كفلت جميع الدساتير العراقية التي صدرت بما فيها القانون الأساس والدساتير المؤقتة التي تعكزت عليها السلطات في العراق حقوق المواطن العراقي، بالرغم من انها سوفت النصوص الدستورية وجعلتها حبراً على الورق، فلم يلمس المواطن العراقي العديد من الحقوق، في حين أثقل كاهله بالكثير من الواجبات.
وجاء قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لتؤكد المادة الثانية عشر منه ((العراقيون كافة متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الرأي أو المعتقد أو القومية أو الدين أو المذهب أو الأصل، وهم سواء أمام القانون، ويمنع التمييز ضد المواطن العراقي على أساس جنسه أو قوميته أو ديانته أو اصله، ولهم الحق بالأمن الشخصي وبالحياة والحرية، ولايجوز حرمان أي احد من حياته أو حريته الا وفقاً لإجراءات قانونية، ان الجميع سواسية أمام القضاء)).
كما اكدت المادة العشرون على حق العراقي الذي تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب أن يرشح نفسه ويدلي بصوته في انتخابات حرة ومفتوحة ونزيهة عادلة وتنافسية.
أن حق المواطن العراقي في الانتخاب الواردة ضمن نصوص دستورية لايمكن لأية جهة أن تلغيها أو تصرف النظر عنها لأي سبب، والا فقدت مصداقيتها الشرعية والقانونية.
وجاء الأعلان العالمي لحقوق الإنسان ليؤكد على جميع الدول أن تلتزم بالنصوص الواردة فيه ومن ضمنها حق الإنسان في الاختيار.
صحيح أن العراق يخرج من قمقم الظلام والعبودية والدكتاتورية وعليه أن يستعيد انفاسه، الا أن عملية الخروج هذه وأن صاحبتها اشكاليات وسلبيات نتيجة الحياة غير الاعتيادية التي كان يعيشها المواطن العراقي تحت سلطة الطاغية، الا انه وفي كل الأحوال التزمت السلطات ( المؤقتة ) بموعد الانتخابات المقررة وفقاً لنص الفقرة ( آ ) من المادة الثانية من قانون المرحلة الأنتقالية بأجراء الانتخابات في موعد أقصاه 31/1/2005.
وتولت عملية الأعداد والتهيئة للانتخابات مفوضية عليا مستقلة عن الحكومة وعن الأحزاب وترتبط بالمنظمة الدولية، وقد تم تخصيص مبالغ كبيرة لها لتمكينها من الأعداد وإصدار الأنظمة الخاصة بأجراء الانتخابات، وكان من المؤمل أن تجري عملية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراق، ولظروف ومعوقات لم يتم استكمال عملية الأحصاء في الموعد المقرر مما جعل المفوضية العليا المشرفة على الانتخابات تدخل إلى حيز العمل باتجاه اعتماد قوائم رسمية لم تجد الحكومة أقرب من القوائم الخاصة بقسائم توزيع المواد الغذائية على العراقيين، بالرغم من السلبيات التي تحتويها هذه القوائم، إذ تحتوي على أسماء وهمية وهويات أحوال مدنية غير حقيقية تم الاعتماد عليها في اصدار البطاقات التموينية، وبيانات رسمية مزورة من أيام النظام البائد وأسماء متوفين وآخرين مهاجرين وغيرها من السلبيات.
وجميع هذه القضايا يمكن ان تجد لها حلولا منطقية ويتم تدقيقها بقدر الامكان من اجل تسهيل عملية الانتخابات والأعداد لتهيئة القوائم.
