أسامة العيسة من القدس: تقف السلطة الفلسطينية عاجزة مع إستمرار الانفلات الأمني في قطاع غزة الذي شهد عدة جرائم قتل واختطاف خلال الأيام الماضية.

وشكلت هذه الجرائم تحديًا للترويكا التي تقود السلطة الفلسطينية والمكونة من محمود عباس (أبو مازن) المرشح للرئاسة واحمد قريع (أبو العلاء) رئيس الوزراء وروحي فتوح الرئيس المؤقت للسلطة.

والملاحظ في هذه الجرائم ارتباطها بشكل مباشر أو غير مباشر بعناصر من الأمن الفلسطيني، مما يجعل مهمة السلطة تزداد صعوبة في وضع حد للانفلات الأمني الذي كان ضحيته الأخيرة مدرسة قتلها مجهول بطعنات سكين أمام زميلاتها.

وجاءت تحذيرات من تدهور متزايد ومرتقب في الوضع الأمني من وزراء في حكومة أبو العلاء، مثل وزير العدل ناهض الريس الذي قال إن الفوضى تنتشر في المجتمع الفلسطيني في ظل غياب القانون وان نتائج هذه الفوضى قد تصيب كل فلسطيني.

وقال الريس أنه توجد تجاوزات من قبل المسؤولين في الأجهزة الأمنية وأشار إلى أن ضعف السلطة القضائية أدى إلى هذه الحالة من الفلتان الأمني.

وتتداخل عوامل مختلفة في استمرار هذا التدهور الأمني وترشيحه للتزايد من بينها عوامل عشائرية وفئوية حزبية وانتشار فرق الحماية الخاصة للمسؤولين الأمنيين، رغم الإعلان عن حل وحدة (الحماية الخاصة) التابعة لجهاز الأمن الوقائي والتي كان يطلق عليها المواطنون فرقة الموت.

ووجهت عائلة إحدى ضحايا عنصر من فرقة الموت نداء للرأي العام للضغط للإيقاع على قاتل ابنهم أقصى عقوبة وعدم التراخي في تنفيذها.

وكان احد أفراد فرقة الموت واسمه عياد أبو عمرة قتل عاهد زهير بسيسو بسلاحه الرسمي على مرأى من أمه وأخوته وزوجته وأطفاله في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004.

ويحتجز أبو عمرة ألان في سجن فلسطيني في قطاع غزة بعد ارتكاب الجريمة بحق بسيسو الذي يملك كراجا لتصليح السيارات.

وحسب تقرير سابق للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فان أبو عمرة، حضر إلى كراج بسيسو المغلق والذي يقع أسفل مسكنه لإصلاح سيارة، فنزل بسيسو من منزله معتذراً عن عدم تمكنه من إصلاح السيارة، طالباً أن يصلحها في اليوم التالي.

وذكر التقرير أن جدلا دار بين الاثنين صعد بعده بسيسو إلى منزله دون أن يصلح السيارة. إلا أن أبو عمرة بقي أمام الكراج واستدعى عدداً من الأفراد، وصلوا إلى المكان بسيارة تابعة لجهاز الأمن الوقائي، وكانوا مسلحين بأسلحة رشاشة، ونزل بسيسو مرة ثانية من منزله وتطور الجدل بين الطرفين، فاستل أبو عمرة رشاشه وأطلق النار على بسيسو فأصابه إصابة قاتلة، في القلب.

وبينت عائلة بسيسو في بيانها أنها اختارت اللجوء إلى القضاء من اجل المساهمة في العمل من اجل ما أسمته استئصال "فكر الجريمة وثقافتها وجميع أشكال ممارستها في المجتمع الفلسطيني".

وحثت الرأي العام والسلطة للإصرار على التعبير الحاسم "عن الرفض والاستنكار الشديدين لجميع أشكال انتهاك حرية المواطن وحقوقه".

وستباشر المحكمة النظر في قضية المغدور عاهد بسيسو في 13 كانون أول (ديسمبر) الجاري وعبرت عائلته عن أملها بصدور حكم "قضائي يوقع الجزاء العادل بمرتكب جريمة القتل العمد ويعزز الثقة بالسلطة ويفسح المجال أمام مواصلة السعي بالطرق القانونية المشروعة نحو تطهير المجتمع الفلسطيني من الآفات الاجتماعية" كما جاء في البيان.

وحسب احمد قريع أبو العلاء فان السلطة ستبدأ بتشكيل قوة تنفيذية مشتركة من كافة الأجهزة الأمنية في غزة، يقدر قوامها بـ 750 عنصراً "مدربا ومجهزا بشكل متميز ليكونوا قادرين على مواجهة أي حدث أو طارئ قد يقع" كما قال في تصريحات له.

وقال إن السلطة مستمرة "في عملية الإصلاح في كافة المجالات، وخاصة المجال الأمني، الذي يحتاج إلى دعم الجميع، من أجل إعادة بناء الأجهزة الأمنية، لتكون قادرة على أداء مهامها في فرض سيادة القانون والنظام وحماية الوطن والمواطن".

ووضع قريع شرطين لنجاح ذلك، الأول توفر دعم مالي جدي وسخي من المانحين والثاني توقف الحكومة الإسرائيلية عن ممارساتها كتوسيع المستوطنات وتهويد القدس وبناء الجدار والتوقف عن عمليات القتل والتدمير والحصار.
وإذا كانت الدول المانحة ستقدم دعما للسلطة، فانه من غير المرجح أن توقف سلطات الاحتلال ممارستها، مما يجعل مسالة وقف التدهور الأمني في قطاع غزة يبدو مستحيلا في الوقت القريب حسب الشرطين الذين تحدث عنها أبو العلاء.