ملايين المتابعين، عربيا و دوليا، لقضية مقتل سوزان تميم في دبي بانتظار الفتوى التى سيصدرها (تصديقا او رفضا ) الدكتور على جمعه، مفتى الجمهورية و تعرض على المحكمة المصرية يوم 25 يونيو 2009، اي هذا الشهرلاصدار حكما نهائيا بحق ضابط الشرطة محسن السكري و عضو مجلس الشورى المهندس هشام طلعت مصطفى.
و بالطبع هذا الزخم من الانتظار و المنتظرين لم يكن ليكون لولا الاهتمام الاعلامي و الجرعات التضخيمية و الجرائد و التلفاز و المحطات الفضائية التى ساهمت بعضها في quot;تصفية سياسية لهشام طلعت مصطفى quot; و اخرى في اشهار quot; اللبنانية الحسناء quot; المغمورة قبل حادثة القتل في دبي، و قبل اللجؤ الى محاكمةساخنة و التى لم تعرف او ترى في هشام مصطفى سوى quot;محرض على القتل quot;.
و لا ينكر احد ان الضغط الهائل الاعلامي و البشري جعل من القضاة اللذين يمثلون العدالة، مع كل التقدير و الاحترام لجهدهم و رأيهم و نزاهتهم غير المشكوك فيها بتاتا، ينتاباهم شعور البشر بالتلميع الفضائي (صحافة و تلفزيون و مجلات ) وquot; عظمة القرار quot;و لو بنسب بسيطه لا تتجاوز خمس بالمائة من اهميتهم الاعلامية و هذا يجعل التاثير على قراراهم (سلبا او ايجابا ) في غير مصلحة المتهم.
و سوزان تميم اللبنانية الاصل، لا ينكر احد عليها حقها بعد وفاتها بالاقتصاص العادل ممن قتلها، و لكن هذا يجب الا يكون على حساب من يعتقد انهم في quot;ورطه اعلامية قانونية quot; او في بئر سياسي بلا حبل او في مشنقة سياف اعمى.
البعض يرى، وقد يختلف معه البعض الاخر، و يعود الى نظرية quot;ذوات الرايات الحمر quot; في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام،و الذي امر بقتلهم على عاتق المجتمع و لم يحدد ولي الامر، و يرون في القتيلة انها كانت في ذمة اكثر من رجل في وقت واحد حسب ما قدم للمحكمة، و بالتالي، و ان كانت الادلة تشير الى محسن السكري قاتلا، فهل يعتبر في حال quot; قاتل الذوات الحمر quot; ممن يقع عليه quot;العاتق المجتمعي quot;؟.
و البعض يرى ان الحكم الصادر من محكمة الجنايات في الجيزة مؤخرا،و حديثا في الفترة الحالية التى تتم فيها المحاكمة، بمعاقبة نقيب شرطة بقوات امن الجيزة،في حادثه اكثر عنفا و عمدا، قتل فيها اللاعب المصري الاعزل من السلاح و امام نادي الصيد، وهو بطل رياضي على مستوى القارة الافريقية ولاعب بمنتخب كرة يد في مصر(ويدعى تامر عبد الحميد مشهور، 25 عاما، و هوقتيل اشهر من سوزان تميم و لم تهتم بمحاكمه من قتله الفضائيات و الاعلام الرياضي )، و حكم على قاتله عشر سنوات سجن مشدد و ليس بالاعدام،يرى البعض انه كان كاف لحالة محسن السكري و التى ينتظر قرار التصديق على الاعدام،ويفترض ان يكون حكما اكثر تخفيفا على المحرض، ان ثبت فعلا هشام حسب ما بين يدي المحكمة و لا يعرفه الاخرون من العامة !.
ان الاساس في المحاكمة، و على عهدة رجال القانون، ان يكون عضو المحكمة اليمين و عضو المحكمة اليسار حاضرون لجلسات المحاكمة،بأكملها، و ان يستمعوا الى الحكم و حتى نهاية القضية في كافة مراحل التقاضي.
و هنا يرى البعض ان احد هؤلاء القضاة المستشارين سوف يخرج الى المعاش قبل انتهاء المحاكمة، و بالتالي تبطل الاجراءات، بينما الاخر مستشار قدم طلب عمل في احد دول الخليج. فماذا لو قبل للعمل و غادر قبل انتهاء المحاكمة؟. ماذا سيحدث من وجهة نظر قانونية للاجراءات و المحكمة؟. هل يعاد من جديد ام تبطل و يطعن بها؟.
و لست بقصد الدفاع هنا عن هشام طلعت مصطفى (المصري الاصل ) او التقليل من اهمية القتيلة ( اللبنانية ) على ارض خارج حدود المحكمة المصرية ( دبي )، و لكن المهندس هشام طلعت مصطفى ليس سفاح المعادي، و هو ليس المهندس المصري الذي قتل اولاده بحجة جعلهم شهداء في مجتمع فاسد و بدأت محاكمته في 28 ابريل 2009، و هو ليس بمثل الخادمه نعمات احمد مرزوق و زوجها الذين قتلوا مع سبق الاصرار و الترصد بهدف السرقة مديره الائتمان في بنك مصري، و لكن كل تلك المحاكمات لم يلتفت لها احد اعلاميا لعدم اهمية المغدورين و لا اهمية القتلة.
