تستطيع تركيا مهاجمة إقليم كردستان العراق مرة أخرى، أن ارادت، ولكن ماذا بعد ذلك؟ ما الذي سيحدث بعد القضاء على عدة آلاف من مقاتلي حزب العمال الكردستاني ياترى؟ هل ستستريح تركيا من مشكلتها الكردية لمرة واحدة والى الابد؟
قطعاً لا، فقصة الأمم تقول شيئاً آخر. قصة الأمم تقول بأن ذاكرة كل أمة تتقد ولا تهدأ إلا بعد احقاق حقها. هذه حقيقة بالنسبة للكرد مثلما هي للأتراك والعرب والفرس أيضاً.


تستطيع تركيا سحق (PKK) نهائيا بما تيسر لديها من قوة عسكرية وعدة للقتل والتدمير، لكن إن ترنحت المسألة الكردية في الفضاء السياسي نفسه واستمر التعاطي مع الكرد في ديار بكر بأساليب عصر ماقبل حقوق القوميات، فإن من شأن ذلك أن يخلق (PKK) آخر. وربما يخلق أوجلانا طليقا و(PKK) أكثر عنفاً.


هذه الاشارة ليس لتخويف الأتراك،بل للدعوة لسياسة واقعية من قمة الهرم في الدولة التركية، بحيث لا تبق هناك حروب ونزاعات، فتطمئن أقليم كردستان ويحصل الكرد في تركيا أيضاً على حقوقهم. ويعود الجنود الى حيث مراتع اللهو في اسطنبول.
الحل العسكري، لوكان محدودا، ربما أمكن تبريره بالقول أن هذا تمهيد للحل السياسي، لكن إن كان الضرب هلاكاً كاملاًً كما فعل الجنرال يشار بويك، فمع من سيكون الحل السياسي؟


ثم بعد الضربة القاصمة لحزب العمال من يضمن أن تبقى لدى تركيا الرغبة في الحل وهي التي حصلت على ماتريد دون أن يلزمها أحد بشئ؟
كان على من ساعد تركيا في ضرب (PKK) أن يضع شروطاً عليها من قبيل quot;اضرب، لكن لا تتهرّب من المشكلة. تعال وأمسك الملف بالشكل الصحيح. أما بدفع (PKK)نحو أتخاذ سياسات جديدة وإما بتعزيز خطة حربquot; محدودة وكريهة في نفس الوقت quot; بسياسات يخلق أجواء للحوار الكردي التركي بمشاركة من قيادات كردية محلية وناشطي المجتمع الكردي في تركيا. وبدون هكذا خطوات فإن ضرب (PKK) والهجوم على أقليم كردستان لا يحمل سوى تفسير واحد : هذا ضرب للكرد ومسألته التاريخية في كردستان تركيا وليس ضربا ل(الارهاب) كما يدعون
وهؤلاء الذين ساعدوا تركيا في حملتها الاخيرة سيضطرون لمساعدتها مرات أخرى، لأن المسألة الكردية باقية بقاء الكرد وستكون تركيا مضطرة لمواجهتها مجددا.


فورة تركيا العدوانية وتجاهلها للحقيقة الكردية ينبأ بأنها ليست من النوع التي يتم مساعدتها دون تعهدات مسبقة، فهي قاصرة في أدارة الملف الكردي. وأذا ماتم غض النظر عن سلوكها في الحرب فإنها ليست مستعدة لأن تقدم شيئاً، بل تأخذ فقط. والأخذ دون عطاء ليس فضاءاً صحيحاً لمقاربة ايجابية نحو حل تدريجي.


تستطيع تركيا القضاء على (PKK) نهائيا حين معاودة الهجوم، والدول مثل أمريكا تستيطع مساعدتها مرة أخرى، لكن ثم ماذا؟.

ستران عبد الله