فاز أحمدي نجاد بعهدة رئاسية ثانية وقبله فاز بوتفليقة بثالثة. المعارضة الإيرانية شكّكت في نزاهة الانتخابات وقالت إن ميليشيات الباسيج زوّرت إرادة الشعب استجابةً لشهوات نظام الملالي. نفس الشكوك أثارتها المعارضة الجزائرية التي ابتُليت بجنرالات الجيش وأذنابهم داخل الإدارة. خرج المترشحان المحسوبان على التيار الإصلاحي موسوي وكروبي على رأس مظاهرة مليونية هزّت شوارع طهران مطالبين باحترام إرادة الشعب. فيما سكت المترشحون الأرانب الذين نافسوا بوتفليقة، وسكت الشعب من بعدهم، والناس على دين قادتهم.

استجاب الناخبون لنداء الاحتجاجات في طهران وواجهوا هراوات زبانية النظام بصدور عارية. واستقال أساتذة مرموقون في الجامعات داعين كافة طبقات الشعب إلى العصيان المدني. منع النظام الإيراني مراسلي الصحف الأجنبية من تعرية فشله. وتجرأ حتى على التشويش على قناة البي بي سي البريطانية. لكن الشباب الإيراني لم يستسلم وفضح ممارسات الملالي بطريقته عبر اليوتيوب والفايس بوك والبلوتوث.

هشاشة نظام طهران فضحتْها قوة وتنظيم المجتمع الإيراني. أما هشاشة النظام الجزائري فتغذَّت بصُمت الجزائريين. الصمت لم يأت حبا في النظام ولكن ضعفا في الشعب. المجتمع الإيراني ومن خلال الاحتجاجات السلمية التي اندلعت منذ إعلان نتائج الانتخابات، أثبت جدارته بالعيش الكريم تحت حكم ديموقراطي. وبيَّن للعالم أجمع بأنه شعب أكبر من أن يحكمه نظام قروسطي يتلذذ بالعزلة ويُصدّر عُقدَه إلى المنطقة. أحدهم كتب في موقعه الإلكتروني، كيف أدفع الضرائب، لتُصرف أموالي في جنوب لبنان باسم الثورة؟ وآخر تساءل عن فائدة الإنفاق على السلاح النووي والبطالة تنخر المجتمع؟

هذا الوعي السياسي لو كان لدى الجزائريين، لما نام النظام الحاكم هنيئا ليلة واحدة. لم يطرح الناخب الجزائري هذه الأسئلة: لماذا ندفع الضرائب وتُصرف أموالنا على تكتّلات ديكتاتورية مهترئة؟ على تجمّع دول النيباد وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية؟ ولماذا نصرف على متناحرين من أجل السلطة في الصومال ونُسلح أطرافا دون أخرى؟ لماذا نصرف على نواب لا يسائلون الحكومة؟ ولماذا ndash;أصلا- نرضى على أنفسنا بأن تُصادر أصواتنا وتُمنح لمُرشّح الجيش؟

الشعب الإيراني خرج إلى الشوارع رغم أن السلطة منعت المظاهرات وقمعت المتظاهرين بوحشية. الشعب الإيراني يعلم جيدا أن للحرية ثمن باهض. وقد تحمّل تبعات التغيير السلمي. إيران التي شهدت أول دستور ليبيرالي عام 1906 لها تجربة صلبة مع التغيير والحراك السياسي. وأملنا أن نشهد نهاية سلمية لمسلسل التغيير هناك. ليكون النموذج الناجح لإخراج منطقتنا من ظلمات الديكتاتورية والتعسف وشنق الناس في الشوارع الساحات العامة.

الجزائريون تواقون إلى التغيير والانعتاق، شأنهم شأن الإيرانيين وكل شعوب العالم. لكن صمت الأغلبية وتقاعس رجال النخبة، ساهم بشكل كبير في تمديد عمر نظام متآكل هرم.

سليمان بوصوفه