التزوير باختصار شديد وغير مخل هو كذب مكتوب. الكذب المنطوق لا يعتبر تزويرا وغير معاقب عليه قانونا إلا فى أحوال ضيقة وبشروط قلما تتوافر، كأن يكون تحت القسم فى محكمة أو أمام هيئة قضائية أو رسمية. أما لو كتب ذلك الكذب فيعتبر تزويرا لما يحتويه من إخلال بالثقة المفترضة التى يوليها العامة للمكتوبات بأنواعها. فإن جاء الكذب المكتوب فى محرر عرفى فهو تزوير فى محرر عرفى أما إن ورد فى محرر رسمى فهو تزوير فى أوراق رسمية. والكذب باختصار شديد هو إظهار واقعة غير صحيحة فى صورة واقعة صحيحة أو العكس.

فى 13/6/2009 حكمت محكمة مصرية برفض دعوى مواطن يدعى ماهر الجوهرى بتغيير ديانته من الإسلام للمسيحية. جاء هذا الحكم من بعد أن طالبت المحكمة المدعى بطلبات ما أنزل الله بها من سلطان خلال جلسات المحاكمة كان آخرها شهادة من الكنيسة المصرية بقبوله من ضمن شعب الكنيسة كمسيحى، وبصبر شديد أجاب المدعى المحكمة لكل طلباتها العجيبة، وكأن الإيمان بدين أو بعقيدة ما يتطلب مصادقة من جهة ما ndash;أيا كانت- على سلامة إعتقاد فرد ما بعقيدة معينة! وعندما وجدت المحكمة أن لاسبيل أمامها لمزيد من الطلبات العجيبة لم تجد بدا من أن تصدر حكمها الذى من الواضح أنها أضمرته منذ إتصال علمها بتلك الدعوى. وإلا فماذا كان هدفها من تلك الطلبات التعجيزية ثم من بعد أن تتوفر تلك الطلبات والإثباتات يأتى حكم كان يمكن إصداره من أول جلسة؟

قالت المحكمة فى أسباب حكمها ان تغيير مسلم لديانته يتعارض مع أحكام النظام العام؟ النظام العام فى مصر سيتضرر لأن ماهر الجوهرى غير ديانته من الإسلام للمسيحية، وطبعا بمفهوم المخالفة كان النظام العام المصرى يتقوى عندما يغير مسيحى أو غيره عقيدته للإسلام! الأفدح من ذلك أن المحكمة لجأت للشريعة الإسلامية التى ينص الدستور المصرى فى مادته الثانية على أنها المصدر الرئيسى للقانون لكى تصدر فتواها ان تلك الشريعة تمنع تغيير المسلم لعقيدته وأقرت بذلك ما قيل عن أن كل آيات المسامحة والتعايش فى الشريعة من عينة quot;لكم دينكم ولى دينىquot; و quot;من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرquot; و quot;أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنينquot; هى آيات منسوخة!

الواقع الآن أن ماهر الجوهرى وغيره كثيرون هم مسلمون بالعافية وعلى خلاف الواقع والحقيقة. هم مسلمون تزويرا وبحكم قضائى يشجع ويشرع عملية التزوير رسميا. لو تعامل الجوهرى ومن فى مثل حالته على أنه مسلم فهو مزور لأنه يدعى غير الحقيقة، ولو تعامل على أنه مسيحى فهو مزور لأنه يدعى الحقيقة والتى اثبت خلافها الحكم القضائى! فهل من مخرج أمام الجوهرى وأمثاله يعفيه من هذا الهبل؟

عادل حزين

نيويورك