إذا كانت "حماس" تعتبر أنها تنظيماً فلسطينياًّ وليس حركةً "إخوانية" تتبع لإيران فإنه عليها حتى وهي تتواجد في قطاع غزة أنْ تلتحق بالإطار الفلسطيني وبالدولة الفلسطينية التي على رأسها محمود عباس (أبو مازن) مثلها مثل حركة "فتح" والجبهتين الشعبية والديموقراطية والفصائل الأخرى الحقيقية والوهمية، أما أنْ يكون ولاؤها التنظيمي للإخوان المسلمين ولمرجعيتهم السياسية التي إنتقلت من إحدى الدول العربية الرئيسية إلى تركيا الأردوغانية التي تخلّت عنهم في وضح النهار وتحت ضغط مصالحها "الدنيوية" فلم يكن أمامها إلا دولة الولي الفقيه وإلا قطاع غزة الذي كان منطلق الثورة الفلسطينية وموئلها وأصبح تابعاً لدولة الولي الفقيه الإيرانية.

كانت حركة "حماس" رغم إنقلابها الدموي على حركة "فتح" والسلطة الوطنية ورمي أبناء هذه الحركة، التي كانت بداية الثورة الفلسطينية، في عام 1965 وأول رصاصها وبداية بنادقها ومسيرتها، من فوق أبراج غزة، التي باتت تأكل أبراجها القذائف الإسرائيلية وباتت تنهار تباعاً، قد تم إحتضانها من قبل حركة التحرير الوطني "الفتحاوية" ومن قبل "أبو مازن" وإخوانه في القيادة الفلسطينية.

لكنها ما لبثت أن غادرت هذا الإطار الذي كان أنجز المشروع الوطني الفلسطيني وعلى حدود عام 1967 كدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ومن ضمنها، لا بل في قلبها منطقة: "الشيخ جراح" التي مكانتها فلسطينيا كمكانة المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة ومسجد عمر بن الخطاب وبالطبع وبالتأكيد كنيسة القيامة.

لقد غادرت حركة "حماس" موقعها الفلسطيني المفترض في أخطر لحظة تاريخية من مسيرة الشعب الفلسطيني وتخلّت عن المدينة المقدسة وألتحقت بما بقيت تعتبر: "غزة هاشم" على مدى مسيرة التاريخ الطويلة وأصبحت "مثابةً" سياسية للإخوان المسلمين وبالطبع لإيران "الخامنئية" وخرجت من جلدها الفلسطيني وأصبح هذا "القطاع" الذي كانت قد إنطلقت منه شرارة الثورة الفلسطينية وبدايتها التي هي حركة "فتح" فريسةً للقنابل والمتفجرات الإسرائيلية.

وحقيقةً، وهذا يجب أن يقال، أنه لا يصحُّ إلاّ الصحيح وأنّ الإخوان المسلمين بتنظيمهم العالمي وتشكيلاتهم العربية والدولية لا صلة لهم ولا علاقة لهم لا بحركة "فتح" التي هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني ولا بمسيرة البنادق والرصاص الفلسطينية وإنهم قد بدأوا مع بداية حركة "حماس" من قطاع غزة، التي كان بادؤها الشيخ أحمد ياسين، رحمه الله جل شأنه الرحمة الواسعة.. والتي من بعده قد ذهبت بعيداً سياسياًّ وتنظيمياً وقامت بإنقلابها الدموي المعروف وألتحقت علناً بـ "الإخوان المسلمين" الذين باتت مرجعيتهم إيران، ومعها تركيا رجب طيب أردوغان، الذي إلتحق بمصالحه وتخلّى عنها وعنهم فكان أن حصل ما يحصل الآن وأنّ هذا القطاع "المجاهد" تاريخياً قد أصبح مثابةً مذهبية إيرانية!!.