برهم صالح يؤكد أن تمرير قانون الإنتخابات إصطفاف ضد الأكراد
quot;للأكراد حقهم بتشكيل دولتهم لكنهم فضلوا البقاء جزء من العراقquot;

أسامة مهدي من لندن : قال برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي نائب الرئيس جلال طالباني في زعامة الإتحاد الوطني الكردستاني إن تقرير المصير وإنشاء دولة من حق الأكراد، لكنهم قرروا أن يكونوا جزءًا من العراق، وأشار إلى أن قضية كركوك لا يمكن أن تحل كرديًا أو عربيًا أو تركمانيًا، وإنما عراقيًا وطنيًا، وأضاف أن تمرير مجلس النواب لقانون انتخابات المحافظات شكّل صدمة لآليات العمل السياسي في البلاد، وأوضح أن الأداء الحكومي أقل من الطموح لأن الوضع السياسي فرض حكومة تأخذ بالمحاصصة بعيدًا عن الاختصاص والكفاءة.

تمرير قانون الإنتخابات اصطفاف ضد الاكراد

وأضاف صالح في مقابلة مع برنامج quot;برلمان السلطة الرابعةquot; الذي عرضته قناة العراقية الرسمية الليلة الماضية ان تمرير مجلس النواب لقانون الانتخابات الاسبوع الماضي شكل صدمة للعقل السياسي العراقي واليات العمل السياسي وخلق وضعًا خطرًا. وقال إن ذلك تم وفق اشكاليات اجرائية ايضًا بالنسبة إلى التصويت السري على المادة 24 من القانون من دون مواده الواحد والخمسين الاخرى اضافة الى الاخطاء التي رافقت احتساب النصاب القانوني . واوضح ان نائبي رئيس مجلس النواب اعترضا على هذه السياقات في وقت يجب ان يكون المجلس محط ثقة القوى السياسية وابناء الشعب العراقي . واكد ان مسارات تمرير القانون شكلت اصطفافًا ضد الاكراد ولم تكن مجزية للعمل السياسي لكنه قال quot; سنتمكن من تجاوز ذلكquot; .

وعن ملابسات تمرير القانون، قال برهم صالح انه في الليلة التي سبقت التصويت عليه توصلت الكتل السياسية مثل التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد والحزب الاسلامي وقوى اخرى على صيغة توافقية لمادة تتعلق بكركوك لكنه في اليوم التالي حصل ارتباك افضى الى تمرير القانون حيث اقحمت به المادة 24 عن كركوك على الرغم من حساسية هذا الموضوع الشائك والخطر الذي يجب ان يحل بالتوافق والحوار وليس بالاستفراد بالقوانين.

وعن رأيه بالتوافقات السياسية بين الكتل البرلمانية وفيما اذا شكل قانون الانتخابات ضربة لها قال المسؤول العراقي الكبير ان هذه التوافقات لم تكن جيدة خلال السنوات الخمس الماضية وما حدث في تمرير القانون اكد ضرورة التشبث بالدستور لأن ما تم جاء مخالفًا له. واوضح انه مع ذلك فقد تم تفعيل الدستور من خلال نقض الرئاسة له عبر اليات دستورية تشكل ضمانة للعراق لا تمكن اي جهة من الانفراد بقرارات لاترضي البقية .

الدعوة لاستقالة الرئيس طالباني

وفي ما يتعلق بدعوة رئيس مجلس الحوار الوطني خلف العليان بأستقالة الرئيس جلال طالباني لانه تصرف ضد قانون الانتخابات ككردي وليس رئيسا للعراق اشار صالح الى ان طالباني لم ينقض القانون لوحده وانما شارك معه نائبه عادل عبد المهدي ايضا لكن تعذر الاتصال بالنائب الاخر طارق الهاشمي الذي يعالج بمستشفى في انقرة .. وقال انه صحيح ان طالباني كردي لكنه يتعامل وطنيا مع القضايا العراقية من خلال رئاسته للبلاد . واضاف ان التعامل مع كركوك يجب ان يعتمد على الدستور لانه الضامن لسير العملية السياسية والكافل لحقوق جميع الطوائف والقوميات . واوضح انه من هنا جاء النقض الرئاسي مبنيًا على اسس دستورية .. وقال ان كركوك مشكلة كبيرة يجب ان تحسم دستوريا وهي للعرب والاكراد والتركمان ولكل العراق . وشدد على ضرورة تحويل المدينة الى مكان للامن والسلام بين العراقيين وليس لاستمرار الصراع الذي تشهده منذ اربعين عاما والذي كرسه الرئيس السابق صدام حسين من خلال اجراءاته المعادية لسكانها .

