التصعيد السياسي الذي مارسه البرلمان الكويتي ضد الحكومة خلال الأشهر الأربع الماضية، لم يعط الإنطباع البتة بأن البرلمان في وضع الإجازة السنوية، الأمر الذي دفع الساحة السياسية الكويتية الى ترقب حالة تأزم إضافية خلال دور الإنعقاد البرلماني الجديد الذي ينطلق صباح اليوم بكلمة يوجهها الأمير الكويتي، وينتظر أن يضع خلالها النقاط فوق الحروف الهاربة من دفتر العلاقة بين الحكومة والبرلمان. quot;إيلافquot; تسلط الضوء أيضًا في إستعراض سريع على أبرز الإستجوابات المحتملة لوزراء في الحكومة الكويتية.

الكويت: يوجه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح خطابًا إلى الشعب الكويتي صباح اليوم عبر ممثليه في مجلس الأمة الكويتي الذي يلتئم مجددًا اليوم في دورة برلمانية جديدة، وسط تكهنات بظروف إنعقاد بالغة الدقة على العلاقة بين الحكومة والبرلمان خلال الأسابيع المقبلة. إذ سيشدد الأمير الكويتي في كلمته على ضرورة التلاقي في منتصف الطريق في العلاقة بين السلطتين، كما سيطلب الأمير الكويتي من البرلمان ألا يقوم بتعطيل عمل الحكومة لمجرد وجود شبهات، في حين سيطلب من وزارة الشيخ ناصر المحمد الصباح بالعمل دون تردد أو تراخ، كي يلمس الشعب الكويتي آثار المشاريع المهمة التي تعتزم الحكومة المباشرة في تنفيذها، والتي وردت في خطة الحكومة للتنمية الإقتصادية خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أن جهات حكومية تقول أن كتلاً في البرلمان الكويتي تعتزم التصعيد السياسي خلال الفترة المقبلة، وتوجيه عدة إستجوابات الى وزراء في الحكومة، وسط مخاوف رائجة من إقدام الأمير الكويتي في مرحلة تالية على حل مجلس الكويتي حلاًّ غير دستوري، عبر تعطيل بضعة مواد دستورية تمنع إعادة إنتخاب برلمان جديد.

وخلال الأسابيع الماضية صعدت جهات برلمانية الى درجة لا مثيل لها ضغطها على الحكومة الكويتية، عبر التلويح بإستجوابات لعدة وزراء في دور الإنعقاد الجديد، لكن الحكومة الكويتية تمسكت بالأمل والتفاؤل في بلوغ دور إنعقاد آمن، في ظل توجيهات من الأمير الكويتي الى رئيس وزرائه الشيخ المحمد ببلوغ أقصى نقطة ممكنة من الصبر وطول النفس في التعاطي مع القضايا المثارة من قبل مجلس الأمة، وتسهيل طرق التواصل مع أعضائه، حيث عكفت طواقم حكومية خلال الأسابيع الماضية على فتح قنوات الحوار والإتصال مع أعضاء في مجلس الأمة الكويتي من أجل إمالة مواقفهم نحو تأييد الحكومة والوقوف الى جانبها في دور الإنعقاد البرلماني الجديد، لكن حتى الآن لم تحدث تلك الطواقم أي ثقوب يمكن النفاذ منها في المواقف البرلمانية المصممة على توجيه إستجوابات برلمانية الى أكثر من نصف وزراء الحكومة الكويتية، وسط تلويحات خجولة حتى الآن بإستجواب رئيس الحكومة نفسه الشيخ ناصر المحمد الصباح. إذ اصطدمت المساعي الحكومية بمحاولة التعاطي عبر الإختراق مع نوايا الإستجواب بوجود قناعة راسخة لدى كتل وجهات برلمانية أن الإستجوابات لن يعطلها سوى نهوض الوزراء بالمطلوب منهم، وهو أمر بعيد المنال- كما تقول أطراف برلمانية-، ، كما أنهم أهملوا الأسئلة البرلمانية كما قال أكثر من نائب كويتي خلال الأسابيع الماضية.

