واشنطن، أبوجا: اعلنت وزارة الخارخية الاميركية ان دبلوماسية اميركية رفعية المستوى تزور السودان حاليا حثت السلطات السودانية امس على بذل المزيد من الجهود من اجل حل الازمة في اقليم دارفور الذي يشهد ازمة انسانية خطيرة. بالمقابل، احتج السودان على تحديد مجلس الامن الدولي مهلة له حتى 30 اب(اغسطس) لضمان الامن لـ1.2 مليون نازح. وقالت وكالات تابعة للامم المتحدة إن أحوال اللاجئين في دارفور تزداد سوءا فيما تحاول الحكومة والمتمردون تحقيق تقدم في محادثات تهدف إلى تهدئة الصراع في المنطقة الواقعة في غرب السودان.

حث الخرطوم على بذل جهد أكبر في دارفور
وقال المتحدث باسم الوزارة ريتشارد باوتشر ان مساعدة وزير الخارجية لشؤون افريقيا كونستانس نيومن التقت نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وكذلك وزراء الخارجية والداخلية والشؤون الانسانية بالاضافة الى مسؤولين قبليين. واوضح ان نيومن التي زارت الاثنين مخيمات للاجئين في دارفور (غرب) من اجل تقييم الوضع الانساني ستعود الى واشنطن اليوم الاربعاء.

واشار الى ان هدف البعثة التي تترأسها نيومن هو "التشديد لدى الحكومة السودانية على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الامن (المتعلقة بدارفور) وخصوصا القرار 1556" مذكرا بان مجلس الامن سيجتمع غدا الخميس للنظر في ما اذا كانت الخرطوم قد بذلت الجهود التي طلبت منها الاسرة الدولية بذلها في هذا الخصوص.

الخرطوم تحتج على تحديد مجلس الامن مهلة لارساء الامن في دارفور
وقال وزير الشؤون الانسانية محمد يوسف للصحافيين "لا اعتقد ان هناك انذارا بل اعتقد ان هناك اجراءا جاريا مع الامم المتحدة وان هذا الاجراء يجب ان يبلغ هدفه بعد تسعين يوما". واضاف "ما يجب علينا ان ننظر اليه هو التقدم الذي ينجز على الارض".

وتحدث الوزير السوداني اثناء استراحة في المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الافريقي بهدف التوصل الى اتفاق لوضع حد للازمة الانسانية التي تشهدها منطقة دارفور. وكان من المفترض عقد اجتماع موسع للاتحاد الافريقي مساء امس للتوفيق بين التعديلات المقترحة من الطرفين بخصوص هذا الاتفاق لكنه تأجل الى صباح اليوم الاربعاء بسبب كثرة التعديلات المقترحة والاعتراضات.

واثناء الاجتماع المرتقب اليوم الاربعاء في الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش، ينتظر تقديم صيغة الاتفاق النهائي مع احتمال التوقيع عليه من قبل الطرفين المعنيين. ويرغب الاتحاد الافريقي خصوصا من وراء هذا الاتفاق ان تسحب الخرطوم قواتها من مخيمات اللاجئين والنازحين من دارفور بغية السماح للمنظمات الانسانية والمحققين في انتهاكات حقوق الانسان بحرية التنقل.

الى ذلك سيبحث مجلس الامن الدولي من جهته غدا الخميس في تطورات الوضع في دارفور بعد انقضاء شهر على القرار الذي امهل الحكومة السودانية ثلاثين يوما لارساء الامن في دارفور ومساعدة السكان، تحت طائلة فرض عقوبات. وهذه المهلة انتهت الاثنين بدون ان يفرض مجلس الامن الدولي عقوبات على السودان.

دارفور نحو الأسوأ مع استمرار المحادثات
واضافت وكالات تابعة للامم المتحدة ان لاجئي دارفور يواجهون أعمال العنف وانتشار الامراض فيما يعرقل هطول الامطار الغزيرة جهود قوافل الاغاثة. ووردت هذه التقارير بعد انقضاء الموعد الذي حدده مجلس الامن الدولي للسودان لاثبات قدرته على حماية اللاجئين في دارفور وإلا واجه عقوبات. وقال متحدث باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة في مؤتمر صحافي في جنيف "الوضع الانساني في دارفور يزداد سوءا مع استمرار الانتهاكات وموسم المطر الذي بلغ ذروته والذي يتسبب في إعاقة ووقف تدفق المساعدات الدولية في أحيان كثيرة جدا."

ومن المنتظر أن يتلقى مجلس الامن تقريرا بشأن الوضع في درافور من مبعوث الامم المتحدة الخاص يان برونك الذي من المقرر أن يتحدث أمام المجلس المؤلف من 15 عضوا يوم الخميس. وانهت روسيا التكنهات بشأن هل تقرير سلبي من برونك قد يؤدي إلى حشد عدد كاف من الاصوات في مجلس الامن لفرض عقوبات على السودان بأن قالت إن موسكو تعارض العقوبات.

