يتطلب تحديث المدرسة المغربيّة، وبكُل إلحاح، إعادة النظر في دور هذه المؤسّسة العمومية في اتجاه تقوية إشعاعها وإبراز مكانتها، من خلال إصلاح شامل للمنظومة التربويّة والتعليميّة المُهترئة والمُتجاوَزة. وإذا ألقينا نظرةً على بعض الدول الآسيوية التي شهدت نهضة حديثة كبيرة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، سَنجد أنّ القاسِم المشترك بيْن هذه الدول جميعِها هو اهتمامها بالتعليم وتعديل مناهجها الدراسية بشكل جعلها تواكب الحداثة والنهضة العِلميّة العالمية.
وبِما أنّ المعلم هو العُنصرُ الرّئيسيّ والعُضو الفعّال في المنظومة التعليمية، ونظراً لِدوره الرئيسي في المؤسسة التربوية، يمد مدرسته بالرؤية والأفكار ويعمل بكل جهد لتحقيق ورفع مستوى المتعلمين من خلال اطّلاعه الواسع ثقافيّاً وفي مجال تَخصُّصِه العلمي وإدراكِه الشّامِل لِلاِتجاهات العالميّة واستراتيجيات التعليم والتعلُّم، فَلا بُدّ من الاعتراف بهذا الدور وبِهذه الخِدمة الجليلَة التي يُؤَدّيها من أجل الرُّقي بِبلَده ومُجتمعِه، وإيلاء هذا الرجل العظيم كلّ الاهتمام والرّعاية، وذلك بالسّعيِ إلى تحسين أوضاعِه المادِّيّة والمَعنويّة لأداء رسالته النبيلة والجسيمة المُلْقاة على عاتِقه، لِكوْنِه يُمارِسُ أصعبَ مهمّة وأخطرَها داخل المُجتَمع... مَهمّة تربية النشْء، لِيُصبحوا عناصرَ فعّالةً ونشيطةً ومُندَمِجةً داخل مُجتمعِها، إضافةً إلى تكوينِهم لِيُصبِحوا تِلْك الأجيال المُستقبليّة التي يُعوِّل عليها المجتمع في تنمية البَلد وتقوِيَّةِ هياكِلِه وبِنائِها على أُسُسٍ صلْبَةٍ مَتينةٍ تُؤَهِّلُه لِيكون في صَدارَة الدول التي قَطعت أشواطاً كبيرة في هذا المَجال الحيويّ والمَركزيّ الذي ساهَم في ازدهار بُلْدانِها وترْفيهِ شُعوبِها وإسعادِها.
إقرأ أيضاً: هل يجوِّز الإمام الصادق النكاح الدبري؟ (2/1)
ومن واجب السلطات في المغرب أنْ تَسهرَ على تطوير هذه المَدرسة وتحديث أساليب عملِها قَصْدَ تمكينِها مِن إنْجابِ خيْرةِ الأجيال المُتسلحةِ بالمعارف الحديثة، المُعتَمَدة على مختلَف صُنوف العلوم المُتطوِّرة والتكنولوجيات العصريّة، بُغيةَ مُسايَرة ركْب الأمم المُتبَوِّئة للمراتِب العُلا في مُختلف الصّناعات والتكنولوجيّات، في الطبّ والهندسة الصناعات المُتنوّعة والاكتشافات والاختراعات... التي تُيسِّرُ انخراط النّشء في الحياة العامة والإسهام في عملية تنمية بلدهم في كلِّ مَناحي الحياة المُعاصِرة، وذلك من أجل ضمان ربح الرهان في عالم اليوْم الذي لا يعرِف الثَّبات على حال المُتغيِّر باستِمرار، عالم مُتجدِّد، يسير بوثيرة سريعةٍ جدّاً في ميْدان التحديث والعصْرَنة والتجديد.
إقرأ أيضاً: هل يجوِّز الإمام الصادق النكاح الدبري؟ (2/2)
خُلاصَة القوْل: إنّ المغرب في حاجةٍ ماسّة إلى مَدرسة عمومية تُعيد الثقة للأسر المغربية، بتحديث أُطُرِها التربويّة والتعليميّة من خلال تكوينِهم تكويناً حداثيّاً وِفقَ ما تتطلّبه المَرحلة الرّاهنة، رِجال أكفاء قادِرون على أداء مهمّتهم على الوَجْه الأكمَل. والعمل على جعْل هذه المَدرسة فضاءً جذّاباً مُستقطِباً للتلميذ، تتوفّر على بنيات تحتية جيّدة، مدرسة خاليةٌ من كلّ الإكراهات والصعوبات التي يُعاني منها نظامنا التعليمي منذ عقود، من الهدر المدرسي، إلى الرّسوب، والاكتظاظ، والأمية.
التعليقات