المفاوضات التي تجري منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في الكويت بين وفد الحكومة اليمنية &الشرعية ، ووفد الانقلابيين الحوثيين ، والتي لا تزال متعثرة ، بعد التفاؤل الذي أبداه المبعوث ألأممي إسماعيل ولد الشيخ ، في البداية ، تجعل كثيرا من المراقبين أمام حيرة حقيقية حيال الوسائل الممكنة لتحقيق الحل في اليمن ؟&
لقد كان أصل التوافق على محادثات الكويت نتيجة للموافقة التي أبداها الحوثيون للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ ، من القبول بمرجعية القرار الأممي 2216 ، وبقية المرجعيات السياسية والوطنية ، كمخرجات الحوار الوطني اليمني ، وبنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية وغيرها.&
بيد أن المراوغات التي بدأت تظهر على الحوثيين خلال الأيام الماضية في محاولة للتنصل من مترتبات الموافقة على بنود القرار الأممي 2216والمرجعيات الأخرى دلت بوضوح على أن هناك إرادة خفية لإفشال محادثات الكويت ، وأن التحركات الميدانية للحوثيين والتصعيد العسكري الذي قاموا به في معسكر لواء العمالقة بمديرية &حرف سفيان والاستيلاء على أسلحة اللواء واعتقال &قائده كلها مؤشرات غير مريحة لنوايا الحوثيين .&
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ، في ظل الانسداد الذي أصاب الحل السياسي في اليمن ، هو : ماذا بعد مفاوضات الكويت ؟&
لقد جرت محادثات سابقة بين كل من ممثلي الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي ، وبين الانقلابيين الحوثيين وممثلي المخلوع علي عبد الله صالح في جنيف ، أكثر من مرة ، وكان الفشل هو نصيب المحادثات ، واليوم بعد أن توقفت المحادثات على توافقات محدودة جدا تتعلق بالأسرى ؛ فإن ما ينتظر مصير الصراع الدموي في اليمن أصبح مجهولا وينذر بالكثير من التداعيات الخطيرة في مستقبل اليمن والخليج.&
لقد بدا واضحا أن هناك إرادة دولية عاجزة عن إيجاد الحل أو ممارسة الضغوط المباشرة وغير المباشرة على الحوثيين من أجل تسجيل نقاط تقدم تفضي إلى الحل السلمي للأزمة اليمنية .&
كما أن هناك جهود إقليمية مناوئة للحل الوطني في اليمن ، كما تفعل إيران بوضوح حيث لا تزال إيران ، بعد أن تم إعادة الاعتراف بها وبنفوذها ضمنيا ، نتيجة الاتفاق النووي بينها وبين الغرب ، تشتغل من وراء الكواليس على إبقاء الوضع على ما هو عليه ضمن إستراتيجيتها الخبيثة لزعزعة أمن المنطقة العربية ، لاسيما منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية.
الوضع في اليمن أصبح غير قابل للاستمرار على ما هو عليه نتيجة للتداعيات الكارثية التي ستنجم عنه فيما لو استمر كذلك ، كما أن الإدارة الأمريكية اليوم ، وقد أصبح الرئيس الأمريكي فيها " بطة عرجاء " لن تكون قادرة على تقديم أي ضغوط أو حلول لهذه الأزمة ، أما الأمم المتحدة فهي الأخرى استنفذت الكثير من مساعيها السلمية عبر لقاءات جنيف السابقة .
لقد كانت فرصة مفاوضات الكويت ، التي لا تزال هناك إمكانية لاستثمارها قبل أن تضيع ، إحدى أهم المحطات التي ينبغي أن تنجم عبرها حلول دبلوماسية وسياسية للأزمة في اليمن .&
وإذ يدرك الجميع أن هناك علاقة خفية بين الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وبين القاعدة في اليمن ، كما أن هناك علاقة بين كل من إيران وداعش فإن مشروع التخريب للوضع في اليمن من خلال تصعيد العمليات الإرهابية لكل من القاعدة وداعش ــ كما تدل على ذلك التفجيرات والعمليات الانتحارية مؤخرا &ــ أصبح هو الطور المفضل لتعقيد الوضع في اليمن عبر استثمار الفرص الإقليمية والدولية الموءاتية لتعقيد الوضع على نحو أكثر خطورة.&
وإدراكا منها للتداعيات الخطيرة التي يوفرها مثل هذا الظرف الإقليمي والدولي وما قد ينجم عنه من فوضى في اليمن ، تحاول المملكة العربية السعودية أن تجعل من مفاوضات الكويت فرصة أخيرة لإنجاح الحل السلمي .&
وفي ظل هذه الظروف يمكننا فهم تصريح وزير الخارجية السعودي الأستاذ عادل الجبير حول الحوثيين الذين وصفهم بأنهم جيران للسعودية وبإمكانية التفاوض معهم وذلك من أجل عزل الإرهابيين والدواعش الذين يرتبطون بعلاقة مع كل من إيران وعلي عبد الله صالح .
كل المؤشرات تدل بوضوح على أن الكويت هي المحطة الأخيرة التي ينبغي أن تتوقف عندها حدود الصراع اليمني عبر حلول سلمية محتملة ، وأن المملكة العربية السعودية ستدفع بهذا الاتجاه ، رغم الانسداد الحالي حيال بعض الملفات بين المتفاوضين &، ما يعني أن هناك فرصة أخيرة للحلول السلمية ، وهي فرصة ينبغي أن ينتهزها الحوثيون للوصول إلى تسوية سلمية للوضع في اليمن