وحتى الآن فإن جهات عليا كويتية قد أبلغت الشيخ المحمد أنه ينبغي على حكومته مواجهة جميع أنواع الإستجوابات في المرحلة المقبلة، وهو ما تفاعل معه الشيخ المحمد الذي أبلغ زواره في الأسابيع الأخيرة أنه جاهز لأي إستجواب يوجه الى حكومته إن الى رئيسها، أو الى أي وزير فيها، علمًا أن هذا النهج السياسي يتم إستخدامه للمرة الأولى بعد أن شكل خمس حكومات منذ العام 2006 استقالت جميعها بسبب توجيه إستجواب للشيخ المحمد، إلا أن الأمير الكويتي كان يعيد تكليفه تأليف وزارة جديدة، بوصفه رجلاً للثقة، وركنًا من أركان إدارته السياسية للإمارة النفطية الخليجية التي آل إليه مسندها في شهر كانون الأول (يناير) من العام 2006، وخلال أشهر الصيف الماضي ترددت عدة أنباء ومعلومات بأن الشيخ المحمد لن يعود الى رئاسة الحكومة، إلا أن الأمير أعاد تسمية الشيخ المحمد رئيسًا لسادس حكومة تشكل في عهد الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت.

الى ذلك تستعرض quot;إيلافquot; تاليًا أبرز الإستجوابات البرلمانية المقبلة لوزراء حكومة الشيخ ناصر المحمد السادسة:

رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد: حتى اللحظة لم يصدر عن أي جهة برلمانية كويتية ما يشبه اليقين الراسخ بأن إستجواب رئيس الوزراء آت كضرورة لا بد منها لكن كتلة العمل الشعبي البرلمانية المعارضة قالت إنّ أقصر الطرق لتلافي إستجوابات متكررة لوزراء هو اختصار الوقت وتقديم إستجواب لرئيس الوزراء بسبب مسؤوليته السياسية عن أداء الوزراء، دون الإغفال مثلاً عن أن زعيم الكتلة البرلمانية النائب المخضرم أحمد السعدون قد أقسم بجلال الله أن يضع الشيخ المحمد على المنصة في دور الإنعقاد المقبل، كما أن كتلة التنمية والإصلاح البرلمانية المعارضة أمهلت بدورها رئيس الوزراء ستة أشهر لتصويب مخالفات مالية في مكتبه، وتحديد المسؤول عنها لإحالته الى النيابة، وإلا فإنها ستستجوب رئيس الحكومة، علمًا أن المهلة صرفت في بداية شهر حزيران (يونيو) حزيران الماضي، وهذا يعني أن المهلة ستنتهي قبل نهاية العام الحالي، كما أن أكثر من نائب في البرلمان الكويتي يرون في رئيس الوزراء الشيخ المحمد بأنه غير بعيد عن المساءلة السياسية، وليس محصّنًا ضدها.

وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك: على الرغم من شخصانية الإستجواب الذي يقدمه النائب ضيف الله أبورمية ضد وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك النائب الأول للشيخ المحمد على رأس الحكومة، إلا أن هذا الإستجواب بعد تقديمه في الأيام التالية لإفتتاح البرلمان الكويتي اليوم سيلقى داعمين عدة، ولن تجد الحكومة مناصًا من الطلب الى وزيرها الشيخ المبارك صعود منصة الإستجواب في قاعة مداولات البرلمان الكويتي، إلا أن خبراء في الشأن الكويتي يجدون إستحالة في قبول الوزير المبارك فكرة الصعود الى المنصة للتعاطي مع الإستجواب البرلماني، لذا فإنه قد يبادر الى الإستقالة من الحكومة، علمًا أنه الرجل الثاني فيها منذ العام 2003، وكان قاب قوسين في الربيع الماضي لأن يكلف بتأليف وزارة جديدة في الكويت، إلا أن الأمير الكويتي قرر منح فرصة أخرى للشيخ المحمد على رأس وزارة جديدة. اللافتات والعناوين التي سيتستجوب الوزير المبارك بشأنها تتعلق بمناقصات لشراء طائرات وأسلحة متطورة ضمن صفقات عسكرية مع فرنسا، كما أن الوزير المبارك سيساءل عن مخالفات إدارية داخل وزارته، وكذلك تعيينات تنطوي على شبهات حسب وجهة نظر جهات برلمانية ربما تساند النائب أبورمية في إستجوابه للشيخ المبارك.

وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح: وزير الخارجية الكويتي سيكون في مواجهة التصويب البرلماني المتزايد خلال المرحلة المقبلة بغية تحضير الأجواء أمام إستجوابه في دور الإنعقاد المقبل، وعلى الرغم منأن شاغل منصب وزير الخارجية قد ظل مرارًا طيلة العقود الماضية بعيدًا عن الإستهداف البرلماني، إلا أن الشيخ الصباح سيكون بلا أدنى شك في دائرة التصيد البرلماني، وهو ما يستشف من إنهمار الأسئلة البرلمانية على وزارته منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، وسط صمت من الرجل الثالث في وزارة الشيخ المحمد، الذي طلب إليه من جهات عليا غض النظر عن كثافة التصويب البرلماني، والبقاء بعيدًا عن منطقة الإشتباكات الحكومية البرلمانية، لكن أبرز ما سيواجه به وزير الخارجية في إستجوابه الوشيك هو عدم التحرك بكثافة دبلوماسيًّا مع حالات فقدان لأفراد كويتيين حول العالم، وكذلك بضعة مخالفات في وزارته تتعلق بالأمور المالية مثل الإنفاق على شراء مقار للبعثات الدبلوماسية.

وزير النفط والإعلام الشيخ أحمد العبدالله: على الرغم من أن الشيخ أحمد العبدالله يحمل حقيبتين وزاريتين منذ تشكيل الوزارة الحالية في اليوم الأخير من شهر مايو/آيار الماضي هما النفط والإعلام، إلا أن الإستهداف والتصيد البرلماني للشيخ العبدالله يكمن فقط في مضمون إدارته للعصب المالي الرئيس للإمارة الخليجية الثرية بالنفط، ففي الأوان الأخير كثفت جهات برلمانية واعلامية هجومها الشديد على الشيخ العبدالله بسبب ما يتردد عن مناقصات أبرمت في وزارة النفط ولم تعرص على لجنة المناقصات الحكومية، وهو ما تسبب بعاصفة من الإحتجاجات البرلمانية الواسعة ضد الوزير الشيخ العبدالله، وسط إتهامات بأن تلك المناقصات النفطية الكبيرة تنطوي على شبهات هدر مالي، وتنفيعات على حساب خزينة الدولة المالية، علمًا أن سجل الشيخ العبدالله في وزارة الإعلام خال حتى الآن من الشوائب التي يمكن أن تعلق بغربال البرلمان الكويتي.

المفارقة أن الوزير الشيخ العبدالله كان في العام 2007 عرضة لإستجواب برلماني حين كان وزيرًا للصحة، لكن طرح الثقة به من قبل البرلمان، دفع رئيس الوزراء الشيخ المحمد الى إقصائه من الفريق الوزاري، حتى لا تسجل أي حالة لسحب الثقة من وزير ينتمي الى الأسرة الحاكمة، علما أن الشيخ العبدالله هو إبن عم الأمير الكويتي، وكذلك رئيس الوزراء.

وزير المالية مصطفى الشمالي: من المؤكد حتى الآن أن وزير المالية الكويتي ربما يكون أول وزير يصعد الى منصة الإستجواب على خلفية قانون الإستقرار الإقتصادي الذي ستقدمه الحكومة الى البرلمان رسميًا، علمًا أن هذا القانون هو منطقة تماس صعبة بين الحكومة والبرلمان، إذ تقول وزارة الشيخ المحمد أن قانون الإستقرار الإقتصادي يسهم في إعادة دوران الإقتصاد الكويتي المتعثر جراء الأزمة المالية العالمية، فيما يقول البرلمان إن القانون ينطوي على هدر للمال العام ومحاولة حكومية لإنقاذ شركات غامرت بسمعتها المالية، ولم تتبع قواعد رشيدة في العمل الإستثماري، وعانت فسادًا داخليًا. وبالتالي لا يجوز مكافأتها على هذه التجاوزات من المال العام، كما أن الوزير الشمالي سيساءل عن أسباب خسارة الكويت الشديدة في إستثماراتها الخارجية، وكذلك القروض الحكومية الممنوحة لدول شقيقة وصديقة للكويت، وهي ملفات ربما تقود الوزير الشمالي الى طرح الثقة به.

