أغلق القضاء المصري الباب في وجه حماس وصنفها جماعة إرهابية منهياً مرحلة من الشد والجذب استمرت منذ سقوط حكم الإخوان في مصر وتورطها دون قراءة واقعية لحقائق المنطقة وتوازناتها وإصرار قيادة الحركة على ربط مصيرها بقطر واسطنبول وخروجها من ساحة علاقاتها مع محيطها الجغرافي القريب.
الرسالة المصرية واضحة والرد الحمساوي كعادته متوتر وانفعالي يرفع من الحركة لدرجة من أوهام الصفات الربانية في الجهاد ورفع رايات الحق في وجه الباطل، متناسية عمداً حجم الأخطاء والخطايا القاتلة التي ارتكبتها منذ سقوط نظام الرئيس مبارك ودخولها كطرف في كل الخلافات والأزمات السياسية التي شهدتها مصر في السنوات الأربع الماضية.
الرسائل التي دأبت الحكومة المصرية على توجيهها لحماس طوال سنتين لم تلقى آذان صاغية لدى قيادتها التي ربطت موقفها المعادي لمصر بمواقف قطر وتركيا داعمتي تنظيم الإخوان المسلمين الذي أعلن الحرب على الدولة وكشف عن تحالفاته مع الجماعات الإرهابية في سيناء وليبيا وحددت هدف إسقاط النظام بكل وسائل العنف المتاحة نقطة تلاقي لكل مكونات المشهد الإرهابي ومن يدعمه.
المشكلة أن حماس لم تفهم أو تستوعب المتغيرات الناتجة عن قرار القضاء المصري وانعكاساته وتجاهلت ديكتاتورية الجغرافيا، على أمل مازالت تراهن عليه بأن بقاء النظام الرئيس عبد الفتاح السيسي قضية وقت وليس بوسع مصر مهما فعلت الوقوف في وجه تسونامي إخواني برعاية أمريكية.
مواقف قيادة حماس وتصريحاتهم المتنطعة تعيد للأذهان أسطوانة اعتادت تكرارها تبدأ بالتخوين وتنتهي بالتكفير مروراً بخدمة المشروع الصهيوني وضرب المقاومة وصولاُ لإطلاق تهديدات بأن جحافلها قادرة على الوصول للقاهرة وإعادة الرئيس المخلوع مرسي لسدة الحكم.
الصراخ والاتهامات والشتائم لمصر لن تحل أزمة حماس وستزيد من تعقيد أوضاع أهالي غزة مع إصرار مصر على تجفيف وضرب الإرهاب في سيناء، وإنهاء حكاية الإنفاق التي ربطت غزة بسيناء مما أفقد حماس الكثير من مصادر دخلها وتفاقمت أزماتها بعد أن أصبحت الأطراف الممولة عاجزة عن إيصال دعمها المباشر لها، ومحاولات استمالة طهران للعودة لدعم الحركة اصطدم بموقف سوري عنيف رافض للتقارب بين الطرفين خاصة وأن قيادة حماس المقيمة في قطر مازالت تشارك بقوة في جهود التحالف الدولي لإسقاط النظام السوري.
مصر الرسمية تجاهلت حماس منذ فترة ليست قليلة والرد على الشتائم تكفل فيها عدد من الإعلاميين المصريين أصحاب الخبرات النادرة في هذا المجال مما حول السجال لساحة بعيدة عن السياسة تماما وابعد الحكم في القاهرة عن الدخول فيه.
خيارات حركة المقاومة الإسلامية تضيق مع ضيق صدور قياداتها بخياراتهم السياسية الخاطئة وتجربة تكرار الصدام مع إسرائيل التي خاضتها الحركة يبدو مستبعداً لأن النتائج الكارثية للمعركة فاقت قدرة إدارة المعركة من قطر التي تولت عبر خالد مشعل وقناة الجزيرة تكرار نفس سيناريو حرب 2008 مع فوارق سقوط القناة وفشلها في تكرار المشهد وضياع مصداقية زعيم حماس الذي يقود المعارك من الدوحة البعيدة عن فلسطين والقريبة من إسرائيل.
حماس في أخر سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك تجرأت على مصر وهاجم عناصرها النقاط الحدودية في رفح، واليوم تطرح قيادات في حماس فكرة افتعال صدام مع الجيش المصري لمحاولة إظهاره بدور المعتدي الذي يحاصر القطاع ويعتدي على المجاهدين الزاحفين لتحرير القدس، في المقابل يعرف قادة حماس أن مصر اليوم ليست مترددة في لجم أي محاولات للمساس بترتيباتها في سيناء وأي محاولات لكسر المعادلة سيكون له نتائج تتجاوز قدرة حماس على تحمل تبعاتها وهذا سيجعل الدخول بمثل هذه المغامرة أمرا غير محسوب العواقب.
حلول حماس المتبقية لا تخرج عن إصرارها على الدوران في حلقة مفرغة وإرسال التهديدات بدوعشة غزة وجعلها قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية المنتشرة في سيناء، مهددة الجميع بأنها لن تسمح لأحد بتجاوزها أو كسر مشروعها ألإخواني في غزة التي تعتبرها أخر قاعدة مقاتلة للجماعة، وهذا التوجه الذي يدعمه بقوة العديد من قادة حماس يجد في الفشل والإحباط وانكسار المشروع ملجأ في الغوص مع الجماعات الإرهابية التي وجدت في هذه القيادات امتدادات لها داخل القطاع، والعمليات التي نفذت تحت راية داعش ضد ما تبقى من وجود أجنبي في غزة مؤشرات على وجود وتمدد المجموعات الإرهابية في مساحات فكرية تجد فيما بعد تطرف حماس ساحات اكبر تجمع فيها من فقدوا القدرة على الحلم والأمل ومن يجدون في الهروب لما بعد اليأس متنفسا لهم.
التهديد بدوعشة غزة سيقود لما بعد الكارثة وحماس العاجزة عن القبول بأن زمن التمكين سقط بسقوط مرسي والأخوان في مصر وفشلهم في اليمن وتونس وهزيمة تحالفهم مع معسكر إسقاط النظام السوري فرض على حماس خيارات أحلاها مر بين الانكفاء الذي ترفضه والانتحار الذي تسير له تحت رايات داعش.&
&
&
&
&
&
&
&
&
التعليقات