سعوديون لم ينسوا وصم لاعبي منتخبهم ب"الإرهابيين"

سبتمبر رياضياً: غُراب أسود ينعقُ فوق الملاعب

ف

إقرأ أيضاً:

الأمن هاجس الرياضة والرياضيين في العالم أجمع

أولمبياد أثينا

هد سعود من الرياض: أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2001، كانت الغُراب الأسود الذي نعقَ على قبر العرب من جميع فئاتهم..ونخُص هنا الرياضيين بالأمر .. فلا احد ينسى عبارة رئيس وزراء المجر حين وصف اللاعبين السعوديين في المنتخب الوطني في الثاني من شهر شباط (فبراير) من العام الجاري، بأنهم ( إرهابيون) حين قال: " إننا استطعنا أن نتعادل مع فريق من الإرهابيين ".

لقد كانت تلك المقولة مصداقا واضحا لتعمّق فكرة ارتباط الإرهاب بالعرب، على الرغم من كثرة ردود الفعل العربية التي صاحبت تلك المقولة، والتي بررت للسعودية سحب سفيرها من تلك الدولة التي نصّبت رجلا ليرأس الوزراء وهو لا يقّيم مايقال وما لا يقال،ومع مرور 4 سنوات على تلك الأحداث الدامية .. إلا أن الفكرة لا زالت موجودة ولا زال العرب يحاربونها.. وخصوصا المثقفين والرياضيين الذين يرون في الإرهاب مرضا مزمنا يمكن أن يصيب أي شخص مهما كانت جنسيته أو ديانته..

ونظراً الى المكانة العالمية التي احتلتها أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) في نفوس سكان العالم قاطبة، فقد قامت "إيلاف" باللقاء مع الأستاذ والناقد السعودي( مساعد العصيمي) ، وذلك للحوار معه حول مدى التأثير الكبير الذي وضعته أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عالميا بشكل عام .. ورياضيا على وجه التخصيص .. ومدى ارتباطها العميق بحيثيات التواجد السعودي الذي فعلته الأحداث في تلك الفترة.. إلى يومنا هذا.

يقول مساعد العصيمي متحدثاً عن نظرته لتلك الأحداث بصفته صحافياً رياضياً سعودياً:"أولا إذا أخذنا الأمر بمقاييس شبابية بصفة عامة .. فأحداث سبتمبر كانت تجربة قاسية جدا علينا ،ونتاجها كان قاسيا على العرب والمسلمين بشكلٍ عام، وخاصة على الشباب. أولا لان العمل كان متهوراً جداً ولا يُعبر عن فكر الشباب السعودي ولا الإسلامي، الأمر أنّ فئة معينة أقدمت على عمل.. وتحمل تبعات ونتائج هذا العمل فئات كبيرة أخرى ".

ويكمل العصيمي قائلاً: ".. من المنظور الشبابي أنا اعتقد أن الدروس التي نستفيد منها هي تهيئة الشباب بما يوجد أجيال متحابة قادرة على أن تفرض نفسها من خلال الود والتعاطف مع الآخرين، والفائدة الثانية نضع لدى شبابنا ما يوحي أن التعامل مع الآخرين وفق ما يخدم وبما ينفع على أساس المنفعة العامة من خلال التعامل معهم وماذا سيقدمون لنا من علم ومعلومات. ونحن نرفض أن يأتي إلينا من يحاول أن يشتت مبادئنا التي تدعو الى المحبة والتفاعل مع الآخرين إلى مبادئ أخرى سقيمة مريضة تدعو الى كره الآخر وعدائه".

ويضيف قائلاً: "ما أريد التركيز عليه هو أن الشباب السعودي عُرف بطبعه أنه شباب محب واجتماعي.. ولكن لابد لكل قاعدة شواذ، واعتقد أن الشذوذ الذي حصل أنه صدر من فئةٍ لا تُعبر عن الشباب السعودي.. ولا تعبر حتى عن الشباب الإسلامي بصفة عامة" .

ويمضي العصيمي في قوله:"دروس سبتمبر دروس كبيرة بالنسبة الينا، من حيث الوعي وطريقة التقويم والتقييم لشبابنا وطريقة التعامل أيضاً.. وهناك شي آخر مهم ،وهو الالتفات إلى الشباب كونهم أساسا لهذا المجتمع وتوجيههم في ما يخدم وبما يدعو إلى المحبة والعطاء والبذل ".

"سبتمبر.. كانت تجربة قاسية علينا .. ونتاجها أّثر علينا كسعوديين، فقد كنا نجد كل التعامل والمحبة في أي مطار ننزل فيه.. أثّرت كذلك على الإعلام الغربي.الآن الكثير من الإعلام الغربي يصوّر الشباب السعودي بشكل لا يليق به إطلاقاً.. أنا اعتقد انه لا يجب أن تُحمّل بلدا نتيجة تهور أشخاص معينين أو فئة معينة"..

وعن تأثير الأحداث على التعاون الرياضي ما بين العرب والغرب يقول العصيمي: "بصفة عامة لا أعتقد أنه حصل تأثير كبير في هذا المجال.. فأساسا المسؤولون في الغرب أكبر من ذلك .. ويدركون جيداً ماهي الأُسس والأبعاد والتوجه الذي أضفى إلى ذلك .. وأنا كسعودي أضرب لك مثلاً قريباً من الواقع.. وهو أن جميع مشاركات المملكة العربية السعودية في التنظيمات الرياضية العالمية كانت تسير بسهولة ويسر ،دون أن تواجه أي ضغوطات أو عوائق، لان الوعي اكبر من أن يضر بمثل هذه التنظيمات والاستحقاقات العالمية" ..

