لا أحد يختلف حول أطماع إيران التوسعية وتحقيق حلم الدولة الفارسية الضائع، ولا أحد يختلف على لعبها دور قذر لصالح الغرب الذي يحرضها لتهديد أمن الخليج، وإحداث نوع من الفوضى والاضطرابات عن طريق أذرعها الموالين لها من خدامها الشيعة، الذين يحملون جنسيات دول خليجية لكن قلوبهم معها، ومثل هؤلاء لا يستحقون أن ينتمون للدول التي يأكلون من خيراتها ويعيشون على أرضها، لأنهم مثل القطط "تأكل.. وتنكر"!

هذا النوع من البشر يمارس الخيانة لوطنه بولائه لهذه الدولة الفارسية، التي لا تتردد في السعي بكل قوة لتدمير العرب، فهي تعيث في أرض العراق فساداً بعد أن خرجت منها أمريكا وتركتها لقمة سائغة لها لتسيطر على مقاليد الأمور، وتحقق أحلامها على أرض الفرات التي عصت عليها أيام الراحل صدام حسين، والذي نجح في تقزيمهم، وإذلالهم وإخضاعهم بعد أن كسر شوكتهم، ووضعهم تحت مقصلته، فلم يجدوا أمامهم سوى الطاعة، والعيش على الطريقة "الصدامية" ووفقاً لقانونه الخاص..!

اليوم، أصبحت العراق مرتعاً لأزناب إيران، الذين جعلوا من العراق حمام دماء، ينافس نهر الفرات في جريانه، وكأن إيران تنتقم من البلد الذي هزمها ذات يوم بعد حرب امتدت لعقد من الزمان، ونجح في كسر شوكتها ووضعها في المكانة التي تستحقها..&

ثم امتد تآمر إيران، نحو اليمن السعيد، فزرعت على أرضه نبتاً شيطانياً من الحوثيين، الذين حصلوا على المال والسلاح وبعض المرتزقة، في محاولة لاختطاف اليمن من رئيسها الشرعي وشعبها الطيب، الأمر الذي دفع السعودية لإعلان الحرب على الحوثي، دفاعاً عن الشرعية ودفاعاً عن أمنها القومي، بعد أن اكتشفت أهداف إيران الخبيثة سواء في اليمن أو في العراق، فشنت السعودية "عاصفة الحزم" مع حلفائها من دول الخليج والعرب، لكسر ذراع إيران في اليمن، وحمايتها من أطماع بلاد فارس وأغراضها الدنيئة..!&

في نفس الوقت، لم تتردد إيران في دعم الرئيس بشار الأسد في سوريا، عن طريق ذراعها العسكري "حزب الله" الذي أرسل جنوده لسوريا لحماية الأسد وقتل الشعب السوري دون تردد، وإن كان الأمر هنا يختلف بعض الشيء، لأنها دعمت شرعية رئيس قاتل، دون النظر إلى شرعية الشعب وحقه في اختيار من يحكمه، لتجري انهار الدماء على أرض سوريا، مثلما تجري في العراق واليمن.. في الوقت الذي أقامت فيه الدنيا وثارت وأصابها الجنون بعد إعدام عالم الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر، لدرجة أنها وجهت سهام التهديد والوعيد للسعودية، حتى تطور الأمر ووصل لقطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، بالإضافة إلى دول عربية عدة وقفت في صف السعودية وسحبت سفرائها من طهران، وطردت سفراء إيران من أراضيها.. لتظهر إيران في المشهد، وكأنها فارس جبان أعزل فقد جواده وعتاده، بعد أن دخل في معركة خاسرة على المستويات كافة..&

وأمام كل هذا الإرهاب الذي تمارسه إيران ضد جيرانها من العرب، يخرج علينا الغرب والأمريكان ليدينوا قرارات الإعدام التي قامت بها السعودية، متشدقين بحقوق الإنسان، التي يتم فرضها على العرب والمسلمين فقط، ويجعلوا منها سوطاً يجلدون به أي دولة عربية تخرج عن النص أو لا تتفق مع سياستها.. في نفس الوقت الذي يغض فيه الغرب الطرف عن حقوق الإنسان المنتهكة في العراق وأفغانستان واليمن وليبيا وسوريا وكثير من دول القارة السمراء التي لا تزال تعيش تحت عجلات الفقر والجهل والظلم، فضلاً عن الجرائم التي ترتكب ضد مسلمي بورما، التي تُعد وصمة عار في جبين الإنسانية بعد ممارسة جماعات بوذية متطرفة أقسى أنواع حرب الإبادة ضد الأقلية المسلمة، وسط صمت عالمي مخز..!

هذا ليس بغريب على العالم الغربي، الذي يتبع سياسة الكيل بمكيالين، طوال تاريخه السياسي مع العرب، والذي ساعده على ذلك سياسة الخضوع والتبعية التي سارت على دربها العديد من الدول العربية، معتقدة أنها تحمي مصالحها، وتحافظ على استقرارها، دون التفكير في أنها طيلة الوقت مطالبة بدفع الثمن، الذي يفوق بكثير ثمن تبعيتها لهذا الغرب الانتهازي الذي يعيش على ابتزاز ثرواتنا ومقدراتنا، في مقابل حماية زائفة تحددها المصالح والأطماع التي تسعى وراءها هذه الدول الكبرى، والتي تشعل فتيل الأزمات في المنطقة ثم تبدي قلقها وتدين وتشجب وتطالبنا بضبط النفس ليس أكثر، ثم تقرر التدخل "بعد خراب مالطة"، لتوهمنا بأن في يدها المفتاح السحري لحل هذه الأزمات بعد أن تطمئن على الثمن والمكاسب التي تجنيها من وراء غبائنا السياسي..!

ليس أمام الدول العربية والإسلامية في هذه الظروف الراهنة، سوى امتلاك قرارها، والسعي للوحدة الحقيقية البعيدة عن الخلافات الساذجة، والاختلافات المصطنعة والمقصودة، التي تؤدي إلى تصدع الجدار العربي، وبالتالي يستمر التدخل الغربي السافر في سياستنا الداخلية والخارجية، وهذا التدخل ليس خوفاً على استقرارنا، ولكن حفاظاً أولاً وأخيراً على مصالحه.. وهذا ما لا نريد أن نفهمه، لأننا لم نستوعب الدرس بعد..!!&

&

سلطان الحجار

كاتب مصري