في 25 أيلول (سبتمبر) 2017، جرى استفتاء رسمي في جنوب كردستان، حيث صوت 92.3 بالمئة من المشاركين لصالح استقلال كردستان. وقد أثار هذا الحدث جدلاً سياسيًا واسعًا بين المؤيدين والمعارضين. واليوم، في الذكرى السابعة لهذا الاستفتاء التاريخي، لا تزال جنوب كردستان تواجه تحديات كبيرة. ورغم أن الاستفتاء كان خطوة صحيحة من حيث المبدأ، إلا أن توقيته لم يكن مناسبًا "خطوة صحيحة في وقت خاطئ". تم تبرير الاستفتاء باعتباره خطوة نحو تحرير كردستان، لكنه استُغل لأهداف سياسية وحزبية ضيقة. ومع ذلك، يبقى الاستفتاء خطوة نحو تحقيق حلم الشعب الكردستاني الطويل الأمد بإقامة دولة مستقلة في الجزء شبه المحرر من البلاد (جنوب كردستان).

الموقف الدولي
تعامل المجتمع الدولي مع الاستفتاء بازدواجية؛ فعلى الرغم من أن بعض القوى الكبرى أظهرت تعاطفًا مع الطموحات الكردية، لم تتخذ أي منها خطوات ملموسة للاعتراف بالاستفتاء أو دعمه رسميًا. فضّلت تلك الدول الحفاظ على استقرار المنطقة بدلاً من دعم حق تقرير المصير لكردستان، مما جعل النتائج العملية للاستفتاء محدودة.

المعارضة الإقليمية
رفضت دول الجوار، مثل تركيا وإيران، الاستفتاء بشدة، معتبرة أن قيام دولة كردستانية يشكل تهديدًا لوحدتها الإقليمية. استخدمت هذه الدول نفوذها السياسي وعلاقاتها الدولية للضغط على حكومة إقليم كردستان للعدول عن إعلان الاستقلال.

الظروف التاريخية والسياسية
ترجع جذور القضية الكردستانية إلى الاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الأولى، مثل اتفاقية سايكس بيكو، التي تجاهلت حق الشعب الكردي في تقرير مصيره. قسّمت بريطانيا وفرنسا المنطقة بما يخدم مصالحهما الاستعمارية، دون مراعاة حقوق الشعب الكردي. وبعد انتهاء الحرب، تغير ميزان القوى لصالح بريطانيا، التي عززت تواجدها العسكري، مما دفعها إلى تعديل خططها السابقة. وهكذا، أصبحت كردستان في مركز هذه التغييرات الجيوسياسية، حيث فضلت القوى الكبرى حماية مصالحها على حساب الحقوق الكردية.

التغيرات الدولية والإقليمية
شهدت تلك الفترة تغيرات دولية وإقليمية، مثل الثورة البلشفية في روسيا وصعود الحركة الوطنية التركية بقيادة مصطفى كمال. أدت هذه التغيرات إلى إلغاء معاهدة سيفر لعام 1920 واستبدالها بمعاهدة لوزان عام 1923، التي لم تمنح الأكراد أي حقوق واضحة.

الدروس المستفادة
من خلال تجربة استفتاء 2017 والتجارب السابقة مثل جمهورية أرارات وجمهورية مهاباد، يمكن استخلاص عدة دروس:

الحاجة إلى زعيم وطني: كردستان بحاجة إلى قائد وطني يجمع حوله معظم الشعب الكردي، وليس زعيمًا لحزب أو منطقة معينة. تبيّن أن الفكر الإقطاعي لا يستطيع قيادة البلاد نحو بناء دولة مستقلة.

المصالح الرأسمالية: الرأسمالية العالمية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة دون الالتزام بالمبادئ. الدعم الدولي للقضية الكردستانية كان محدودًا ومشروطًا بحماية تلك المصالح.

تصميم الشرق الأوسط: الشرق الأوسط تم تصميمه لخدمة مصالح القوى الرأسمالية العالمية. لذلك، أي دعم دولي للاستقلال الكردي سيظل رهينًا بمصالح هذه القوى.

الخاتمة
رغم أن استفتاء 2017 كان خطوة جريئة ومهمة في تاريخ النضال الكردي، إلا أن الظروف السياسية والدولية لم تكن مواتية لتحقيق الاستقلال الكامل. يبقى السؤال الآن: كيف يمكن لكردستان أن تستفيد من الدروس المستفادة من الماضي لتحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا؟ لقد أُسست القضية الكردستانية على واقع الاحتلال القسري للأرض والتعامل مع الشعب الكردي بطريقة استعمارية كلاسيكية، حيث تم منع الأكراد من المطالبة بحقوقهم واعتبار قضيتهم مشكلة أمنية وليست سياسية وحقوقية.

وكما قال الرئيس التشيلي المعزول سلفادور أليندي في خطابه الأخير بعد انقلاب 1973: "القوة يمكنها أن ترتكب الجرائم وتغلب علينا، لكنها لا تستطيع أن توقف قوانين المجتمع، لأن التاريخ من صنع الشعب وليس للقوة العسكرية".