&
على ضوء أحدث موقف تقدم به مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني والذي ضمنه في رسالة التهنئة التي وجهها لشعبه بمناسبة أعياد نوروز حيث قال" بأن أفضل حل للأزمة السياسية بكردستان هو تفعيل البرلمان وتشكيل هيئة رئاسية جديدة له مع تشكيل حكومة جديدة".أعتقد بأن هذا الموقف الجديد الصادر من شخص بارزاني قد جاء بفضل ضغوط محلية ودولية، فكما يبدو بأن بارزاني بدأ أخيرا يشعر بمخاطر إستمرار الوضع الحالي على ماهو عليه، ولذلك جاء هذا الموقف الجديد على لسانه وليس على لسان أحد آخر غيره.
في غضون ذلك كان المتحدث الرسمي بإسم حركة التغيير الدكتور شورش حاجي قد طرح مقترحا أمام القوى السياسية بكردستان وخصوصا على الحزبين الرئيسيين الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني يقضي بتسليم السلطة الى حركة التغيير بشكل مؤقت وتحولهما الى حزبين معارضين، لكي تتمكن القوى السياسية والشعبية من إختبار قدرة هذه الحركة في إدارة شؤون الحكم بالإقليم.
في هذا المقال أتقدم بمقترح أمام الأطراف الرئيسية وخاصة تلك المعنية بالأزمة السياسية، على أمل أن يكون مدخلا لعقد إتفاق سياسي بين جميع الأطراف لحل الأزمة الحالية وإنهاء معاناة الشعب، وتكثيف وتوحيد الجهود المشتركة من أجل معالجة الأزمة المالية الخانقة بما يصب في خدمة الشعب.
بحكم أن طرفي النزاع أو الأزمة السياسية الحالية الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير مازالا يديران الأزمة في ظل صراع مستحكم،خاصة وأن الحزب الديمقراطي يسعى منذ بداية الأزمة على شخصنتها وحصرها بمنصب رئيس البرلمان الحالي الدكتور يوسف محمد ولايرضى دون إزاحته عن منصبه بأي حل سياسي، فإن مسألة رئاسة البرلمان تشكل اليوم العقدة الأساسية التي من شأن تفكيكها أن تنفتح الأجواء أمام حل الأزمة، وعليه فإني أقترح أن تتقدم حركة التغيير بتنازل بهذا الشأن وتوافق على تسليم رئاسة البرلمان الى الإتحاد الوطني مقابل حصولها على منصب رئيس حكومة الإقليم الى حين إنتهاء مدة ولاية هذه التشكيلة وتنظيم إنتخابات جديدة بالإقليم العام المقبل، على شرط أن توافق الحركة بقبول الأمر الواقع ببقاء مسعود بارزاني في منصبه كرئيس للإقليم الى حين الوصول للإنتخابات المقبلة، وبذلك تضمن جميع الأطراف توزيع المناصب السيادية بينها بشكل عادل، فالحزب الديمقراطي الذي حصل على المرتبة الأولى بالإنتخابات سيحصل على رئاسة الإقليم، وحركة التغيير بإعتبارها القوة الثانية داخل البرلمان ستحصل على رئاسة الحكومة، وستذهب رئاسة البرلمان الى الإتحاد الوطني الذي يعد القوة الثالثة داخل البرلمان.
أعتقد أنه بالإلتزام بهذا المقترح وتنفيذه ستفك العقد الأساسية بالأزمة التي تعصف بكردستان منذ أكثر من ستة شهور، فمن شأن المقترح أن يحل عقدة رئاسة البرلمان ولن يعد أمام الحزب الديمقراطي أية مبررات لتحويلها الى مسألة شخصية، وحركة التغيير التي رفعت خلال الإنتخابات شعار" نحو السلطة:" ستحصل على فرصة جيدة لإثبات قدرتها في إدارة شؤون الدولة وتنفيذ تعهداتها لناخبيها وخاصة ما يتعلق بمكافحة الفساد، حيث سيكون بإمكانها أن تعمل على تنفيذ الحملة الإصلاحية التي أطلقها مسعود بارزاني مؤخرا. أما الإتحاد الوطني الذي نجح بإمتياز في إتخاذ موقف المحايد والمساعد على حفظ التوازن في الأزمة الراهنة، يستطيع بدوره أن يواصل هذا الدور من خلال رئاسته للبرلمان ومراقبة الطرفين وضمان تنفيذ الإتفاق السياسي الذي سيعقد بهذا الشأن.
