هي المرة الأولي التي يتوافق فيه المحللون مع كافة الاطراف المؤثرة في الملف السوري حول أهمية هدنة " وقف العمليات العدائية " الحالية التى خططت لها موسكو وواشنطن ثم إنضم إليها الآخرون ووثقها مجلس الأمن ..&
وهي أيضاً المرة الأولي التي تتزامن فيها الجهود السياسية مع وقف إطلاق الار النسبي رغم الخروقات التى سجلت ، بهدف تفعيل جدول أعمال جولة محادثات السلام بجنيف في السابع من شهر مارس الحالي ، متفائلين بالمؤشرات الإيجابية التى طغت علي الساحة ..&
الخروقات التى جرت علي يد البعض لم تمنع من وصف الحالة بالصمود ، مما دفع غالبية المراقبين إلي الترحيب بالهدوء النسبي الذي ساد حتى الآن فوق غالبية الأراضي السورية .. ويرجع ذلك في المقام الأول إلي توقف العدد الأكبر من طلعات الطيران الحربي الروسي والسوري كما كان عليه الحال منذ شهر سبتمبر الماضي ، إلي جانب الإنخفاض الهائل في مستوي قوة نيران المدفعية علي مستوي التراشقات التى كان يقوم بها النظم السوري والعديد من فصائل المقاومة التى وقعت علي الاتفاق ..&
حتى خرائط جبهات القتال التى وزعها الطرفان الروسي والأمريكي لتحديد الأمكان التى تتحصن فيها قوات الجيش السوري النظامي وقوي الفصائل العسكرية المتوافقة علي الهدنة ، وإن حملت في طياتها بعض التضارب ، إلا أنها بينت بشكل جلي – وعن قصد – أماكن تمركز وانتشار قوات جبهة النصرة وكذا قوات تنظيم داعش المستهدفتين من القوي المحلية والإقليمية والدولية تحت غطاء هذه الهدنة ..&
وافق مجلس الأمن أو بمعني أكثر دقة " إعترف بالإجماع " بجهود روسيا وأمريكا علي مستوي التوصل إلي تفاهم لوقف العمليات العدائية قبل ساعيتن من بدء سريانه بعد منتصف ليلة الجمعة الماضية بتوقيت دمشق ، لأن ..&
1 – الطرفان الأمريكي والروسي قاما بصياغته ..&
2 – طُلب منهم جميعاً الموافقة عليه دون مناقشات سفسطائية غير ذات معني ..&
3 – الشكوك التى أبدتها كل من لندن وباريس في خلفيات المشهد ، قوبلت بوعود من موسكو وواشنطن أن تُأخذ في الإعتبارا عند الاعداد لجلسة المفاوضات السياسية القادمة ..&
4 – التعهدات التى قدمها نظام الحكم السوري ومؤيدوه بضمان روسيا وكذا التعهدات التى قدمتها فصائل المعارضة ( 97 فصيل ) بضمان واشنطن ، كانتا من أهم الملاحق التى إرفقت بالقرار ..&
يُجمع المحللون علي ان القرار الأممي به ثغرات ، ويرجع ذلك لـ..&
أولاً .. لم يأت القرار علي ذكر لآلية واضحة تبين كيفية التعامل مع الإنتهاكات التى قد يُقدم عليها هذا الطرف أو ذاك خلافاً لما نص عليه القرار ، وكأن الطرفان المتوافقان علي ثقة تامة من أحد أمرين ..&
أ - أن الآخرين " خاضعون لهما ومتلزمون بما أُملي عليهم " ..&
ب - أو لتوقعهم أن ما سيقع منهم " لن يعيد حالة الحرب إلي ما كانت عليه " ..&
ثانيا .. الخشية من أن لا يؤدي الوضع بكل ما يحمله من صمود إلي توفير الأرضية الصلبة لجولة مباحثات جنيف التى ستبدأ بعد ايام معدودة وفق القرار رقم 2254 .. &
يتمثل الجانب الإجابي لهذا القرار في النواحي الأتية ..&
- أنه يمنح قوات التحالف بقيادة واشنطن الغطاء القانوني والأممي لقصف قوات وتحصينات جبهة النصرة وتنظيم داعش في العراق وسوريا بلا توقف لأنهما مستبعدتان من الإتفاق ..&
- لأنه يتعامل مع الإئتلاف الوطني وذراعه العسكرية " الجيش الحر " من منطلق انه يقوم بالدفاع عن المدنيين السوريين إلي جانب حماية المناطق التى يتواجد فيها الثوار ..&
- انه يفتح العدد الأكبر من المحاور السورية أمام قوافل المساعدات الإنسانية لكي تصل إلي المدنيين الأكثر تضرراً ..&
لهذا حرص ستافان دي مستورا مبعوث الأمم المتحدة ..&
أن يثمن ضمن مؤتمره الصجفي ، الخطوة المشتركة التى قام بها الجانبان الروسي والأمريكي بانها هي " التى فتحت الطريق لإستصدار القرار الدولي المؤيد لوقف العمليات العسكرية في سورية " ..&
