ربما يخرج العنوان عن المألوف، كون النظرية الاصح وجود تعارض مصالح بين الاعلام والارهاب، لكن نظرة فاحصة على اعلام اليوم تؤكد ان الكثير من القنوات الفضائية عبر برامجها الحوارية وترويجها لنظريات القتال من اجل التحرير الشعبي او القاء التهم على الاخر وتحميله آثام انكسارات الجيش العراقي المتكررة منذ نكسة حزيران من العام الماضي على اقل تقدير، فكلا الطرفين يجمعان على الانغماس في نظرية المؤامرة على العراق ككل، مرة لان الطرف الداعي الى التحرير ومساندة الحشد الشعبي، يغادر المنظور المطلوب في العقد الاجتماعي الدستوري ويبشر عبر برامجه الحوارية بنبرة التنكيل بالأخر كونه انهزم من ميدان المعركة و"اولاد الخايبة" هم الذين يحررون حرائره من اثام "جهاد النكاح" الداعشي، مقابل احاديث عن الانفراد بالسلطة وما خلفه من اشكالات دستورية انتهت الى ما انتهى اليه الوضع الامني والسياسي بل والاجتماعي في البلد.
&السؤال لماذا هذا التناغم في الترويج لمصالح الاطراف المتحاربة على مائدة السياسة العراقية حتى وهم يواجهون تنظيم داعش؟؟
&مشكلة الكثير من التحليلات السياسية انها لا تأخذ بالتحليل الاجتماعي التي كانت ملامحه واضحة في كتابات المفكر العراقي الكبير الدكتور علي الوردي عن ملامح المجتمع العراقي، بل ان احد سفيرات الاتحاد الاوربي سالت بغضب عن تلك المقولة التي تؤكد ان العشائر العراقية تحمل بين جوانحها كلا الطائفتين من الشيعة والسنة، وان فكرة باقة الورد العراقية التي روج لها الرئيس العراقي السابق جلال طالباني والتي تحمل جميع الاطياف الوطنية لم تكن اكثر من مجرد خدعة اعلامية!
الحقيقة الواضحة اليوم، ان الاحزاب العراقية التي اتفقت في لندن عام 2002 برعاية زلماي خليل زاده على محاصصة السلطة طائفيا وقوميا، لم تنجح في قيادة البلد نحو شواطئ الامان لان ذات القيادات التي ما زالت تظهر على شاشات التلفاز وهي تشدد على مفهوم " اللحمة الوطنية " هي ذاتها التي تغذي مظاهر انتقال مقدرات الدولة من القوات النظامية وسلطة القانون الى سلطة امراء الحرب والمليشيات بشتى مسمياتها، حتى انتهى الوضع الى عدم ثقة المواطن بسلطة الشرطة والجيش ويسعى للالتحاق بسلطات امراء الحرب لعل وعسى يجد الملاذ الامن لعائلته من تشريد النزوح!
&في المقابل، لم يجد المواطن العراقي الاخر- السني- الا النزوح والهرب من بطش داعش وارهابه، او اللوذ بالصمت لكنه في ساعة الحرب ليس بإمكانه غير الالتحاق بالمعركة وهكذا هو واقع المحافظات السنية ان صح التعبير، ما بين نازح او وجد نفسه داعشيا على الرغم من انفه، ناهيك عن ذلك الذي انتمى الى داعش اصلا لأهداف سياسية معروفة.
&فما هو الحل؟
&هناك اكثر من دعوة للمصالحة الوطنية، وهناك الكثير من الكلام عن وحدة العراق في الخطابات السياسية، لكن اي منها ما زال لا يرتق الى مواكبة اللحظة وخطورتها على النسيج الاجتماعي وما تبقى من مشاعر الناس عن وحدة العراق جغرافية بشرية وتاريخ سياسي، واي نموذج للمصالحة الوطنية يتطلب ان يبدأ من الاعلام بإلغاء هذا التنابز بالألفاظ الطائفية، والانتقال الى خطاب وطني له ثوابت معروفة وهي مهمة مطلوبة من اهل العقد والحل قبل غيرهم، كونهم اكبر ممول للماكنة الاعلامية والا فما هي قيمة الحديث عن مستقبل عراق واحد؟
التعليقات