واكد صالح على ضرورة العمل من اجل تجاوز تلك السياسات العنصرية وان يعمل عرب العراق من اجل تحقيق العدالة في كركوك من خلال تنفيذ المادة الدستورية 140 لتطبيع الاوضاع فيها عبر حلول ليست عربية لوحدها او كردية او تركمانية لوحدها وانما من خلال حل عراقي وطني وليس خارجيا وفق سياق قانوني شفاف يراعي جميع مكونات المدينة وهذا امر لا يتحقق من خلال المؤامرات او المغامرات كما اشار . وعبر عن اسفه لان هناك قوى كانت تريد ارباك الوضع من خلال تمرير قانون الانتخابات مشيرًا الى ان القانون لم يكن مستهدفا لوحده وانما العملية الانتخابية برمتها لأنها محطة مهمة في مسيرة العملية السياسية الديمقراطية في البلاد . وقال ان الخلاف في القانون كان حول نسبة تمثيل النساء والاقليات فيما اقحم موضوع كركوك فيه اقحاما .

الشارع الكردي يتساءل عن جدية التحالفات مع القوى الاخرى

واضاف برهم صالح ان ما حصل من تمرير لقانون الانتخابات لم يكن امرًا جيدًا من جهة تعزيز مفاهيم التوافق السياسي ومفاهيم المشروع الوطني واندماج الاكراد في هذا المشروع بشكل اصبح موضع تساؤل في الشارع الكردي عن جدية الشراكة الكردية في هذا المشروع وفيما اذا كانت مجزية ام لا . ودعا هنا الاصوات العربية العاقلة الحريصة على وحدة العراق ان تخاطب الشارع الكردي مطمئنة . وعبر عن الامل في ان يبتعد العراقيون عن التخندق طائفيًا وقوميًا لأن المشروع الوطني الديمقراطي هو الذي يكفل لهم جميعا مكانة جيدة في بلدهم من خلال منع الانفراد بالقرارات والقوانين والمسارات السياسية.

وردًا على سؤال حول سعي الأكراد نحو مصالحهم الخاصة وليس مصالح العراق الوطنية وعدم قبولهم بحل توافقي في كركوك أكد صالح على ضرورة وجود تفاهم وطني حول هذه المدينة لانه لا يوجد لها حل كردي او عربي او تركماني لوحده والحل يبقى عراقيًا وطنيًا وفق آليات توافقية سياسية وقانونية عادلة موضحًا ان تمرير قانون الانتخابات لم يراع كل هذه الامور فجاء مخالفًا للدستور. وقال إن فهمه للمشروع الوطني هو ليس مشروع الابادة الجماعية والقصف بالكيمياوي وهضم الحقوق القومية للاكراد موضحا انه اذا كان المشروع الوطني كذلك فإن الاكراد لن ينضموا إليه.

الاكراد لهم الحق في تقرير مصيرهم وانشاء دولتهم

وقال برهم صالح نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني ان المشروع الكردي ياخذ في الإعتبار خصوصيات المكونات العراقية التي توحد العراق ولا تقسمه لان التعددية هي التي تعزز وحدة البلاد . وشدد هنا على ان للاكراد الحق كما بقية شعوب العالم في تقرير المصير وتأسيس دولتهم لكن الشعب الكردي ومن خلال برلمانه المنتخب اتخذ قرارا بان يكون اقليم كردستان جزءا من العراق في وقت كان فيه الاكراد يتمتعون بشبه استقلال منذ عام 1991 . واشار الى ان الكثيرين كانوا يتوقعون ان يستقل الاكراد عن العراق عندما سقط النظام السابق لكن القادة الاكراد ذهبوا الى بغداد وساهموا في تشكيل العراق الجديد . واضاف انه كنائب لرئيس الوزراء يخدم بغداد والبصرة العربيتين كما يخدم السليمانية الكردية وقال ان مصلحة الاكراد تكمن في تقدم العراق وامنه واستقراره . واكد انه لوكان للاكراد مشروع للانفصال لاعلنوه وتعاملوا معه لكنهم قرروا ان يكونوا من بناة العراق اليدمقراطي الاتحادي الفيدرالي بعيدا عن الانفصال وتشكيل دولة .