وعن التركيز على الأمن والاهتمام الكبير به والذي بات هاجساً للتنظيمات الرياضية والأولمبية يقول العصيمي: الجانب الأمني جانبٌ مهم في أي دورة رياضية أو تجمع رياضي وهو ليس بجديد ..ولو لاحظنا تاريخيا في دورة (أتلانتا) كان هناك تفجير من قبل شخص أميركي في حديقة مجاورة لتجمع رياضي ..إذن الأمر قديم ولا صلة له بأحداث سبتمبر، والجانب الأمني دائماً مرتبط في التنظيمات الرياضية كافةً ".

ويمضي قائلاً: "الكثير من البطولات والتنظيمات كانت بالفعل تحتاج إلى مثل هذا الاهتمام الأمني .. وربما اكبر اهتمام أمني كان في اولمبياد (أثينا) العام المنصرم ..والحمد لله لم يحدث شيء.. لان العالم بأكمله اتفق الآن على القضاء على الإرهاب.. لدرجة أصبح الإرهابي أو صاحب الفكر الضال يجد صعوبة في النفاذ إلى المجتمعات.. وأصبح من الصعب على هؤلاء تنفيذ مخططاتهم في ظل وجود هذا الأمن".

لحظة إنطلاق المباراة التي جمعت المنتخب السعوديبالمجري
عن ردة فعله،كصحافي سعودي، حيال وصف رئيس الوزراء المجري للاعبي المنتخب السعودي بالإرهابيين، أضاف العصيمي: "كان وقع الوصف مؤلما جدا علينا.. فأحيانا هناك أشخاص يحاولون الخلط بين الكوميديا والإسفاف..بطريقةٍ فاشلة، كما حدث مع رئيس الوزراء المجري.. واعتقد أن اعتذار الرجل كان اعتذاراً مباشراً.. والقيادة السعودية كان ردها مباشرا أيضاً .. وهو ما عجّل باحتواء الموضوع لاحقاً "

ويضيف العصيمي قائلاً" عموماً جانب الهزل غير مقبول اطلاقاً، فهو أراد أن يُدخِل في مجال الكوميديا موضوعاً لا اعتقد انه يتحّمل الكوميديا.. وأعتقد أن المسألة حُلّت في وقتها، باعتذار رئيس الوزراء المجري، واعترافه بخطأه، وطبعا التفاعل الذي أبداه المسؤولون في السعودية أضفى إلى الحل".

ونختم هذا التقرير، بما انهى به الاستاذ مساعد العصيمي حديثه،فالسعوديون لم يصمتوا على تلك المقولة التي قالها رئيس وزراء المجر، فقد أثارت قضية استدعاء السفير السعودي من المجر جدلًا واسعًا في الأوساط السعودية المختلفة يومها،وهي الخطوة التي جاءت بعد أن وصف رئيس الوزراء المجري لاعبي المنتخب السعودي بالإرهابيين، عقب المباراة التي جرت بينهما في الثاني من شباط (فبراير) من العام الجاري في تركيا، عندما قال " أعتقد أنه كان هناك الكثير جدًا من الإرهابيين بين صفوف لاعبي المنتخب السعودي"، الأمر الذي أثار حفيظة المسؤولين في السعودية، والجماهير الرياضية.

وفي هذا السياق وصف الأمير نواف بن فيصل نائب وزير الرياضة والشباب لإيلاف يومها ما حدث بأنه: "خروج عن الذوق العام وأن المُزاح له حدود، وأكد أن الموضوع رُفع للجهات المختصة". وعلى الجانب الآخر أي على مستوى جماهير الكرة السعودية، فقد كانت إدانة تصريح المسؤول المجري السمة الأبرز في حوارهم .. فقد اتفق الجميع على أن الرد السعودي كان شجاعًا، ويفرضه علينا احترامنا لذاتنا، وشدد الكثير من الجماهير عبر مواقع الرياضة المتخصصة، المنتشرة على شبكة الإنترنت، على أن العالم أجمع مرّ بما نمرُ بهِ حاليًا، فالكثير من الدول المعاصرة عانت الإرهاب، ولكن هذا لا يبرر أن يقال كلام غير مسؤول من طرف مسؤول حكومي بارز كما هو الشأن لرئيس الحكومة المجرية.

وربما يشفع ذلك المؤتمر العالمي الأول ضد الإرهاب والذي استضافته السعودية قبل عدة أشهر، ذلك المبدأ القويم الذي يعتمده ديننا ( وادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ويعزز من الهوية العربية التي ترفض وتستنكر ما حدث في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) وما تبعه من أضرار نفسية أو تخريبية لانزال نتوجع من طعناتها حتى يومنا هذا ..

وان بدت الدورة التي نظمتها المملكة العربية السعودية بعنوان ( دورة التضامن ضد الإرهاب ) التي كانت من انبثاقات مؤتمر الإرهاب الدولي هي رسالة واضحة من جميع العرب والرياضيين على وجه الخصوص بعدم الموافقة على ما يدور من تخريب وموت من قبل الإرهاب والإرهابيين .. ورفضٌ قاطع و مشدد لدخول الإرهاب إلى المجال الرياضي العربي والعالمي .