وقال اندريه دنيسوف سفير روسيا ورئيس مجلس الامن في اخر أيام رئاسته للمجلس للشهر الحالي "في هذا الوضع على وجه الخصوص يمكنني أن أقول بالانابة عن بلدي إنه وفقا للمعلومات التي حصلنا عليها من أرض الواقع والتي نتوقع أن تكون في التقرير فان هناك علامات على أن الوضع بدأ يتغير."

وتعكس هذه التعليقات رأي غالبية معارضة للعقوبات في هذه المرحلة. وروسيا هي احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والتي تتمع بحق النقض (الفيتو).

وضع صحي متأزم
وقالت منظمة الصحة العالمية أمس إن عدد الاصابات بالالتهاب الكبدي الوبائي زاد إلى المثلين تقريبا في دارفور خلال الشهر الأخير بسبب عدم توفر المياه النظيفة وتردي حال أنظمة الصرف الصحي. وبهذا يصبح عدد الاصابات 2432 اضافة إلى 41 حالة وفاة منذ أواخر مايو ايار الماضي. واضافت المنظمة أن هناك 959 إصابة إلى جانب 30 حالة وفاة تعزى إلى الالتهاب الكبدي بين 200 ألف سوداني فروا من دارفور إلى شرق تشاد المجاورة. ووفقا لتقديرات الامم المتحدة توفي نحو 50 ألفا منذ بدء الصراع في دارفور في فبراير شباط 2003.

وأدى الصراع إلى تشريد ما يزيد عن مليون من السكان الذين نزحوا عن ديارهم خوفا من هجمات ميليشيا الجنجويد المنحدرة من أصول عربية والتي يقول المتمردون وجماعات مدافعة عن حقوق الانسان إن حكومة الخرطوم قدمت لها الدعم لشن حملة دموية من التطهير العرقي.

وتقر الخرطوم بأنها تقوم بتسليح بعض الميليشيات لمكافحة الانتفاضة لكنها تنفي أي تواطؤ مع الجنجويد وتقول إنهم خارجون على القانون. وتجري الحكومة السودانية وجماعات المتمردين محادثات سلام منذ أكثر من أسبوع سعيا إلى سبل لتخفيف محنة اللاجئين في دارفور. والمحادثات الجارية في العاصمة النيجيرية أبوجا متعثرة مع تبادل الجانبين اتهامات بانتهاك اتفاق لوقف اطلاق النار.

وقال مندوبون في محادثات امس إن الجانبين ما زالا في مرحلة محاولة التوصل إلى نقطة رئيسية تنطلق منها المحادثات من خلال تضييق هوة الخلاف بشأن مدى سوء الوضع في دارفور. ورفعت المحادثات على أن تستأنف في الساعة التاسعة من اليوم الأربعاء للسماح لمراقبي الاتحاد الافريقي بالاتفاق على اتفاق اطار عمل مقترح بين الجانبين لمعالجة الوضع الانساني في دارفور. وقال ريتشارد هولبروك مندوب الولايات المتحدة السابق لدى الامم المتحدة الذي يقوم بجولة في دارفور للصحافيين إن الأزمة الانسانية ستستمر دون حل سياسي.

وقال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور "لب هذا الأمر مشكلة سياسية وهذه الأزمة الانسانية ستستمر طالما لم تحسم القضايا السياسية." وفي تأكيد على مدى حدة المشاكل في دارفور قال مسؤولون سودانيون إن متمردين من المنطقة خطفوا 22 متطوعا انضموا إلى برنامج لتطعيم حوالي مليوني فرد اضيروا من جراء القتال في المنطقة النائية. وقال حسن ادريس رئيس مكتب عمليات الطواريء وبرنامج التطعيم السوداني إن متمردين من حركة العدل والمساواة خطفوا المتطوعين يوم الاحد. ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولي الحركة للحصول منهم على تعقيب.

ولم تحدد الامم المتحدة ما هي العقوبات التي قد تفرضها على السودان وهو منتج صغير نسبيا للنفط يصدر حوالي 200 ألف برميل يوميا من حقوله في جنوب البلاد. وتحظر عقوبات أمريكية مفروضة بالفعل من جانب واحد على الشركات الامريكية الاستثمار في قطاع النفط بالسودان. وتحت ضغوط من جماعات حقوق الانسان باعت شركة تاليسمان الكندية للنفط وشركة او.ام.في النمساوية للنفط حصصهما في قطاع النفط السوداني.

والامتيازات النفطية الاجنبية قاصرة حاليا على شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية الحكومية وشركة بتروناس الماليزية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية وشركة لوندن بتروليوم السويدية الصغيرة.