لكن المسؤول الكردي اشار الى ان الشارع الكردي متحسس من الوضع العراقي الحالي من خلال شعوره بعدم وجود تقبل عراقي لمشاكل الشعب الكردي . واقر بوجود اكراد قوميون يطرحون مطاليب متطرفة تخلق مشاكل مثلما هناك طروحات قومية شوفينية تتمسك بالسياسات التي اتبعتها الانظمة السابقة . وشدد على الحاجة الى اصوات عربية تطمئن الاكراد بان العراق الجديد يختلف عن سابقه وهو حريص على مصالح الاكراد وعندها سيتحول الشارع الكردي نحو الثقة بالشراكة الوطنية . وقال ان على القادة العراقيين ان يحلوا مشاكل البلاد وفق مبادئ الحوار والتوافق الوطني والتخلي عن ثقافة الشكوك .

محادثات حول قانون النفط والغاز وادارة الدولة

وفي ما يخص الخلافات الكردية مع الحكومة المركزية حول قانون النفط والغاز، اشار نائب رئيس الوزراء العراقي الى وجود مشاكل بين حكومة كردستان ووزارة النفط حول هذا القانون الذي كان قد أقره الجانبان في وقت سابق وجرت عليه تعديلات . واوضح ان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني موجود في بغداد حاليًا لإجراء محادثات يوجد هذا القانون في مقدمتها . واشار الى ان هذا القانون مهم جدًا للعراق لأنه في الوقت الذي يملك اكبر احتياطي نفطي في العالم فإنه لا يزال يصدر مليوني برميل يوميًا من النفط فقط، لكن الحكومة تريد تحديث المنشآت النفطية للوصول إلى ستة ملايين برميل يوميًا لتستفيد جميع المحافظات العراقية من المدخولات العالية الراهنة للنفط.

وأضاف أن محادثات الاكراد في بغداد تتعلق ايضًا بسياقات ادارة البلاد لأنه كانت هناك تراكمات كبيرة منها الامن لكن هذا الملف تحسن وتم تجاوز المراحل الخطرة منه وحيث ان الاوان قد حان للقيادات السياسية لأن تتحاور على قانون النفط وادارة البلد وتجنب ما حصل بالنسبة إلى قانون الانتخابات... وقال ان الحوار سيد الاحكام والمشاكل ستحل في بغداد اعتمادا على الدستور والحوار .

وعما يقال عن فرض الاميركان لمواد في قانون النفط والغاز اكد برهم صالح ان الجانب الاميركي لم يقدم اي مسودة قانون او مقترحات بصدده وصياغته وطنية قامت بها لجنة النفط والغاز الحكومية العراقية مشددا على ان الحديث عن تدخل اميركي يضمن مصالح الاميركان النفطية امر غير صحيح مطلقا . واشار الى ان القانون بني على مفاهيم وطنية عراقية لتطوير القطاع النفطي وتوسيع امكاناته التصديرية . وقال انه لايمكن انجاز عمليات اعمار العراق بالسياسة النفطية الحالية نظرا للحاجة الى الاستثمارات الكبيرة .

وبالنسبة للاداء الحكومي اشار برهم صالح الى ان هذا الاداء يجب ان يكون افضل بكثير حيث اصبحت الحجج القديمة بالتعكز على الوضع الامني غير مجدية ولابد من التقدم نحو الافضل في الاداء الان . واشار الى ان الحكومة الحالية بنيت على استحقاقات طائفية وسياسية وليس على اساس الكفاءة وهو امر يعاني منه رئيسها نوري المالكي . وعبر عن الامل في الانتقال الى وضع سياسي افضل نظرًا لوجود مفاصل مهمة في الدولة لا يمكن ان تترك للسياسيين وحدهم بعيدًا عن اصحاب الاختصاص .. وقال quot;اننا بحاجة الى فريق عمل قادر على الاداء الافضلquot; . واوضح انه يأمل بعد ان عاد وزراء جبهة التوافق الى الحكومة ان يتم تعزيز الاداء الحكومي وتوسيع قاعدتها الشعبية .

وشدد نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح في الختام على ان ما يتظر القوى السياسية من تحديات يرغمها على التماسك والمواجهة .. وقال ان العراق قادر على ان يلبي لجميع مكوناته من خلال خيراته الكبيرة ماتتمناها وذلك عبر الترفع على الخلافات وحلها وفق تفاهمات سياسية عملية مقبولة .