بينما قضية سوداني يسكن في عمارة بها احد الممثلات حاول تقبيلها اثناء نزولها للتصوير قامت الدنيا لها و لم تقعد و ربما يحال الى السجن المشدد. و السبب الاعلام.
هشام مصطفى، قانونيا لم يعلم بموعد الجريمة، و انما اخبر عبر احاديث هاتفية (غير قانوينة و لا يعتد بها في المحاكمات كونها اصلا غير مسجلة بأمر من النيابة ). و قضية اعلام السكري لهشام بأن الموضوع تم، يشوبه الشك اصلا لرغبة السكري في الحصول على مبالغ مالية، قد يكون هو نفسه السكري يكذب فيها و هو غير القاتل و انما ادعى ذلك للحصول على مال و ملايين.
و اصلا اذا كان هشام مصطفى متورطا بكل هذا، فماذا يجعله يعود الى مصر، هل هو بهذا الغباء، او ان السلطات المصرية امنت له حماية لم تنفذ، تحت ضغوطات خارجية؟.
القضاء في مصر عادل، و القضاه نزيهون، و القاضي المحمدي قنصوه رجل مشهود له بالكفأءه و قوة القرارات، و لكن هذا لا يعني بتاتا الحكم في قضية يشوبها الشك و لو واحد بالالف، خصوصا مع اختلاف الادلة المقدمة و غياب بعضها عن الملف حسب اداعاءات محاميوا المتهمين، و تغلفها اصارير و ازيز ميكروفونات الفضائيات، و يدس بسموم حولها من يريدون الانقضاض على نجاحات هشام طلعت مصطفى بتوجيه ضربة الى quot;مصرquot; لاجل عيون quot;لبنانيةquot;، فهل الدم المصري يفرق عن الدم اللبناني في الاحكام؟!.
و اقصد هنا مصري قتل بيد مصري على ارض مصر يحكم على القاتل عشر سنوات مشدده و على مرأى من شهود عيان في شارع عام، بينما لبنانية يظن انها قتلت بايد مصرية في ارض خارج مصر يحكم على قاتل مشتبه به بالاعدام.
شرطة دبي قدمت البيانات، و اثبتت فاعلية و جداره في التحقيقات، و لكن quot;دبي quot; لم تتقدم بطلب محاكمة عبر الاطر الرسمية القانونية بمحاكمة المتهمين عبر الدول، و هذه نقطة اخرى يثارحولها الراي و الاعتراض على اجراءات المحاكمة.
المحامون بالنقض المصري في اجتماعاتهم مؤخرا في مصر وفى كلمتهم طالبوا لإلغاء عقوبة الإعدام ووجوب قصرها على جريمة واحدة فقط وهى القتل العمد مع إعطاء الحق لولى الدم فى قبول الدية و تخفيف الحكم تباعا. و في دبي نظام quot;الدية quot; وارد ايضا و بالتالي اعادة المحاكمة في دبي قد يغير من سير المحكمة، خصوصا و ان دبي نفذت حكم الاعدام في القاتل في عام 2001 و هناك حكم جديد في 28 يناير 2009 للقتل مع سبق الاصرار و الترصد المقترن بجناية الشروع في السرقة و اضرام النار، بحق شاب باكستاني في امارة دبي.
والاردن الغى مؤخرا عقوبة الاعدام في ست مواد قانونية و بالتالي فأن متهما اردنيا بالتجسس لاسرائيل محكوم بالاعدام من 34 عام و لم ينفذ يه الحكم قد يخرج غدا، بينما المهندس هشام مصطفى ليس جاسوسا، و انما الرجل مصري و صاحب المشاريع الخيرية، و مؤسس شركات عملاقة هو بين يدي الاعلام قبل الاعدام، بسبب لبنانية رفض اهلها تزويجها منه، و هي على ذمة اخر، حسب اداعاءات و اقاويل في المحكمة و الصحف، مطلوب نفيها او تاكيدها من اصحاب الاختصاص، و اهدرت ماله و متهمة اصلا بسرقة بطاقات ائتمانه.
و اقصد هنا انه لو حوكم الان في الاردن فلن يكون القرار اعدام اذا ما ثبت فعلا تورطه.
قد يكون من الانسب اعادة المحكمة كلها، و الاستعانة بخبرات محامي اوجي سمسون الامريكي بجانب جهابزة المحامين المصريين المدافعين عن المتهمين و اللذين يشهد لهم بخبراتهم و عبقريتهم القانونية، و لكن الامريكي القانوني بلا شك له ما يضيفه والذي انقذ سمسون من تهمة القتل، علما بأن السي ان ان قدمت صورا لهروبه من الشرطة استمر اكثر من ساعتين. ولكنه القضاء الامريكي لم يتاثر اعلاميا و بالرغم من ان الاعلام الامريكي له رأيا اخر.
القضاء المصري بخير و الامل في تحقيق العدالة و اعطاء المتهم حقه كاملا قبل ان تتكرر قضية اعدام متهم بالقتل في السودان، و بعد اكثر من عشرين عاما اعيد فتح الملف و اثبتت برأته امام ابنته التى تيتمت بسبب خطاء اعتذرت عنه المحكمة السودانية بعد وفاه المتهم البريء.
الفتوى تضيف الى عدالة المحكمة و تنتصر للقضاء المصري في قرارها.
د.عبد الفتاح طوقان
[email protected]
التعليقات