المشكلة التي بدأت تزداد اشكالاً قضية العراقيين خارج العراق، وهؤلاء يتمتعون بحق المواطنة المقرر دستوريا ولايمكن لأية سلطة بما فيها الحكومة المؤقتة أو المفوضية العليا المشرفة على الانتخابات في العراق أن تلغي هذا الحق، او أن تعمل على إهماله لأنها تفقد ليس فقط المصداقية وإنما تفقد الشرعية القانونية أذا ما أسلمنا بوجود اربع ملايين عراقي خارج العراق، ويمكن في سبيل تسهيل عملية انتخابات العراقيين خارج العراق أن تجد المفوضية والمتخصصين في المجال الحقوقي مخارج عديدة لتسهيل عملية أحصاء أعداد العراقيين وحصرهم وتسهيل عملية أنتخابهم، كما يمكن أن تكون السفارات العراقية ( بعد أن صارت بيوت حقيقية للعراقيين ) ان تساهم في هذا الأمر بمعاونة الجمعيات والتجمعات والشخصيات الوطنية في كل بلد، مع الأخذ بعين الأعتبار أن قضية أزدواجية الجنسية قد حلت بمقتضى نص الفقرة ( ج ) من المادة الحادية عشر من قانون المرحلة الأنتقالية، حيث منح الحق للعراقي أن يحمل أكثر من جنسية واحدة، كما أعاد الجنسية والمواطنة للعراقي المسقطة عنه الجنسية.
دأبت المفوضية العليا ونحن لانشك في مصداقيتها أن تطلق الأعذار والحجج في عدم تمكنها من القيام بالسماح للعراقيين في خارج العراق بممارسة حقهم المشروع في الانتخاب.
أن الأمتناع عن السماح للعراقيين في خارج العراق من المساهمة في الانتخاب ليس له سند من القانون، سيما وأن المفوضية بدأت عملها منذ مدة ليست بالقليلة يمكن معها أيجاد آلية لتنفيذ وتسهيل عملية الانتخابات في موعدها المقرر وبمشاركة الجميع.
العراقيين في خارج العراق مهما أختلفت أفكارهم السياسية ورؤاهم السياسية وقومياتهم وأديانهم يشكلون النخبة الواعية والمثقفة والمتعلمة من ابناء العراق، وهم يشكلون صوتاً مؤثراً في أختيار البرلمان والسلطة القادمة، وأذا كان القانون لم يفرق بين حق العراقي خارج العراق في الترشيح للانتخابات فمن باب أولى أن يكون له الحق في الانتخاب.
وأنطلقت أصوات وطنية عراقية من خارج العراق تدعو الحكومة والمفوضية العليا أن تسهل عملية مشاركة العراقيين في الخارج وأن يتم اختزال الزمن واستغلال الوقت الذي بدأ ينقص بشكل سريع دون أن نجد من المصداقية والجدية في أيجاد أية بادرة أو علامة تشير إلى النية في المشاركة الانتخابية، وتنطلق مجرد وعود كلامية وتطمينات من مسؤولين حكوميين ومطالبات من أحزاب عراقية بضرورة مشاركة العراقيين في الخارج.
أن التسويف والمماطلة في أصدار التعليمات من قبل المفوضية العليا من شأنه ان يخلق عدة نقاط سلبية للطعن في شرعية الانتخابات، كما أنه يسهل لأعداء العراق ويمهد لهم عملية الطعن الشرعي والقانوني، بالأضافة إلى انه سيجعل العديد من العراقيين لايتمكنون من أيفاء التزاماتهم الشرعية المتمثلة بفتوى السيد السيستاني بضرورة المشاركة كضرورة وطنية وشرعية، وكما يشكل العمل المذكور تسويف لايصب في صالح الشعب العراقي ولاقضية بناء مستقبله.
لقد كتب الزميل الكاتب الدكتور زكي ظاهر الأمارة مقالة في موقع ( صوت العراق ) بعنوان ( كيف تشارك الجالية العراقية في الانتخابات المقبلة ) تسائل فيها بحرقة عراقية عن مسؤولية من تقع عملية أستبعا د العراقيين من المشاركة، وتوصل للمطالبة من القضاة والمحامين والقانونيين تكوين هيئة قضائية وقانونية لملاحقة المفوضية العليا للانتخابات.