إن هذا المقترح سيفيد الجميع، لأن الحزب الديمقراطي سينجو من أزمة سياسية خانقة إفتعلها هو بالأساس والتي وصلت الى طريق مسدود، وأن جميع الإحتجاجات والإنتقادات موجهة إليه تحديدا، ومن جهة أخرى سيضمن هذا الحزب لرئيسه بالبقاء في منصبه الرئاسي غير الشرعي حاليا بسبب إنتهاء مدة ولايتيه الى حين تنظيم الإنتخابات القادمة وفقا للإتفاق السياسي الذي سيعقد لهذا الغرض وهذا مطلب من أهم مطالب بارزاني وحزبه.فإذا لم يوافق الحزب على هذا الحل عندها سيثبت للشعب ولجميع الأطراف بأنه السبب في إستمرار الأزمة خاصة وأننا نسمع مرارا من بعض القيادات تصريحات تدعو الى تشكيل حكومة إنقاذ وطني أو حكومة مؤقتة، فلتكن الحكومة التي ستتسلمها حركة التغيير بمثابة تلك الحكومة المؤقتة الى حين تنظيم الإنتخابات المقبلة.
أما فيما يتعلق بحركة التغيير فإنها بدورها ستستفيد من هذا الحل لأنه سيضمن لها فرصة إثبات قدراتها على إدارة شؤون الحكم وفقا للبرنامج الذي طرحته على ناخبيها في الإنتخابات السابقة، وبما أن الحركة تطرح نفسها كقوة سياسية تسعى الى عصرنة السلطة وجعلها في خدمة الشعب، فسيكون بإمكانها عبر تسلم هذه الحكومة المؤقتة أن تثبت قدراتها في الإدارة.
وما يتعلق بالإتحاد الوطني فمما لاشك فيه فإن الإتحاد تضرر كثيرا بالإتفاق السياسي الذي جرى بموجبه توزيع المناصب السيادية بإقليم كردستان عقب الإنتخابات السابقة، وحرم من الكثير من حقوقه المشروعة، صحيح أنه مني بإنتكاسة أثناء الإنتخابات السابقة،لكن ذلك لم يكن بسبب تراجع شعبيته الجماهيرية، بقدر ما كان بسبب الخلافات داخل قيادته ، فهذا الحزب الذي قاد الثورة الشعبية الجديدة وعرف بأنه حزب الشهداء يحظى دائما بحب الجماهير،ومن الناحية السياسية فلا أحد يستطيع أن ينكر دوره وثقله السياسي بكردستان، وبهذا المقترح سيعود الى إحتلال الموقع المناسب الذي يستحقه كقوة سياسية مؤثرة في كردستان.
أعود لأؤكد بأن على جميع الأطراف أن تدرس هذا المقترح بشكل مستفيض، ورغم أن الإتفاق السياسي الذي سيعقد لتنفيذ هذا المقترح سيكون بشكل مؤقت الى حين تنظيم إنتخابات جديدة، لكني أعتقد بأن هذا الإتفاق إذا رأى النور سينهي الأزمة السياسية المعقدة بكردستان وبالإستفادة من دروس وعبر هذه الأزمة يستطع الجميع أن يوحدوا صفوفهم ويسخروا جهودهم باتجاه قيادة سفينة الشعب نحو شاطيء الأمان، لأن إستمرار هذه الأزمة وبهذه الوتيرة سيودي بالجميع الى التهلكة لامحال.
&