كامل الشيرازي من الجزائر: سجلت أسعار زيت الزيتون بالجزائر، إرتفاعًا محسوسًا بنسبة 30 في المئة مقارنة عن الأسعار التي ظلت سائدة إلى غاية أواخر الخريف الماضي، وأصبح اللتر الواحد من quot;زيت الزيتونquot; متاحًا في الأسواق بما لا يقل عن خمسمئة دينار جزائري (بحدود 50 دولارًا)، وهو أمر فسره خبراء زراعيون مختصون بمحدودية إنتاج هذه المادة، حيث شهدت الجزائر إنتاج 40 ألف طن، وهو ما يمثل تراجعًا في الكميات المنتجة مقارنة بالسنوات السابقة، وخاصة عامي 2003 و2004 اللذين شهدا مستويات قياسية من الإنتاج وصلت إلى 70 ألف طن، علمًا أنّ الجزائر التي تتوفر على حوالى 12 مليون شجرة زيتون، مؤهلة لإنتاج 90 ألف طن كل عام، وهي تحتل المركز الثالث عربيًا في قائمة الدول المنتجة للزيوت بعد تونس والمغرب.
ويعتبر مسؤول حكومي جزائري ارتفاع سعر زيت الزيتون أمرًا طبيعيًا، تبعًا لزيادة أسعار سائر المواد الاستهلاكية، بما فيها quot;زيت المائدةquot; نفسه، ويرفض المسؤول ذاته ربط غلاء سعر زيت الزيتون بقلة الإنتاج، بل بارتفاع الطلب عليه، وعدم تمكن جمهور المنتجين من سدّ الطلبات المتزايدة محليًا ودوليًا، ما يقتضي بحسبه تحديث القطاع وزيادة مستوى الاستيعاب العام، ومراجعة نمط تصدير الجزائر لزيت الزيتون الذي بقي متواضعا.

وتتوفر الجزائر على أكثر من 35 مليون شجرة زيتون إلاّ أنها لا تصدر، إلاّ القليل جدًا من زيتها، وتسعى الحكومة هناك إلى رفع الإنتاج المحلي من زيت الزيتون إلى مستوى دول الجوار كالمغرب وتونس، فكلا الدولتين صارتا تعتمدان على زراعة زيت الزيتون كمصدر مهم لمداخيلها من العملة الصعبة، على الرغم من أنّ تونس والمغرب لا تتمتعان بالإمكانيات الطبيعية نفسهاالتي تتوفر عليها الجزائر.
ويرى متابعون، أنّ تراجع إنتاج الزيتون في الجزائر، له علاقة أيضًا بسلسلة الحرائق التي شهدتها البلاد في العام الأخير، لا سيما في منطقة القبائل المشتهرة بكونها المحضن الأساس لهذه المادة الحيوية، وللدلالة على حجم الخسائر المسجلة، يكفي الكشف عن حالة محافظات تيزي وزو وبجاية والبويرة وبومرداس الواقعة على الشريط القبائلي، والتي فقدت مجتمعة نحو 160 ألف شجرة بسبب حرائق مهولة هشمتها على مدار الصائفة المنقضية.
ويدرج quot;أحمد منديلquot; المدير العام للمعهد الجزائري للأشجار المثمرة، عامل ارتفاع نسبة الماء في الزيتون على حساب الزيت بسبب غزارة الأمطار التي تساقطت في الجزائر خلال فترة ماضية، وهو ما أثر على مردود القنطار الواحد من زيت الزيتون، فبعد أن كان يمنح من 18 إلى 20 لترًا، صار لا يقوى سوى على 14 إلى 16 لترًا.

وسعت الحكومة الجزائرية عبر مخططها للتنمية الزراعية إلى تحسين نوعية زيت الزيتون الجزائري المعروف بجودته، وأقرت قبل ثماني سنوات، خطة لتوسيع رقعة المساحات المغروسة بأشجار الزيتون، وهو ما مكّن من غرس خمسة آلاف شجرة حيث تحقق في هذا الإطار بمنطقة وادي سوف وحدها وخلال 2006 فقط غرس 2500 شجرة، بواقع أربعمئة شجرة في كل هكتار، مع الاعتماد على المناطق السهلية بعد أن كان التشجير مقصورًا على المناطق الجبلية، وسمح الإجراء بالانتقال من 165 ألف هكتار إلى 300 ألف هكتار في عام2007، كمساحات مغروسة بأشجار الزيتون.

وخلافًا لما تردّد عن تسويق quot;نوعيات رديئة ومغشوشةquot; من زيت الزيتون في الجزائر، شدّد مسؤولون في وزارة الزراعة الجزائرية أنّ 70 المئة من الزيوت الجيدة، هي المطروحة حاليًا للاستهلاك وهي من النوع الرفيع، في وقت تحذر جهات غير رسمية من إقدام بعض المزارعين والتجار على تسويق زيوت غير قابلة للإستهلاك نظرا لارتفاع نسبة الحموضة بها والتي تتجاوز 3.3، ورغم أنّ تلك الزيوت لا تشكل خطرًا على صحة المستهلكين، إلاّ أنها تبقى رديئة وينصح باجتنابها لما تفرزه من روائح قوية.

وتراهن الدولة الجزائرية على برنامج موسّع لزرع 500 ألف هكتار إضافية من أشجار الزيتون في 15 محافظة، ويوضح quot;عبد السلام شلغومquot; المسؤول البارز في وزارة الزراعة الجزائرية، أنّ الاهتمام جار بغرس أشجار الزيتون في المناطق السهبية وشبه الصحراوية لتعويض المساحات التي أتلفتها الحرائق، وتسعى الخطوة إلى رفع إنتاج البلاد من زيت الزيتون إلى مستوى كبار منتجي الزيتون عالميًا، من خلال تشجيع المزارعين على الاهتمام أكثر بزراعة الزيتون، حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي والنوعية الجيدة.