quot;تنكة البنزين بـ 40000، ربطة الخبز عاملة ريجيم، لا زودة ولا معاشات، سياسة تجويع الشعب كلو، بس خدمة الـ BBM بـ 2$ بالاسبوع.... ايه البلد بألف خيرquot;... بهذه السخرية عبّرت دايزي عن سخطها عبر الفايسبوك... نعم انه لأمر مستفز أن تكون في عز انتظارك لحل أزمة معيشية تخطّت الأحمر وتصلك رسالة على هاتفك النقّال تنبؤك بأن خدمة الـ BBM عبر هواتف الـ Blackberry أصبحت 8$ في الشهر.. صار بإمكانك أيها اللبناني أن تعيل أطفالك وتعيش برفاهية! هذا بالنسبة للمواطن العادي أما بالنسبة لجماعة الـ BB فهو الخبر السعيد الذي كانوا ينتظرونه.

هذه الجملة وهذا التخفيض أعاداني بالذاكرة الى أول ما انتشرت هواتف البلاك بيري في لبنان، والتي صنعت في الأساس لرجال الأعمال كي يكونوا دائماً في اتصال مباشر مع الانترنت لتخليص أعمالهم.. ولكن في لبنان للاختراعات استخدامات أخرى لا تتوافق مع ما خلقت لأجله بل تتلاءم مع تلك الطبيعة الخاصة للبعض.. الذين للأسف كثر جداً.

لم يكن عندي أي موقف من الـ Blackberry بل على العكس أعجبتني فكرته من منطلق أنه يسهّل عملي اذ أنني بحاجة أن أكون على اتصال دائم تقريباً مع الانترنت، ولكني غيّرت رأيي وحتى اتخذت موقفاً سلبياً منه بعد أن حظيت بنماذج من مستخدمي الـ BB الذين يجعلوك تشعر بالخجل أن تكون منهم، خصوصاً اذا كنت من الأشخاص الذين يشمئزون من quot;التفاهاتquot;.. أول تماس مع هؤلاء كان مع احدى الفتيات التي تكاد لا تبلغ الواحدة والعشرين من عمرها، تعيد سنتها الجامعية وتمضي معظم وقتها خارج الصف، تحدثّك بدلع يثير امتعاضك أنها أوصّت على BB آخر بعد أن سرّق السابق، وأنها ستدفع ثمنه بالتقسيط، فوالدها الذي يقسّط لها سيارة ويدفع أقساط أختها في جامعة خاصة، غير قادر على شراء بديل الـ BB نقداً! وطبعاً تخبرك عن خدمة الـ BBM التي تسمح لها بالتواصل مع أصدقائها طوال الوقت وعن بحثها عن طريقة لدفع بدلها، 40$ في الشهر ليس مبلغاً بسيطاً بالنسبة لها.. بالتأكيد هي الآن سعيدة بالتخفيضيات وتشكّر شركة الهاتف على خدمة العمر!

وهذه الجماعة من عاشقي الـ BB سهل التعرف عليهم، خصوصاً الفتيات منهم، فقد تصادفهم في الشارع وهم يحملون الهاتف النقّال بطريقة بارزة تناديك من بعيد لتقول لك quot;أنا معي BBquot;، أو تكاد تصطدم سيارتك بسيارتهم على أحد التقاطعات المكتظة في شوراع بيروت لأن الدردشة عبر الهاتف أهم من قيادة السيارة، أو تكون في مكتب تتراكم فيه الأعمال فيما الموظفون منشغلون بالدردشة عبر الـ BBM وإخبار بعضهم البعض عن نشاطهم عبر الـ BB والصور التي أنزلوها، أو يبرزون لك رقم الـ BB pin عبر كل المواقع الاجتماعية التي تكون على تماس معهم فيها! نعم هذه عينة عن شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني، طبعاً لا يجوز التعميم، فهناك شريحة كبيرة من الشباب الواعي الذي عنده اهتمامات أكثر قيمة، ولكن الويل لنا والويل للبنان اذا كانت أولويات الأجيال المقبلة كلها على نسق جماعة الـ BB.. وبلّد رح يتعمّر!