لا أتحدث هنا عن شاعرية سعدي يوسف وتعمقه في الأدب والشعر والحياة، لكني أريد وأمام الجميع أن أعتذر له ولكم عن غبائي الشديد في فرحتي الكبرى بإحتلال بلدي quot; الذي هو العراق quot;، وكذلك أود من صميم الفكر والقلب والوجدان أن أقدم أسفي الهائل لبعض من القراء الذين أفرحتهم بكتابات تتنبأ بالحرية تتجاوز التاريخ المعلن و السري وأحزنتهم بكتابات تسيء لثقافاتهم القومية والدينية،وكنت أنوي المساهمة في دفع المجتمع ومن يتسلط عليه إلى أمام التقدم والمدنية.

و لا أخفي على أحد وأنا في الذكرى الخامسة الأميركية،والذكرى السابعة عشر من خروجي من العراق،إن الكثير ممن أعرف من الأحياء والموتى قد ساهموا وحسب النية البيضاء أو السوداء في وضع حلول لمعضلات العراق المستمرة،لكنهم جميعا، وخاصة الأحياء منهم قد انجرفوا مع المحتل العسكري الأميركي أو مع الاحتلال الطائفي الإيراني.

وكنت قد كتبت وقبل سنوات رجاء ً إلى الشاعرين سعدي يوسف والمرحوم الشاعر كمال سبتي أن ينتبها إلى الاتهامات الموجهة إليهما حول الطائفية، وقلت إن سعدي وكمال بعيدان عن التهمة مثل الأرض إلى الكون في التفريق الطائفي،لكن كمال سبتي مات مدحورا معزولا كأي مبدع عراقي في هولندا،بينما صمت يوسف وهلة عن حكام المنطقة الخضراء،حتى أطلق قربة الفساء الخاصة بالجمهورية الجديدة.

لذلك وجدت فرصة قراءة مقال لسعدي عن الحرب الأميركية في العراق في ذكراها الخامسة لأعتذر عن كل تصوراتي السابقة في الليبرالية والديمقراطية الأميركية في الشرق الأوسط التي إقتنعت بها لسنوات طويلة.

كتب يوسف كما يلي:
ما يجري في العراق الآن، هو أبشعُ من التوصيف.
أعني أن إبادةَ شعبٍ، تتِمُّ، بتصميمٍ شــرِّيرٍ لم يسبقْ له مثيل ٌ في التاريخ.
سنواتٌ خمسٌ من الاحتلال، وحكم عملائه، تكاد تُنهي شعباً كاملاً.
ملايين القتلى والجرحى والمعوّقين.
ملايين الـمُهَجَّرين والمهاجِرين.
عشرات الآلاف من العقول تُقتَل يومياً...
لصوصٌ محترِفون سُلِّـطوا على شعبٍ فقيرٍ.
إلخ


ماذا بإمكان مثقف عراقي أن يكتب أكثر من ذلك، العراق وطن لكل من هب ودب ولكن ليس لأبنائه، يضطر ُ شاعرٌ مثل سعدي يوسف لكي يقدم الذكرى لنا، أو الإهانة في نفس الوقت، و منا من يعترف، و منا من ينتظر.

واصف شنون