وتتجبر لو لم تجد الدعم من القوى العالمية أمثال الولايات المتحدة الأمريكية والبعض من الدول الأوربية، نعم هذه الدول أوجدت هذه الجماعات من أجل تحقيق أجنداتها في خلق الفوضى في الدول الشرقية وتجزأتها من جهة ومن الجهة الأخرى أرادت منها أن تكون عصاها لضرب أي مجتمع إذا رفع رأسه، ولكن هذه الجماعات خرجت عن الحدود التي رسمت لها وتمددت إلى مناطق لم تكن مسموح لها، لذا نجد بأن الولايات المتحدة الأمريكية والبعض من الدول الأوربية والعربية وخصوصاً الخليجية شكلت تحالف من أجل محاربتها والقضاء عليها، هذا الظاهر للعيان، ولكن كل ذي بيان يعلم بأن هذا التحالف لايريد القضاء على داعش الإرهابية، فلو رغبت في ذلك لقضت على جذور الإرهاب في تلك المناطق ولكن وما يحلله الكثير من السياسيين والمفكرين بأن هذا التحالف غير جاد في محاربة الإرهاب، ويتساءلون عن مصدر الأموال والسلاح الذي يتدفق إليهم، وعن شراء البترول من قبل الدول من هذه الجماعات الإرهابية، وعن تلك الطائرات التي تلقي السلاح والعتاد لداعش.

نعم إذا كان المجتمع الدولي جاد في محاربة داعش الإرهابية؟ فعليه أن يقطع الأمداد عنه والضغط على تركية من أجل غلق حددها في وجه تدفق الإرهابيين إلى كل من سوريا والعراق، وعليها أن تغلق معسكر تدريب السلفيين الذي تقول الانباء إنه في الأردن، نعم الكل يعلم بأن هذا لن يحصل حتى أن تنفذ هذه الجماعات الإرهابية كل أهداف وأجندات القوى الكبرى، والفاتورة تدفعها الأقليات الدينية ومن يخالفها الثقافة في المنطقة.

[email protected]

&