اقتربت الحرب على غزة من عام، ومع كل لحظة مرت، رافقتها مذابح، مجاعات، أمراض، والموت في كل مكان. ورغم قسوة الظروف، ما زال أهالي غزة يكافحون للحصول على الاحتياجات الأساسية.
إنَّ معاناة سكان غزة في ظل الحكم المحلي تزداد وتتعمق يومًا بعد يوم، فهم بحاجة إلى الأمن قبل كل شيء لتحقيق هدف واحد فقط، ليس تأمين نوم هادئ لطفل أو لأم، أو عودة الأهل إلى ديارهم، بل لإيصال المساعدات إلى مقار الأمم المتحدة ووصولها إلى مستحقيها من النازحين في أماكن الإيواء برفح وغيرها، في محاولة للهرب من آلة البطش الإسرائيلية التي لا ترحم صغيرًا أو كبيرًا.
يبدو أنَّ الكفاح من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية مثل وجبة غذائية أو زجاجة مياه نظيفة قد أصبح حلمًا بعيد المنال على أرض غزة. كما أن الافتقار إلى الخدمات الأساسية ودمار البنية التحتية، إلى جانب الصراع المستمر، ترك المواطنين يكافحون دون دعم كافٍ من نظامهم المحلي أو المجتمع الدولي.
وقبل أيام، اتفقت إسرائيل مع مصر والأمم المتحدة، بطلب من الولايات المتحدة، على تشغيل معبر كرم أبو سالم لتدفق المساعدات الإنسانية منه. بالفعل، بدأت شاحنات المعونات المكدسة منذ أشهر في العريش المصرية بالتحرك نحو غزة، إلا أنه أثناء تفريغ حمولة المعونات في مخزن للأمم المتحدة وسط القطاع، اعترضتها مجموعة لصوص ونهبت الغذاء وعرضته في السوق الشعبي بطريقة غير مشروعة وبأسعار خيالية. ويبدو أن عناصر تابعة لحركة "حماس" قامت بذلك بهدف تعميق معاناة سكان غزة، في ظل استمرار سياسة الإغلاق المستمر للمعابر من قبل سلطات الاحتلال، وكذلك غلق أبواب الحياة، ما نفدت معه الوسائل التي تعين الأهالي على البقاء.
الوضع في غزة يشبه الكارثة في ظل استمرار المجاعة واقتراب السكان من حالة انعدام الأمن الغذائي، وسط غارات جوية وملاحقات من قوات الاحتلال. الحياة الآدمية غابت، وحتى الأمان لم يعد موجودًا.
إقرأ أيضاً: المساعدات الإنسانية.. التحديات والفرص في غزة
وإذا تحدثنا عن المساعدات التي كانت تحملها الشاحنات تمهيدًا لنقلها إلى مخازن الأمم المتحدة لتوزيعها على الجائعين في غزة، فإن تعرضها للنهب يشير إلى صعوبة الوضع وتأزم الكارثة الإنسانية إلى حد غير مسبوق، وانهيار حقوق الإنسان وتراجع القانون. كما يقترب الخطر من عمال الإغاثة الذين باتوا مهددين، في ظل حرب العصابات لسرقة المعونات، والتضييق الإسرائيلي على سكان غزة، وغلق المنافذ، وفرض مزيد من القيود، وحالة المجاعة وانعدام الأمن. الوضع في غزة يستمر في النزف، والمجاعة متواصلة في غياب طوق نجاة للأهالي.
ويبقى كفاح أهالي غزة صامدًا دون دعم كافٍ من نظامهم المحلي أو المجتمع الدولي، فيما يواصل المدنيون مواجهة ويلات الحرب من قبل الاحتلال، وكذلك مواجهة طمع حركة حماس في العودة للحكم المدني في غزة دون النظر إلى مصلحة الشعب المعذّب الذي يواجه الموت يوميًا بكل أشكاله.
إقرأ أيضاً: ماذا لو نُشرت قوات حفظ السلام في غزة؟
من الواضح أن هذه الظروف والصدمات تسد آفاق الأمل لمستقبل أفضل لغزة، وتلمح إلى استمرار الوضع كما هو، سواء من خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع أو محاولات حماس العودة إلى الحكم على حساب دماء الشعب التي أُهدرت، دون أي اعتبار لحق الباقين في الحياة. لكن لا يستبعد أن تنجح أطراف دولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن في إعادة الهدوء إلى غزة وإنقاذ شعبها من مسلسل الموت الذي يمارسه الاحتلال يوميًا. ورغم ذلك، يبقى التخاذل العالمي سيد الموقف، فيما يبقى كفاح الأهالي حائط الصد الوحيد ضد كل النيران المفتوحة عليهم من جميع الاتجاهات. فمن ينقذهم؟
التعليقات