نحن لانشك في وطنية ونية المشرفين على المفوضية أطلاقاً، ولكن تجارب الأقطار القريبة منا في مشاركة ابنائها بالانتخابات تشكل تجربة جديرة بالأستفادة منها، بالإضافة إلى التجارب الأوربية، ومادام الأمر لم ينته ولم يمر الوقت الحرج بعد نرى أنه بالأمكان أن يتم أيجاد الآلية والطرق السهلة والبسيطة التي تكفل للعراقي مشاركته، خاصة ,ان وسائل التكنلوجيا المتوفرة في أوربا ودول المهجر تسهل العديد من الأمور وتكفل بتحقيق النتائج الأيجابية في إنجاح عملية الانتخاب والتي ننتظرها بفارغ الصبر لتهيئة الأجواء الديمقراطية من اجل خلق البرلمان العراقي الوطني المعبر عن صوت العراقيين والمنبثقة من خلاله حكومة شرعية تأخذ على عاتقها تحقيق الدستور والمجتمع المدني والفيدرالية.
أن ماتقوم به لجنة دعم الحقوق الانتخابية للعراقيين في المهجر من جهود عراقية صميمية ينبغي الالتفات اليها والأهتمام بهذه الأصوات العالية والتي تدعو لصالح عملية البناء الديمقراطي في العراق.
أن المفوضية العليا ومعها الحكومة المؤقتة وجميع المسؤولين والأحزاب الوطنية امام المحك الوطني والمسؤولية التاريخية في أن يمكنوا اخوتهم من الانتخاب والمساهمة في أعداد الدستور الدائم وأعادة الشرعية للعراق، أو ان يقفوا موقفاً سلبياً يذكره التاريخ العراقي المعاصر لهم بكل حزن وعتاب في وقفة تساهم في التراجع المرير للحياة البرلمانية العراقية.
لم يزل الوقت متاح لأن تجد المفوضية فرصتها في أن تتيح للعراقيين فرصة المساهمة وتطبيق النصوص الدستورية والإنسانية في الحقوق.
لم يزل الوقت متاح في أن يتمكن العراقي من ممارسة حقه الدستوري والديمقراطي في أختيار شكل السلطة ونوع الحكم والبرلمان والدستور وشكل الفيدرالية.
لم يزل الوقت متاح للتدارس مع العراقيين الذين دفعهم حبهم واعتزازهم بالعراق وطن العرب والأكراد والتركمالن والكلدان والآشوريين،ووطن المسلمين والمسيحيين واليهود والصابئة المندائية والأيزيدية.
لم يزل الوقت متاح لأن تفكروا بسرعة وتقرروا قبل أن يأخذكم الوقت وتطغي على قراراتكم الأجتماعات المتكررة والمملة.
كلنا ثقة من أن مجموع العراقيين في الخارج سيساهموا ليس فقط في تأسيس اول الخطوات الديمقراطية في الانتخابات العراقية، وانما سيساهموا بكل ثقة بالبناء العراقي وتشييد المستقبل العراقي البهي.
وعلى هذا الأساس سنفكر نحن ابناء العراق من أن المفوضية العليا المشرفة على الأ،تخابات في العراق تضم بينها من الضمائر العراقية الصافية والمنفتحة والوطنية مما يجعلها تفكر بصوت عال وواضح بما يفيد العراق القانوني والدستوري وفق الفرصة الدولية المتاحة في مشاركة الجميع بأطر الانتخابات الحرة.
وستجد المفوضية من كل عراقي في الخارج كل المساعدة والمساهمة دون أجر أو شكر أو ثمن، فكل شيء يهون في سبيل العراق.
لنبدأ سوية اول خطواتنا الديمقراطية دون أن نهمل أحداً او نسمح لأحد أن يتخلف عنا.
لنبدأ سوية أول انتصاراتنا الديمقراطية في التأسيس الصحيح وتشكيل مايعبر عن أصواتنا حقيقة في برلمان عراقي واسع يتسع لكل الأطياف السياسية والقومية والدينية.
لنساهم جميعاً في وضع أول لبنات البناء الحضاري العراقي بعد أن هدم الطاغية مابنته الحضارة العراقية لأكثر من الاف السنين.