وأن يصف موافقة مجلس الأمن عليها بأنها " أفضل ما توافر من فرص لكي يحصل الشعب السوري علي شئ من الهدوء الإيجابي " ..&
وبالرغم من ذلك فوجئنا به .. يطلب من كل من هو علي صلة بالملف السوري أن يعمل ويساعد علي نجاح " ما توصلنا إليه " لكي تمهد الهدنة المؤقتة إلي مباحثات سياسية تقود إلي فرض الحلول السلمية التى يحتاجها السوريون جميعا بعد معاناة متواصلة منذ اكثر من خمس سنوات وأدت إلي وفاة مئات الألآف وتهجير عدة ملايين خارج اراضيهم " ..&
وبرغم المناوشات التى تناولتها وكالات الانباء حول بعض الخروقات التى دوي صداها في انحاء متفرقة من محافظات سورية خلال الأيام القليلة الماضية والتي رفضت موسكو وواشنطن الإلتفات إلي العدد الأكبر منها ، إلا أن قوافل الاغاثة الإنسانية التى تسيرها المنظمات الدولية إلي المناطق المحاصرة ، تقوم بمهماتها بشكل ملحوظ ..&
ويبقي سؤال ذو شقين يتداوله المراقبون والمحللون فيما بينهم ..&
يقول أولهما .. هل تأتي رياح الوقف المؤقت للقتال في سورية حتى صباح السابع من الشهر الحالي بما يتمناه المخلصون من ابناء الشعب السوري ؟؟ ..&
ويقول ثانيهما .. هل يتواصل التنسيق القائم حالياً بين موسكو وواشنطن بحيث يفضي إلي مجموعة من الضمانات التى ترسم ملامح النجاح المرتقب لجلسات محادثات السلام التى ستبدأ في جنيف بعد اقل من اسبوع ؟؟ ..&
الأمر المؤكد بين المتابعين للملف السوري أن الأيام القليله القادمة ستتمخض عن ثلاث حقائق لا مفر من الإعتراف بها ، هي ..&
1 - ان كافة الأطراف ستستثمر فرصة الهدوء النسبي لتقوية جبهاتها القتالية عن طريق و كذا للحصول علي الدعم العسكري الذي يعزز مواقعها علي الارض عند التفاوض ..&
2 – أن القوي الدولية والإقليمية ستعل ما في طاقتها لتقوية مواقفها التفاوضية بضم أطراف أخري إلي معسكرها حتي تصبح قادرة علي فرض رؤيتها ومطالبها فوق أرض الواقع ..&
3 – أن يتحول التنسيق التكتيكي القائم حالياً بين موسكو وواشنطن إلي تنافس مكتوم حول شراء ذمم وولاءات المؤيدين للنظام والمقاومون له لترجيح كفة هؤلاء علي أولئك أو العكس ، تحت مظلة التنسيق العسكري بين الطرفين الذي اعلنت عنه وزارة الخارجية الروسية صباح الإثنين الماضي ..&
هذه الحقائق من شأنها ان تفرز سيناريوهين يعكس كل منهما الإطار الذي ستعقد في ظله مباحثات جنيف للسلام ..&
احدهما متفائل .. يرتكز علي أن إلتزام الطرفين المتصارعين بما ستفرضه عليهما القوي الدولية ، سيفضي إلي خطة عمل من شأنها ان تحقق للسوريين الأمن والاستقرار تحت شعار الانتقال السلمي للسلطة سواء بإستبعاد بشار الاسد من العملية برمتها أو بإقتسامها معه ..&
والثاني متشائم .. يتوقع ان يتمسك الطرفان الرئيسيان بموقفهما المتزمته ويرفضا كافة الإقتراحات المعروضة عليهما ويعودا للقتال مرة أخري ..&
نجاح السيناريو الأول يتطلب ان يقوم المجتمع الدولي بالدور المنوط به وفق ميثاق الامم المتحدة ، عن طريق..&
أ – توفير الأجواء اللازمة لفريق العمل الدولي المشكل من 17 دولة لإيجاد تصورات أولية &وبديلة لمخطط الخروج بالأزمة السورية من مأزقها الراهن وفق معايير وحدة الشعب السوري فوق أراضيه غير المقمسة ..&
ب – أن تتعاون كافة الأطراف الدولية والإقليمية لكي تعيد الميليشيات المتطرفة غير السورية إلي مواطنها الأصلية ..&
ج – أن يعي النظام الحاكم وقوي المعارضة المعتدلة أن تقسيم الوطن السوري وفق تصريحات وزير خارجية أمريكا لن يعود بالنفع علي أي منهما ولا علي المنطقة كلها ..&
د – ان يتوافق هذان الطرفان علي رؤية مستقبلية " تتسم بالمرونة " لشكل الحكم في المرحلة القادمة برعاية امريكية روسية ، تستكمل دورها التنسيقي الذي قاد إلي اقرار الهدنة المؤقتة سواء كانت الأولوية لصياغة دستور جديد للبلاد او لهيئة رئاسية حاكمة ..&
&
التعليقات