وزير الصحة الدكتور هلال الساير: من المرجح جدًّا أن يكون فيروس الإنفلونزا المكسيكية الذي يتجول برشاقة حول العالم، وسط مخاوف جمة، هو القاضي بالنسبة إلى المصير السياسي لوزير الصحة الكويتي الدكتور هلال الساير البارع في مجال عمله الطبي قبل وإبان توليه الوزارة قبل ثلاثة أشهر، إلا أن التصيد البرلماني من شأنه أن ينقل الوزير الساير الى منصة الإستجواب بسبب ما يقال برلمانيًّا حول تقاعس وزارة الصحة عن التعاطي مع الإنفلونزا المكسيكية، والتزايد الكبير في الحالات المرضية المكتشفة، ورفض وزارته إعطاء تقرير يومي بالحالات المصابة، ضمن واقع مأساوي للخدمة الطبية المقدمة في الكويت منذ سنوات، وهو الوضع الذي أصبح في عهدة الوزير الساير منذ اللحظة التي قبل فيها تكليفة حقيبة الصحة في حكومة الشيخ المحمد الأخيرة، لكن الساير يبدي شجاعة مطلقة حتى الآن في التصدي للتحرشات البرلمانية به، حين أكد أنه سيكون جاهزا لأي إستجواب يقدم له، علمًا أن الوزير الساير قد ضاعف من نشاطه، إذ شوهد في الأسابيع الأخيرة أكثر من مرة يجول على مستشفيات حكومية لتقصي الواقع الصحي، وتصويب العديد من أوجه الخلل.

وزير العمل محمد العفاسي: الرجل الآتي من المؤسسة العسكرية الكويتية، التي عمل برحابها مديرًا للقضاء العسكري لسنوات طوال وسط تميز عملي لقي ثناء مرجعيات كويتية عليا، صدم بشدة بعد إطلالته الوزارية الأولى، وصارت منصة الإستجواب هي الأقرب إليه خلال الأسابيع المقبلة على خلفية تحميله المسؤولية من قبل البرلمان الكويتي بشأن أي تعديلات تتقدم بها الحكومة الكويتية لتصويب وتعديل القوانين الرياضية التي سبق للبرلمان الكويتي أن أقرها. إذ ترفض جهات برلمانية بشدة اللجوء الى تلك التعديلات، فيما يرى الوزير العفاسي أن تلك التعديلات هي مطلب دولي قدم إليه خلال رحلته الدولية الأخيرة التي التقى خلالها قادة عالميين في الإتحادات الرياضية العالمية بوصفه موفدًا من قبل الحكومة للنظر في الإيقاف المتكرر لعضوية الكويت في مختلف الإتحادات الرياضية الدولية، وهو ما أثر سلبا على الرياضة الكويتية التي تراجعت بشدة خلال السنوات الأخيرة، كما أن الوزير العفاسي بحكم موقعه السياسي سيكون مسؤولاً عمّا يقال عن تقصير حكومي واضح بشأن معالجة قضية العمالة الكويتية التي سرحت من أعمالها على مدى الأشهر الماضية بفعل أزمة المال العالمية، وهي قضية تلقى اهتمامًا متزايدًا من قبل الشارع الكويتي.

وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد: خطأ فادح وقع به وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح خلال إستجوابه الأول في شهر/يونيو حزيران الماضي، من شأنه أن يعيده ثانية الى منصة الإستجواب، وسط مخاوف حكومية كبيرة من تسجب الثقة هذه المرة من الوزير الخالد الذي تتهمه أوساط برلمانية أن إحالته لمخالفات مالية في وزارته الى النيابة العامة قبل إستجوابه لم تكن جدية، وكانت فقط من أجل التملص من المساءلة السياسية، وتبديد قوة الإستجواب الذي قدمه النائب مسلم البراك، والظاهر حتى الآن أن جهات برلمانية وقفت الى جوار الخالد في الإستجواب الأول ستنقلب ضده في الإستجواب الثاني بسبب ما تعتبره تلك المصادر إساءة من الوزير الخالد لثقتها به، وأنها تعتزم تصحيح المشهد، ونزع الثقة منه مع الإستجواب المقبل.

وزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود: تبدو المرأة الوحيدة في الحكومة الكويتية مرشحة هي الأخرى للمثول أمام إستجواب من قبل البرلمان الكويتي، إذ إن إندفاع الوزيرة في مرحلة سابقة نحو تعديل المناهج الدراسية الكويتية لتضمنها معلومات مسيئة الى معتقدات الطائفة الشيعية، هو السبب الأبرز في إستجوابها إذا ما تقررت تلك التعديلات التي حذر منها النواب السنة في البرلمان الكويتي، علمًا أن النواب الشيعة يقررون من جانبهم مساءلة الوزيرة إذا ما تراجعت عن تلك التعديلات خلال المرحلة المقبلة، كما أن التجهيزات للعام الدراسي الحالي تبدو حتى الآن غير مكتملة وهو قد يكون سببًا إضافيًّا للهجوم على الوزيرة الحمود.