ترامب غارقٌ في أحلام اليقظة، الرجل يريد إجلاء الفلسطينيين من أرضهم المحتلة، هذا هُراء وكِذْبة ضمن جملة أكاذيبه التي لا يمكن تصديقها. لقد قال إنّه يريد شرق أوسط مستقرّاً دون حروب أو نزاعات، لكنه لا يُدرك أنّ تصريحه حول إخلاء الغزّاويين من القطاع هو إشعال لنيران الحرب في المنطقة، كون القضية الفلسطينية هي محور قضايا دول المنطقة. ما لم تُحلّ هذه المشكلة، فلن يكون هناك أي استقرار أو سلام.

لا يفهم الرئيس الأميركي أنّ الفلسطينيين متشبثون بوطنهم، ولن يرتاح لهم بال حتى تحريره من براثن الاحتلال الغاصب، ذلك أنّ القضية قد مرّت عليها أكثر من سبعة عقود، ولم تستطِع إسرائيل إخماد نار المقاومة، ولم تَقوَ على إخلاء فلسطين من أبنائها الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل العزة، ولم يتوانوا لحظةً واحدة في الدفاع عن أرضهم ووطنهم أمام غطرسة وجبروت إسرائيل، التي تتهرب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية رغم صدور العديد من القرارات الأممية التي تُقرّ بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة ذات سيادة.

إقرأ أيضاً: السلم المتحرك للمعاشات في المغرب هو الحل

فقد اعتمدت الأمم المتحدة قراراً يحمل رقم 3236 في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1974، بموافقة 89 صوتاً مقابل رفض 8 وامتناع 37، ويحمل هذا القرار عنوان "حقوق الشعب الفلسطيني"، وهو يؤكد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والاستقلال والسيادة على أرضه دون أيّ تدخّل أجنبي.

لم يُدرك ترامب جيداً أنّ المقاومة الفلسطينية مبنية على عقيدة ثابتة ولا يمكن لأحد زعزعتها، ألا وهي مقاومة المحتلّ الغاصب إلى حين خروجه من أراضٍ احتلّها لعقود. ترامب جاهل بالعقيدة التي جُبل عليها أهالي فلسطين، تلك العقيدة الراسخة في أذهانهم والتي يستحيل أن يحيدوا عنها قيد أنملة، إنها العقيدة الإسلامية التي توجب على المسلم الجهاد في سبيل الله في الدفاع عن حقوقه المشروعة بمقارعة العدوّ حتى استرجاعها. لا يمكن لترامب أو لغيره محو هذه العقيدة المتجذرة في نفس كل فلسطيني، فالفلسطيني مجاهد مقاوم في سبيل الذود عن وطنه، ولا يخشى الموت، فهو يعتبر الموت في سبيل تحرير أرضه شهادة يرقى من خلالها إلى ربّه وهو راضٍ عنه، وإذا قتل عدوه فقد ينال جزاءه عند خالقه.

إقرأ أيضاً: وجهان لعملة إسرائيلية واحدة

لقد خاض الكيان الإسرائيلي حروباً طويلة ومريرة مع الفلسطينيين منذ عام 1948، ولم يستسلم فيها الفلسطينيون قطّ، وباتت قضيتهم ثابتة تتوارثها الأجيال دون أن يحرز الكيان المحتلّ الغاشم أيّ انتصار فيها، رغم ما يمتلكه من أسلحة حديثة وجيش جرّار، ورغم وقوف الولايات المتحدة والدول الغربية إلى جانبه، بمدّه بالأموال الطائلة وبالعدة العسكرية التي يحتاج إليها.