في صباح يوم 12 حزيران الجاري، إستيقطت تركيا على الخبر الذي تصدر صحيفةquot;طرفquot; والذي تناول الكشف عن خيوط المؤامرة الإنقلابية التي تم التخطيط لها في أروقة رئاسة الأركان. الصحيفة نشرت وثيقة عائدة الى رئاسة قسم العمليات في رئاسة الأركان، وتاريخها هو أواسط آذار تظهر تفاصيل خطوط التآمر والمحاولة الإنقلابية.

في نفس اليوم صدر قرار من المدعي العام العسكري يحٌظر فيه نشر أي خبر يتعلق بهذه الوثيقة. وهذا بالذات كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وادى الى خروج الخلافات بين الحكومة والعسكر إلى العلن، إذ أن الحكومة تعتبر هذا الإجراء نوعاً من الإعتراف بصحة الوثيقة، ومن الناحية الحقوقية هو أن القضية سياسية وتآمر ضد الحكومة ولهذا تكون القضية ضمن صلاحيات القضاء المدني حسب القواعد المتبعة في تركيا.

وفي خطوة غير مسبوقة في التعامل بين العسكر والحكومات التركية المتعاقبة منذ ثمانية عقود، ظهر رئيس الوزراء السيد رجب طيب أردوغان أمام أجهزة الإعلام رافضاً هذا الإسلوب للعسكر ومهدداً بالسير قدماً في القضية وحتى النهاية.

حتى أحزاب المعارضة وتقريباً جميع قطاعات الشعب تشعر بالخيبة من هذه المؤامرة العسكرية التي يسمونها بـquot;القذرةquot; وهي تجد نفسها مضطرة للوقوف في الجبهة المعارضة للعسكر{ الموقف واضح حتى هذه اللحظة نظراً لضغوط المجتمع}.المؤامرة بإسلوبها الخسيس تجبر حتى أقرب المقربين من الجيش على الإبتعاد عنه والنأي بأنفسهم عن التطورات الجديدة.

خطوط التآمر بإختصار شديد:

ــ تحريك الجهاز الإعلامي الضخم والموالي للعسكر وللدولة السرية لخلق أجواء تشير الى أن حكومة حزب العدالة والتنمية وبالتعاون مع جماعة السيد فتح الله غولن{ زعيم أكبر جماعة إسلامية معتدلة وسلمية بل شديدة القرب من العلمانية الحقيقية وquot;ليست العلمانية الكماليةquot; والتي تشكل العمود الفقري لجماهير الحزب الحاكم، والمعروفة بإمكاناتها الإقتضادية الهائلة، ولها منشآتها التعليمية والإقتصادية في جميع أنحاء العالم. والسيد غولن هارب الى أمريكا ومقيم فيها منذ سنوات بعد صدور حكم يقضي بسجنه، اعده له العسكر في حكم رئيس الوزراء الأسبق بولند أجاويد} يتهيأون للقضاء على العلمانية وتحويل تركيا الى دولة اسلامية أصولية {في تركيا يتدخل العسكر للإستيلاء على السلطة في حالتين: في حال وجود خطر يهدد للعلمانية أو خطر تقسيم الدولة أي quot;الخطر الكردي الإنفصاليquot;}.

ــ بعد ذلك يتم إدخال الإسلحة والذخائر من قبل المتآمرين الى الإبنية والأندية والمدارس العائدة الى جماعة غولن ومن ثم مداهمتها والقبض عليهم بالجرم المشهود، وفضحهم بالمؤامرة على quot;جمهورية آتاتوركquot;.

ــ القيام بإعتقالات واسعة بين صفوف الضباط المتدينين{هؤلاء هم من الذين يؤدون واجباتهم الدينية العادية من صوم وصلاة...الخ وليست لهم أية علاقة بالسياسة} مع ضجيج إعلامي وربطهم بحزب الحكومة وجماعة غولن.

ــ تأجيج الشعور القومي الشوفيني في جميع أنحاء تركيا وذلك بتلفيق أكاذيب مفادها ان اليونان تحيك مؤامرات ضد تركيا{ مثلاً خلق أزمة حول إحدى الجزر موضوع الحلاف بين الدولتين}، وفي هذه الأحوال يلتف الشعب حول الجيش، والغوغاء تخرج لتسيطر على الشارع.

ــ التركيز من خلال الإعلام على ترهيب الشعب بأن تركيا ستصبح مثل أفغانستان الطالبانية.

ــ خلق فتنة طائفية سنية ـ علوية وذلك بإقدام المتآمرين على إغتيال رجالات من الطائفتين وإلصاق التهمة بهم في نفس الوقت {يقتلون الأبرياء في سبيل إنجاح تآمرهم....تاريخ الدولة التركية حافل بمثل هذه المؤامرات وخاصة في فترة إعداد الإنقلابات}.

ــالربط بين حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن والإدعاء بأن مقاتلي الحزب المتواجدين في جبال قنديل يتعاونون مع جماعة غولن التي لها وجود ثقافي وتعليمي وإقتصادي في اقليم كردستان العراق.

الازمة تتعمق يوماً بعد يوم. والوثيقة موجودة ومذيلة بتوقيع اللواء ركن جيجك رئيس قسم العمليات في رئاسة الأركان. كثيرون يتفائلون بنهاية حكم العسكر للدول.

بنكي حاجو
طبيب كردي سوري ــ السويد
[email protected]