الخرافي والسعدون: لمن النهاية السعيدة؟!
معركة صامتة على رئاسة مجلس الأمة الكويتي

أحمد السعدون
عامر الحنتولي من الكويت: فتحت مطالبة النائب الكويتي السابق محمد جاسم الصقر للحكومة المقبلة بعدم التدخل في إنتخابات مجلس الأمة الكويتي المقبلة الباب واسعا أمام معركة لا تعرف أبعادها وقياساتها حتى الساعة، إذ لمح النائب السابق الى تدخل الحكومة في مرات سابقة لصالح النائب الحالي جاسم محمد الخرافي الذي يشغل موقع رئاسة مجلس الأمة في البرلمانات التي أنتخبت منذ العام 1999، وهو رجل السلطة المقرب رغم أن الواقع يشي بعلاقة غير ساخنة وغير ودية بين الرئيسين السابقين الشيخ ناصر المحمد الصباح و جاسم الخرافي، لكن ذلك الإنطباع لا يغير من سخونة المشهد السياسي في شأن معركة رئاسة مجلس الأمة بين طامحين واحد لإبقائها بيده والآخر لإستعادتها، إذ يعتقد الأول جاسم الخرافي أنه أجدر بها وكان على مدى السنوات العشر الماضية جزءا من استقرار المشهد السياسي، فيما يرى الآخر وهو النائب المخضرم أحمد السعدون أن الرئاسة أختطفت منه وتسربت من بين يديه حين آثرت الحكومة مرارا بتحشيد وتأليب الغالية البرلمانية ضده.

الخرافي أعلن رسميا ترشحه للمنصب بعد فوزه في الإنتخابات الأخيرة التي جرت يوم السبت الماضي، ورغم أن الخرافي قد فاجأ الشارع الكويتي بحلوله ثالثا في الدائرة الإنتخابية الثانية رغم أنه كان يتزعمها خلال الدورات الإنتخابية الماضية، إلا أن أطراف كوتيتة تنوه بإستمرار أن ترتيب المراكز خلال الإنتخابات ليس معيارا للقوة السياسية وصفاء الرؤية السياسية والقدرة على الإسهام في إطفاء الحرائق السياسية، وأن الخرافي كان له دورا بارزا في تبريد أزمة الحكم في الكويت عام 2006 في شأن تنحية الشيخ سعد العبدالله الصباح الذي كان قد عين أميرا للبلاد بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح، إلا أنه لم يقو على أداء القسم الدستوري بسبب حالته المرضية وقتذاك.

و تؤثر أطراف كويتية الى اعتبار الخرافي عامل استقرار في المشهد السياسي بغض النظر عن ارتباكه وعدم وضوحه في شأن الكثير من التوجهات النيابية، إذ لم تخل جلسات كثيرة للمجلس المنحل من اعتبار الخرافي بأنه مال الى أطراف حكومية أو برلمانية على حساب اللوائح والأنظمة، كما أنه عجز مرارا أن يكون إطفائيا لحرائق الإستجواب التي اشتعلت تحت قبة عبدالله السالم في مجلس الأمة، إذ لم يحدث في عهد أي رئاسة سابقة لبرلمان الكويت أن قدمت 3 استجوابات في أقل من أسبوعين، إلا أن هناك من يجزم على عودة الخرافي بقوة الى منصة الرئاسة لإشهار وطرق مطرقته بقوة هذه المرة على سندان الرئاسة لترسيخهيبة رئاسة مجلس الأمة.

جاسم الخرافي
في المقابل هناك الطامح الجريح مخضرم العمل البرلماني في الكويت النائب أحمد السعدون، والحافظ عن ظهر قلب لمعظم مواد الدستور الكويتي، وقوانين ولوائح مجلس الأمة، ونظامه الداخلي عبر عقود من العمل البرلماني، ورغم صلابة النائب السعدون في مناهضة مشاريع حكومية مثيرة للجدل عبر السنوات الماضية، وتصديه بقوة لمحاولات الإنحراف عن الدستور، ومواجهة الفساد وهدر المال العام، إلا أن هناك من يحب وسمه بquot;البراغماتيquot; في مواقف كثيرة، إذ يوجه إليه عادة كتاب أعمدة في الصحف الكويتية انتقادات واسعة، ويتم إحراجه بسؤاله عن قضايا كثيرة تثار ولا يكون له تجاهها موقفا واضحا وصريحا، بيد أن ما يقوله هؤلاء تنفيه أطراف برلمانية بالتأكيد على أن السعدون ذو صلابة قاسية وجارحة في مواقفه السياسية، وأنه ليس ممن يختبئون خلف أصابعهم.

وسط ذلك لم يعلن السعدون بعد ترشحه لرئاسة مجلس الأمة الذي يعقد جلسته الإفتتاحية في اليوم الأخير من هذا الشهر، إلا أن الغبار الذي يثيره حراكه النشط، واتصالاته مع القواعد النيابية يشير بشكل مؤكد الى قرب إعلان ترشحه، لكنه سيكون متريثا بعض الوقت لأنه يريد أن يقرأ بتركيز أكبر الخارطة السياسية قيد التشكيل، ويريد أن يعرف اتجاه الرياح الحكومية، عما إذا كانت ستهب على كرسي الرئيس السابق الخرافي أم لا كي يضع كرسيه هو ويفتح كل قنوات الإتصال مع الجبهات الحكومية لضمان أكبر قدر من التأييد له، على أن يفرض هو هيبته وقوة شخصيته على البرلمان الذي دخل إليه أكثر من 20 نائبا جديدا لا خبرة لهم بدهاليز العمل النيابي الذي يتقنه السعدون، فالمعركة بين الخرافي والسعدون على أشدها وإن كانت لا تزال تحت رماد الإتصالات والمشاورات، وسط تساؤلات ملحة هنا في الداخل الكويتي عمن ستؤول إليه النهاية السعيدة في معركة رئاسة البرلمان، إذ أن من يعتلي المنصة مجددا سيكون ضابطا للإيقاع السياسي أقله داخل قاعة عبدالله السالم.