صارت النجف الأشرف واحدة من أهم المدن الدينية والثقافية في العالم، وهي تحتضن ضريح الإمام علي عليه واله أفضل الصلوات، مقصداً للمسلمين من أتباع أهل البيت من جميع أنحاء العالم.

سياسياً أصبح لها الدور المؤثر، في تشكيل القوى المتحكمة بالنظام الديمقراطي الحالي، فصار وصفها بأنها المحور الأساسي في التأثير بالسلطة، دقيقاً ومنطقياً ومطابقاً للواقع.

بالرغم من ذلك، حاول الفاعلون السياسيون أن يكون لهم رأيٌ آخر، حين تراقصت وعودهم لتتلاعب سلطتهم بأموال المجتمع النجفي، محاولة جعل المواطنين مجرد دمى، تشهد على فشل القيادات، وانعدام الجدية في تحقيق التقدم والازدهار.

ثلاث مراحل كانت هي الفيصل في خراب النجف تحت خيمة الديمقراطية، بدأت بالوعود الضائعة، التي تبخرت فيها الآمال وقُتِلَ حلم النجف عاصمة الثقافة الإسلامية، لتتحول الطموحات لذكرى ساخرة، عندما تحولت أموال المشروع إلى قصر يتيم، تحومه الحفلات الفارغة السطحية، والشعارات كانت هراء سياسياً، استهلك أموال الشعب من دون فائدة ملموسة، كل ذلك زاد من معاناة المواطنين، الذين تأملوا خيراً بمن يأتي لاحقاً.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

من الضياع إلى الجريمة، هو العنوان الأبرز لما حلّ بالنجف بعد حقبة عاصمة الثقافة، حيث ازدهرت السرقات والخطف والمخدرات، في ظل تجسيد حقيقي لسياسة الفشل الذريع، وتحولت النجف فيها إلى نموذج لمافيا صغيرة، وملاذاً لإيواء المجرمين، وكأنها مسرحية سوداء تحمل عنوان "سياسة الفشل"، وكل ذلك أثار غضب الأهالي وأثَّر سلباً على الاستقرار الأمني، لتتأمل النجف خيراً بمن بعده.

من الجريمة إلى حفارة الشوارع، حيث وصلت الأمور إلى ذروتها في إهدار الأموال ورفع التبليط وكثرة الغبار... حين بلغنا قمة النكبة بتبديد كل أموال الأمن الغذائي، من دون فائدة حقيقية وواقعية في الشارع النجفي، حتى أصبحت الشوارع محفرة والأموال مهدرة... لنكون "علكة" في أفواه الناس وتصبح النجف الأشرف مدينة الحفر!

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

كلّ ذلك لم يقف عائقاً أمام طموحات المواطنين، الذين أرادوا أملاً بعد عودة مجلس المحافظة وانتخاب محافظ، تجربة ديمقراطية أشركت النجفيين باختيار ممثلين لهم لإدارة محافظتهم، وانتشالها من واقعها المزري، والتخلص من مسرحية السخرية السياسية التي تناوب فيها الفاشلون على قمة السلطة، حيث أن تنصيب المحافظ الجديد، ربما سيكون بداية لوضع حد لهذا الجنون، والتطلع نحو مستقبل يمكن أن يكون أفضل؛ والأهم هل سيكون السيد يوسف كقميص يوسف؟ وهل سيكتب نهاية المأساة، أم سيبقى الحال على ماهو عليه، ويظل المواطن ينتظر فرصة أخرى؟