أكد عدم قدرة النظام الحاكم على تحقيق العدالة
العفيف لإيلاف: سياسة حكام السودان أدت الى العنف

بهية مارديني من دمشق: التقت إيلاف في القاهرة الدكتور الباقر العفيف مدير مركز الخاتم للاستنارة والتنمية البشرية في السودان، وسألته عن الاوضاع في دارفور وخاصة في ظل ماحدث مؤخرا وامتداد الاشتباكات الى الخرطوم، والعفيف مفكر حاصل على دكتوراه علوم الشرق الاوسط من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة ويعيش حاليا في السودان، له عدة كتب منها حقوق الانسان في فكر الاسلاميين 1998، الرهان على المعرفة 2001 ( التربية على حقوق الانسان في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا )، ماوراء دارفور 2006 ، وجوه خلف الحرب 2007 ، الهوية والنزاعات الاهلية في السودان 2008 .

في رأيكم ماسبب الاشتباكات في الخرطوم بين السلطات وحركة العدالة والمساواة التي جرت الاسبوع الجاري وماسبب انتقال العنف الى العاصمة؟

ان سبب الاشتباكات التي حدثت في السودان سياسة حكامه التي نتج عنها الاستقطاب والتوتر نظرا لتصلب السلطات السودانية وعدم استماعها الى صوت العقل، فهناك قناعة عامة باتت تسود في السودان quot;وهي ان كان لديك حق يجب ان تستولي عليه بقوة السلاحquot;. ان الطرق السلمية غير مجدية، ومايحصل وضع طبيعي لحالة الاستقطاب الكبيرة التي تعيشها السودان ،وان الحركة التي قامت بالعملية (العدالة والمساواة) هي مجموعة مسلحة ولكن ميدان عملياتها بعيد عن العاصمة في دارفور وعلى مايبدو انهم شعروا ان الحرب عندما تكون بعيدة عن الخرطوم لاتؤثر على الحكام فقرروا ان ينقلوها الى مكان تواجد الحكام .

ان السبب الرئيسي لما يحصل عدم قدرة النظام الحاكم على تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ المشاركة وعلى تحقيق السلام والمصالحة الوطنية والواضح هو عجز النظام ولذلك لابد من خلخلته وتخويفه ونزع الحقوق منه بقوة السلاح ، وان العملية التي نفذتها حركة العدالة والمساواة وان كانت فاشلة ولم يستطيعوا الاستيلاء على المدينة ولكن استمرار المقاومة سيساهم في خلخلة النظام وسيجعل الاخرين يفكرون في الخلاص منه، ان النظام بات هو المشكلة الحقيقية ولايمكن ان يكون جزءا من الحل.

في العام 2005 دخلت الحركة الشعبية لتحرير السودان الى الحكومة نتيجة اتفاقية السلام الشامل وظلت تصارع لتحول ديمقراطي دون ان يتحقق الكثير اذ ظل الحزب الحاكم يماطل ، فذهب كل التفاؤل ادراج الرياح وعاد الناس الى تشاؤمهم بسبب اليأس من التغيير في سياسات النظام.

تحدثتم في عدد من محاضراتكم ومداخلاتكم عن الاستيطان واحلال قبائل غير سودانية في السودان ارجو الايضاح؟

بداية ان اخطر قضية هو مسالة النزوح من دارفور ، وهناك القبائل الافريقية تم اقتلاعها من ارضها بالكامل وسكان معسكرات اللجوء والنزوح الخاصة بدارفور كلها من القبائل الافريقية ولايوجد اي فرد فيها من القبائل العربية ولايوجد قرية عربية واحدة حرقت وكلها من القرى والمجموعات الافريقية.

ان المجموعات الافريقية هي مجموعات زراعية مستقرة وتوجد في مناطق الوديان والاراضي الخصبة ومصادر المياه الوفيرة فيما القبائل العربية قبائل رحل يتنقلوا من مكان الى مكان حسب وجود الكلأ والماء فالذي يحصل ان القبائل العربية تسعى لهذه المصادر وبفعل الجفاف والتصحر اصبحت قليلة وهم الان بات هدفهم الاستيلاء على الاراضي الخصبة والتي تحتوي مصادر المياه وشعرةا ان مستقبلهم مرتبط بهذه الاراضي ورهن بوضع يدهم عليها ولان الارض لم تعد تحتمل المجموعتين معا(الزراع والرعاة) فاصبح هدف القبائل العربية افراغ الارض من سكانها الاصليين والاستيلاء عليها فجاءت خطوتهم الاولى التفريق.

وقد بدأت وانتقلوا الى الخطوة الثانية الاستيطان وبدأ بداية غريبة اذ بدأ باستيطان قبائل عربية غير سودانية من خارج دارفور وهي قبائل من مالي وبنّين وتشاد وبعضها من افريقيا الوسطى بدأوا بالاستيطان ببعض القرى وهذه القضية وردت في تقارير الامم المتحدة ووردت في تقارير منظمة العفو الدولية ومجموعة الازمات وفي تقارير عدة منظمات دولية منها قوات حفظ السلام في دارفور ولكن عليها تعتيم اعلامي شديد ولم تثر الاهتمام الذي يجب ان تحوز عليه.

ما الوضع الحالي الان في دارفور؟

الوضع الامني متدهور وفي الماضي كان العنف خارج المدن ولكن شيئا فشيئا انتقل العنف الى المدن في حين كانت تبدو المدن الكبيرة في دارفور امنة ( نيالا الفاشر وزالينجي والجنينه ) ولكن الان بات الاقتتال داخل المدن في شكل اغتيالات سياسية واختطاف وقطع طرق والان اصبحت منظمات الاغاثة العربية والدولية في خطر حتى انها خزنت كل سياراتها واصبحت لاتنتقل فيها وباتت عناصر هذه المنظمات يتنقلون بوسائل النقل العام .

والحل باعتقادك؟

الحل هو ان ُتجبر حكومة السودان ان تجلس الى طاولة المفاوضات وتتفاوض مع الحركات المسلحة الدارفورية لاحلال السلام.